إرسال الرسل
إنَّ العقل البشري قاصرٌ عن إدراك المنهج الصحيح لعبادة الله -عزَّ وجلَّ- كما أنَّه قاصرٌ أيضًا عن التنظيم والتشريع المناسب للأمم، لذلك اقتضت حكمة الله -تعالى- بإرسال الأنبياء والرسل لإرشاد الناس وتوجيههم لما فيه الخير والصلاح في دينهم ودنياهم، ثمَّ أيَّد الله -عزَّ وجلَّ- أنبياءه ورسله بالآيات البيَّنات التي تدلُّ على صدقهم؛ حيث قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ}،[١] وذلك لأنَّ انقياد النَّاس للإيمان بدعوة الرسل تكون أسرع وأقوى وأشدُّ تماسكًا عند رؤيتهم لهذه الآيات، وهذا التأيد من رحمة الله -عزَّ وجلَّ- بأنبياءه ورسله،[٢] وسيتم تخصيص هذا المقال لبيان معنى المعجزة وضابطها ثمَّ سيتمُّ ذكر معجزات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
المعجزة
إنَّ المعجزة في الاصطلاح الشرعيّ هي: ما يجريه الله على أيدي رسله وأنبيائه من أمور خارقة للسنن الكونية المعتادة التي لا قدرة للبشر على الإتيان بمثلها، وضابط المعجزات أن تكون خارجة عن قدرة البشر خارقة للعادة، مقرونة بالتحدِّي، وكذلك لا بدَّ أن تكون سالمة عن المعارضة، ومن هنا يتبيَّن أنَّ ما يُعطيه الله -عزَّ وجلَّ- للأنبياء من الآيات غير المقرونة بالتحدي، وكذلك ما يُعطيه الله -عزَّ وجلَّ- لغير الأنبياء من الكرامات لا تندرج ضمن المعجزات بل هي خارجة عن ذلك.[٣]
معجزات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
إنَّ محمد بن عبد الله هو أحد أنبياء الله -عزَّ وجلَّ- وخاتمهم، وقد أيَّده الله -عزَّ وجلَّ- بالآيات البيّنات الدالة على صدقه ونبوَّته،[٤] وانقسمت معجزاته إلى نوعين: النوع الأول معجزات حسيَّة، والآخر معجزات عقلية معنوية، وقد امتازت معجزاته عن معجزات الأنبياء الآخرين بعالميَّتها وعظمتها وخلودها،[٥] وفيما يأتي ذكر معجزات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
- القرآن الكريم: وهو كتاب الله وكلامه الخالد الذي حفظه من التغيير والتبديل،[٤] وأقام به الحجَّة على الخلق،[٥] وتحدَّى به فصحاء العرب وعجزوا عن الإتيان بمثله،[٤] إذ قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}.[٦]
- الإسراء والمعراج: وهي سريان جبريل بالنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثمَّ الصعود به إلى السماء العلا، وتجاوزها إلى سدرة المنتهى،[٤] وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}.[٧]
- انشقاق القمر:[٨] وما يدل على هذه المعجزة من كتاب الله قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}.[٩]
- إخباره بالأمور الغيبية: فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخبر بأمور الغيبية مثل إخباره عن الأمم السابقة والرسل وما جرى بينهم وبين أقوامهم، ودليل ذلك من كتاب الله عزَّ وجلَّ: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ}[١٠] بالإضافة إلى إخباره بالأمور المغيَّبة التي وقعت في حينها.[١١]
المراجع
- ↑ سورة الحديد، آية: 25.
- ↑ "حكمة إرسال الرسل "، islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
- ↑ "المبحث الأول: تعريف الآية والمعجزة"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "خـاتم الأنبيـاء"، islam.gov، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "معجزة النبي صلى الله عليه وسلم تمتاز عن معجزات كل الأنبياء"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 88.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 1.
- ↑ "من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة القمر، آية: 1-2.
- ↑ سورة هود، آية: 49.
- ↑ "المطلب التاسع: إخباره بالأمور الغيبية"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.