محتويات
تقوى الله في الإسلام
تقوى الله في الدين الإسلامي هي أساسه وجوهره الذي قامت عليه تعاليم الشريعة السمحة، والتقوى في اللغة من الوقاية وينعكس هذا المعنى على المفهوم الاصطلاحي للتقوى، فيعرفها الشيخ ابن باز -رحمه الله- على أنها عبادة الله بفعل الأوامر وترك النواهي خوفًا من الله ورغبة فيما عنده، وخشيةً له -سبحانه-، وتعظيمًا لحرماته، ومحبةً صادقةً له ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبعضهم عرّفها على أنها الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، وجميع التعريفات تشير إلى وجود السلوك السوي للإنسان المسلم والذي يترجم على شكل مظاهر خارجية للمتقين، وهذا المقال يسلط الضوء على مظاهر التقوى.
كيف يحقق الإنسان تقوى الله
تقوى الله -سبحانه- من أعظم أعمال القلوب وميزان التفاضل بين الناس قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [١]، وقد عرّف أهل العلم من علماء المسلمين بمعانٍ عدةٍ جميعها تتمحور حول مخافة الله تعالى ورجاء رحمته وجنته لذا على الإنسان المسلم أن يسعى جاهدًا لتحقيق معنى التقوى في حياته اليومية على كافة الصُّعد الدينية والدنيوية من خلال الفهم العميق لتعريف التقوى ومن ثم تحقيق ما يأتي: [٢][٣]
- اجتناب جميع ما نهى الله عنه من الأقوال والأفعال وفِعل كل ما أمر به.
- ترك الشبهات والمحظورات والمكروهات راجيًا ثواب الله وخائفًا من عقابه.
- المواظبة على الإتيان بالسُّنن والنوافل والقُربات كالصدقة ومساعدة المحتاج والرفق بالضعيف واليتيم وغيرها مما ندب الإسلام إلى فعلها دون الأمر بها.
- الإكثار من ذِكر الله تعالى وتسبيحه وحمده والثناء عليه بما هو أهلٌ له.
- الإكثار من قراءة القرآن الكريم.
- المواظبة على أذكار الصباح والمساء وعقب الصلوات كي يبقى الإنسان على صِلةٍ دائمةٍ بربه.
- اختيار الأصدقاء والرفقاء من أهل التقوى والصلاح والابتعاد عن رفقاء السوء والبدعة.
- الإكثار من قراءة سِير وأخبار أهل التقوى والزهد والورع من الأنبياء والصحابة والصالحين.
- تحقيق التوازن العادل ما بين متطلبات النفس والجسد كي لا يطغى جانبٌ على آخر.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم السكوت عن الحق.
مظاهر التقوى في الإسلام
إن مظاهر التقوى تتضح من خلال صفات المتقين الذين جاء القرآن الكريم على ذكرهم في محكم التنزيل في أكثر من موضعٍ وما هم عليه من الأعمال التي يبتغون فيها رضا الله تعالى، وما يميز مظاهر التقوى أنها لا تكون على شكل أفعال يؤديها الإنسان من الخارج، ولا تظهر جميعها على هيئة تصرفات ملموسة، بل إن بعضها يكون من داخل الإنسان عن طريق الحبل الموصول بالله تعالى، وعليه فإن من أهم مظاهر التقوى ما يأتي: [٤]
- المحافظة على الصلاة: إن الصلاة من أهمّ ما يربط العبد بربه، ولها مكانة خاصة في الإسلام فهي ثاني أركانه التي لا يقوم الدين إلا بها، ومن أهمّ ما يتصف به المتقون إقامة الصلاة على وقتها، وأداء النوافل التي تزيدهم قربًا من الله تعالى.
- ذكر الله تعالى: إن المداومة على ذكر الله تعالى تزيد منزلة العبد عند ربه، وتجعله أكثر قربًا منه، كما أنها من العبادات التي يحط الله بها الخطايا ويرفع بها الدرجات.
- التصديق بالغيبيّات: وهي من مظاهر التقوى القلبية للمتقين فَهُم يؤمنون بالغيب، وبما قدره الله تعالى لهم من الرزق، وهذا يجعلهم يعيشون حالة من الراحة القلبية مع الله تعالى، فتصبح قلوبهم معلّقة بخالقهم، ويزيدهم ذلك قربًا منه -سبحانه-.
- البعد عن المنكرات: وهذا يتضمنه معنى التقوى بأن يبتعد الإنسان عن كل ما يغضب الله -عزّ وجل-، فيترك أسباب الانحراف عن دينه الحقّ، وهذا من أهم صفات المتقين خاصة في زمن كثر فيه المنكر، وأصبح فيه الحق باطلاً والباطل حقًا.
- الدعوة إلى الله: إن الإنسان التقيّ يحب الله تعالى، ويأخذ الأسباب في دعوة الناس إلى محبته ومحبة رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فيأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر بأسلوب لا يؤدي به إلى ضجر الناس.
- الإنفاق: من أبرز مظاهر التقوى تخلُّص الإنسان من شُح النفس والإنفاق في أوجه الخير كافة سواءً أكان الإنفاق واجبًا أم مستحبًا عن طيب نفسٍ.
