معلومات عن إلياذة هوميروس

كتابة:
معلومات عن إلياذة هوميروس

هوميروس

يعدّ هوميروس من أشهر الشّعراء الإغريقيين، وتَروي الأخبار أنّه كان رئيسَ المنشدين في زمانه رغم كونه فاقدًا للبصر، اكتسب شهرته من تأليفه لملحمتين شعريتين تعدّان من أعظم الإنتاجات الأدبية في فن الملحمة الشعرية، حملتا اسم الإلياذة والأوذيسة، خلّدت الأولى أحداث حرب طروادة التي وقعت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، بينما تحدثت الأوديسة عن مغامرات القائد أوذيسيوس في أثناء عودته من الحرب بعد أن شارك في استباحة مدينة طروادة، وقد اختلف المؤرخون حول القرن الذي عاش فيه هوميروس؛ لكن أغلب الأبحاث الحديثة تشير إلى أنه عاش بعد الحرب بعدّة قرون، وتحديدًا في القرن الثامن قبل الميلاد، ويأتي تاليًا سرد لأحداث إلياذة هوميروس مع الحديث عن شخصياتها، وقيمتها الفنية والأدبية.[١]

قصة إلياذة هوميروس

تُركّز إلياذة هوميروس على أحداث الأسابيع الأخيرة من حرب طروادة التي استمرت لعشر سنوات، لكن هوميروس في ملحمته العظيمة التي نسجها شعرًا في نحو خمسة عشر ألف بيتٍ يروي قصّة الحرب، بداية من أسبابها، وصولًا إلى نتائجها المدمرة على الطرفين، مرورًا بتصوّير عام لأحوال الحضارة الإغريقية والمجتمع اليوناني وظروف المجتمع الطروادي الذي صمد تحت الحصار مدة عشر سنوات.[٢]

تبدأ قصة الحرب التي خلدتها إلياذة هوميروس حين تثير آلهة النزاع إيريس الفتنة بين ثلاث إلهات اليونانيات هنّ: أثينا وهيرا وأفروديت اللائي دعين إلى حفل زفاف ثيتس دونها؛ حيث ألقت بينهم تفاحةً كتب عليها: "للأجمل" فيختلفن فيمن أحق بها حتى يقوم زيوس بتحكيم أجمل البشر من الرجال، وهو باريس بن بريام ملك طروادة، فيحكم لأفروديت التي وعدته إن حكم لها أن تزوجه أجمل امرأة، ولكن الأجمل هي هيلين زوجة مينيلاوس، وهو الأخ الأصغر لأغاممنون أحد ملوك اليونان.[٢]

تهرب هيلين مع باريس بتدبير من أفروديت، الأمر الذي يجر على باريس غضب الإلهتين هيرا وأثينا وسائر ملوك اليونان الذين يحشدون القوات معلنين الحرب على إلياذة، وهي اللفظة اليونانية لكلمة طروادة، ويستعدّ الطرواديون لرد اليونانيين الذين ضربو عليهم الحصار، حصار يطول لعشر سنوات عاشتها طروادة بأقصى الظروف، كان فيها ما فيها من سفك الدماء والخسائر التي لا تحصى من الطرفين.[٢]

أحداث إلياذة هوميروس تسرد قصّة البطل آخيل اليوناني الذي يعتزل الحرب مدّة من الزمن ردًا على أسر حليفه أغاممنون لابنة أحد القسيسين، وعندما يَقبل أغاممنون بردها، ويعتذر من آخيل يرفض آخيل اعتذاره، ويصر على اعتزال الحرب؛ لكن مقتل صديقة باتروكلوس على يد البطل الطروادي هكتور يشعل في قلبه نار الثأر، فيعود للقتال، ويصرع هكتور، ويمثل بجثته إلى أن يشفق على والده بريام العجوز ويسلمه جثة ابنه.[٢]

في نهاية الحرب يُقتل آخيل على يد باريس بعد إصابته في عقب قدمه، وهي نقطة ضعفه الوحيدة التي لم تمسها الماء المقدسة حين باركته الآلهة، ثم يلجأ اليونانيون لخديعة كبرى؛ يوهمون فيها أهل طروادة بالانسحاب تاركين حصانًا خشبيًا ظنه أهل طروادة اعترافًا من اليونانيين بفشلهم أمام أسوار طروادة المنيعة، وحين أدخل الطرواديون الحصان، وسَكِروا واحتفلوا خرج من الحصان رجال اشداء فتحوا الأبواب للجيوش اليونانية التي استباحت المدينة وأحرقتها، وعرفت الخديعة باسم حصان طروادة.[٢]

شخصيات إلياذة هوميروس

تجمع إلياذة هوميروس عدة أنواع من الشخصيات التي تشترك في تحريك أحداث الملحمة من خلال كثرتها وتنوع أدوارها في تصوير تفاصيل الحرب وما رافقها من مشاعر إنسانية متناقضة تجمع بين الحب والعاطفة والحزن والنشوة، وفيما تنقسم الشخصيات حسب انتمائها الاجتماعي إلى آلهة وملوك وأبطال يلحظ القارئ تنوع آخر من حيث تأثير الدور على الأحداث بين شخصيات رئيسية وأخرى ثانوية، وفي العموم يمكن وضع جميع شخصيات إلياذة هوميروس ضمن تقسيم أعم على الشكل الآتي:[٣]

  • اليونانييون: ومنهم الأبطال والملوك، وهم بين شخصيات رئيسية وثانوية:
    • أغاممنون: شخصية رئيسة، وهو ملك موكناي.
    • آخيل: يعدّ أهم الشخصيات، وهو بطل يوناني والدته ثيتيس نصف آلهة.
    • مينيلاوس: شخصية رئيسية، وهو ملك إسبرطة.
    • هيلين: زوجة مينيلاوس التي هربت مع باريس.
    • أوذيس: ملك إيثاكا وهو بطل ملحمة الأوديسة.
    • أجاكس الأعظم.
    • أجاكس الأصغر.
    • باتروكلوس.
    • نستور.
    • ديومودس.
  • الطرواديون: وهم أيضًا ملوك وأبطال، وأهم الشخصيات منهم:
    • هكتور: ابن بريام أحد أبطال طروادة.
    • باريس: وهو ابن بريام أيضًا وعشيق هيلين.
    • بريام: ملك طروادة العجوز.
    • أندروماخه: زوجة هكتور.
    • يوليديماس.
    • أكنور.
    • بريسيس.
  • الآلهة: وهم أيضًا متفاوتون من حيث أهمية شخصياتهم، ومن أهمهم:
    • زيوس
    • هيرا.
    • أرتميس.
    • أثينا.
    • أفروديت.
    • أبولو.
    • آرس.
    • هادس.

الملامح الأسلوبية والفكرية في إلياذة هوميروس

استقى هوميروس مادته -كما هو معروف لدى أغلب الباحثين- من قصص وأشعار قديمة، نسجها من كان قبله من الشعراء؛ لكنه بلا شك نسجها في النهاية حسب أسلوبه مضفيًا عليها وحدة الموضوع؛ لتكون ذات بنية أدبية متماسكة تلائم روح عصره بما حمله من تغيرات كبيرة عن واقع العصر التي قامت فيه تلك الحرب.[٣]

وهكذا بدت إلياذة هوميروس كواحدة من أروع ملامح الأدب الكلاسيكي؛ حيث مهّدت الطريق مع الأوذيسة لتأسيس شكل الملاحم الشعرية وهيكلة مضمونها مع بلورت مختلف تفاصيلها من أسلوب لُغويّ وأوزان شعرية وأجواء درامية مشوّقة، وهو الأمر الذي أظهرت عبقرية هومروس وفنه، ورقي انتاجه الأدبي.[٤]

بالإضافة إلى ما تحتويه إلياذة هوميروس من جماليات أسلوب السردي الشعري؛ فإنها تضم أيضًا كمًا هائلًا من الملامح الفكرية واستشراف المستقبل والفلسفة التي أضفاها هوميروس من خلال تناوله لبواطن النفس الإنسانية وما يعتلج فيها من نوازع وغرائز مبطنة تبرز من خلال إظهار الشجاعة والبسالة في أرض المعارك كنقيض للغدر والخيانة التي تمارسها بعض النفوس الضعيفة في إطار ملحمي درامي مليئ بمشاهد العنف والقتل والاغتيالات.[٢]

كما تظهر جليًا غريزة الانتقام التي يبديها البطل آخيل بعد مقتل صديقه الذي حزن عليه آخيل أشد الحزن مقسمًا بالأخذ بالثأر من القاتل ما دفعه للعودة للقتال بكامل شجاعته حتى تحقق له ثأره بقتل هكتور غير مكتفي بالقتل حتى أقدم على التمثيل بالجثة في محاولة منه للتشفي بهدف الوصول إلى نشوة السلام التي لم يبلغها إلا عندما وصل للغفران سامحًا لوالد هيكتور بأن يأخذ الجثّة مع وعده بإيقاف القتال عدّة أيام حتى يتسنى لهم دفن الجثة وإكرامها.[٥]

وكذلك تبرز في إلياذة هوميروس الرغبات الأنثوية ومدى علاقتها بالحرب التي يقودها الرجال ويهوونها، ومن ذلك ما بدأ من فكرة الغيرة بين الإلهات الثلاث، واختلافهم حول من الأجمل وصولًا إلى هرب هيلين مع باريس رضوخها لعواطفها التي جرّت عليها وعلى قومها الويلات، ثم يلمح القارئ في مشهد وداع هكتور لزوجه أندروماخه حرص المرأة على زجها وحبها له وحزنها على فراقه، وبالمجمل ظهرت المرأة في إلياذة هوميروس بمختلف أدوارها كأم وزوجة وحبيبة وعشيقة فضلًا عن تصوير الأنثى في عالم الآلهة وما يحويه من أمور عجائبية في عقائد اليونانيين.[٢]

تأثير الإلياذة في الفنون والآداب العالمية

ولا مجال في أثناء الحديث عن إلياذة هوميروس من إغفال أثارها الكبيرة التي لا يمكن إحصاء جوانبها في مختلف الفنون الأدبية والفنون البصرية؛ فقد تركت هذه الملحمة أثرًا واضحًا في الأدب العالمي على مستوى التأليف الأدبي وعلى مستوى ترجمتها لمختلف اللغات؛ كما تعدّ مادة خصبة للدراسات في مجال النقد الأدبي، ولاسيما في فهم التطوّر الأدبي الأوربي منذ القرن السابع الميلادي، وما رافقه من تطور في السرد الشعري والنص السردي عموما، وكذلك المسرح وتمثيل المعارك بما فيها من بطولات ومن حالات نفسية متناقضة أمام أقدار الحرب، وهو ما تكرر وروده من خلال التركيز على عدد من شخصيات الإلياذة في أعمال فنية لاحقة من إبداع شعراء اليونان كسوفوكليس ويوروبيدس وأسخيلوس الذين اشتهروا في القرن الخامس.[٣]

ولم يَخْلُ فن الرسم والنحت من آثار إلياذة هوميروس، حيث اقتبس عدد كبير من الرسّامين والنحاتين صورًا من الإلياذة، وجعلوها مادة لأعمالهم الفنية البديعة كلوحة غضب آخيل للرسام مايكل درولينك ولوحة قتل آخيل لهكتور لبيتر روبنز، وغيرها من الأعمال الفنية التي توجها في النهاية الفن السابع من خلال أعمال سينمائية تناولت أحداث حرب طروادة، ومختلف أعمال الشاعر هوميروس.[٣]

المراجع

  1. "هوميروس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-01-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ "الإلياذة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-01-2020. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث "الإلياذة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-01-2020. بتصرّف.
  4. "الإلياذة"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-01-2020. بتصرّف.
  5. "الإلياذة و الأوديسة"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-01-2020. بتصرّف.
5096 مشاهدة
للأعلى للسفل
×