- الإيمان: من خلال الإيمان بأركان الإيمان وكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربه إيمانًا لا يساوره شكٌ، والإيمان باليوم الآخر.
- الوفاء بالعهد والوعد: من أبرز صفات أهل التقوى الوفاء بالعهد والوعد وعدم الخيانة.
- الصبر: من أعظم مراتب التقوى فالصبر على الشدائد والمكاره والمرض والموت من أعظم قربات القلوب إلى الله.
- الصدق: ويكون بالأقوال والأفعال والنوايا فيكون العبد صادقًا مع نفسه ربه والناس أجمعين.
فضل التقوى في الإسلام
أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده بالتقوى وأخبر عباده في كتابه العزيز وعلى لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- على أنّ التقوى هي سبب الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، لذا على المسلم أن يكون من عباد الله المتقين طمعًا في فضلها العميم عليه في الدنيا والآخرة، ويتمثل ذلك الفضل فيما يأتي: [٥]
- الفوز برضا الله -عز وجل- ودخول الجنة.
- زيادة منزلة المتقين عن رب العباد
- البعد عن طريق الباطل والسير في طريق الحق.
- حدوث البركة في العمر والمال والرزق.
- قبول العمل الصالح عند الله -عز وجل-.
- الرحمة في الدنيا والاخرة والتي بها ينال العبد المنزلة العليا يوم القيامة.
- التقوى سببٌ في إمداد المسلم بالعون والنصر والتأييد.
- حصول الطمأنينة النفسية والسلام الداخلي إذ إن التقوى ملاذ كل خائفٍ.
- إنارة القلب بنور الحق للتمييز بين الخبيث والطيب من الأقوال والأفعال.
- المقدرة على هزيمة الشيطان وأعوانه.
- تيسيير الأمور وقضاء الحوائج وتفريج الكربات.
- التقوى سببٌ أساسيٌّ في قبول العمل.
- النجاة في الآخرة من العذاب وأهوال يوم القيامة.
- مغفرة الذنوب والزلات.
- التقوى من صفات أهل الله وخاصته وأوليائه.
أدلة عن التقوى في القرآن والسنة
جاء القرآن الكريم على ذكر التقوى في العديد من الآيات إذ بلغت أكثر من مائتين وخمسين موضعًا، وفي بعض الآيات الكريمة تكرر لفظ التقوى في الآية الواحدة أكثر من مرةٍ كما في قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّه"[٦]، وقوله تعالى:"لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[٧]، ومن الآيات التي وردت فيها كلمة التقوى مخاطبة العديد من الأنبياء لأقوامهم وحثهم على تثقوى الله قال تعالى:"وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ"[٨]، وقال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ"[٩]، كما جاء القرآن صفة أهل التقوى وهم المتقين في أكثر من موضع:"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ"[١٠]، كما جاء لفظ التقوى في قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"[١١][١٢]
وفي السنة الشريفة جاءت العديد من الآحاديث الصحيحة المتواترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم والتي تحث على تقوى الله كقوله -عليه الصلاة والسلام-:" لا تحاسَدوا، ولا تَناجَشوا، ولا تباغَضوا، ولا تدابروا، ولا يبِعْ بعضُكُم علَى بيعِ بعضٍ، وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلِمُهُ ولا يخذلُهُ، ولا يحقِرُهُ التَّقوَى ههُنا ويشيرُ إلى صدرِهِ ثلاثَ مرَّاتٍ بحسبِ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحقِرَ أخاهُ المُسلمَ، كلُّ المسلمِ علَى المسلمِ حرامٌ، دمُهُ، ومالُهُ، وَعِرْضُهُ" [١٣]، وقال -عليه الصلاة والسلام-:"جاءَ رجُلٌ إلى النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أريدُ سفرًا فزوِّدني. قالَ: زوَّدَك اللَّهُ التَّقوى،قالَ: زِدني. قالَ: وغفرَ ذنبَك، قالَ: زدني بأبي أنتَ وأمِّي. قالَ: ويسَّرَ لَك الخيرَ حيثُما كنتَ" [١٤][٥]
المراجع
- ↑ {الحجرات: الآية 13}
- ↑ كيف ننمي تقوى الله في قلوبنا؟, "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 05-12-2018، بتصرف
- ↑ التقوى ومعناها وحقيقتها،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 05-12-2018، بتصرف
- ↑ صفات المتقين في ظلال القرآن الكريم،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 05-12-2018، بتصرف
- ^ أ ب تقوى الله فضلها وثمراتها،, "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 05-12-2018، بتصرف
- ↑ {الحشر: الآية 18}
- ↑ {المائدة: الآية 93}
- ↑ {الزخرف: الآية 63}
- ↑ {النحل: الآية 128}
- ↑ {المرسلات: الآية 41}
- ↑ {المائدة: الآية 8}
- ↑ آيات عن التقوى،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 05-12-2018، بتصرف
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2564، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: أنس بن مالك، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3444، خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح