محتويات
علم الأفكار
عِلم الأفكار هو واحدٌ من أهمّ الفروع العلمية في العصر الحديث، يبحث علم الأفكار في تاريخ الفكر البشري، كما يتناول في أبحاثه ثبات هذا الفكر أو التغيرات التي تطرأ عليه على مرِّ العصور والأزمان، ولذلك فإنَّ العمل في علم الأفكار وتاريخها لا يرتبط بعلم معين من العلوم المعروفة، بل قد يرتبط بكثير من التخصصات كعلوم التاريخ والفلسفة والأدب والعلوم الطبيعية وغيرها، ويجدر بالذكر أنَّ علم تاريخ الأفكار من الاختصاصات العلمية المستقلة منذ ثلاثينيات القرن الماضي في السويد، ويوجد اليوم الكثير من الجامعات التي تعطيه فضاءً مختَّصًا به، وتعدُّ الأيديولوجية إحدى صور علم الأفكار وسيدور الحديث حولها في هذا المقال.[١]
مفهوم الأيديولوجية
يمكن القول بأنَّ الأيديولوجية هي علم الأفكار أو علم تاريخ الأفكار سابقًا، لكن في الوقت الحالي أصبح لها معنىً أكثر خصوصيَّةً وذلك حسب المنظور الذي يوجَّه إليها، فأصبح هذا المفهوم العريض يُطلق على علم الاجتماع السياسي بشكل دقيق، ومفهوم الأيديولوجية هو مفهوم واسع جدًّا حمل العديد من التعريفات التي جعلت له استخدامات متعددة أيضًا، فقد تمَّ تعريف هذا المفهوم في علم الاجتماع بشكل محايد فقيل: إنَّه نسق من المفاهيم والمعتقدات التي تسعى إلى تفسير الظواهر الاجتماعية المعقدة من خلال المنطق الذي يعمل على توجيه وتبسيط الخيارات السياسية والاجتماعية سواء كان ذلك للأفراد أو للجماعات، وأمَّا من وجهة نظر أخرى فإنَّها نظام من أفكار متداخلة كالأساطير والمعتقدات التي يؤمن بها شعب معين أو مجتمع ما، وتعكسُ مصالحه واهتماماته الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية وتسعى إلى تبريرها في الوقت نفسه.[٢]
وبمعنى آخر فإنَّ الأيديولوجية عبارة عن منظومة أفكار مرتبطة اجتماعيًا بمجموعة عرقية أو اقتصادية أو سياسية وما إلى هنالك، وهي منظومة تعبِّر عن المصالح الواعية لتلك المجموعة على شكل نزعة مقاومة للتغيير ومضادة للتاريخ أيضًا، فهي تشكِّل تبلور نظري لأحد أشكال الوعي المزيف[٢]، ومن أشهر الإيديولوجيات التي ظهرت في العصر الحديث: الشيوعية، الفاشية، الديمقراطية وغيرها، وقد برزت أفكارها في كتابات كثيرين من المشاهير من علماء ومفكرين وقادة مثل: كارل ماركس، هتلر، إنجلز وغيرهم، وغالبًا ما تتخطى الأيديولوجيات حدود الدولة لتنتشر في دول أخرى من خلال العديد من الطرق، سواءً بالقوة أو التبشير، ولا تلبث بعد انتشارها أن تتكيف مع ثقافة وبيئة كل دولة كما حصل مع الشيوعية عندما تمَّ تفسيرها بأكثرمن طريقة في مختلف الدول التي تبنَّتها.[٣]
خصائص الأيديولوجية
لا يمكن لأي منظومة أفكار أن تدعى أيديولوجية إلا إذا تميَّزت بعدد من الخصائص حدَّدها العلماء الأخصائيين في ذلك المجال، وعلى الرغم من أن البعض يشيرُ إليها بأنها مثل قناع أو تعارض مع العلم ومع رؤية الكون كذلك، إلا أنَّها في النهاية منظومة أو مجموعة أفكار ومعتقدات ومبادئ وعلى حسب وجهة نظر الأمريكي ويلارد مولنز فإنَّ أهمَّ ما يميِّز تلك المنظومة حتى تغدو أيديولوجية بحق كما تمَّ تعريفها هي الخصائص التي سيتمُّ إدراجها فيما يأتي:[٤]
- يجب أن يكون للأيديولوجية قدرة على توجيه عمليات التقييم لدى الفرد.
- يجب أن يكون للأيديولوجية سلطة على الإدراك.
- أن تكون متماسكة بشكل منطقي.
- أن يتمَّ فيها توفر التوجيه إلى العمل.
أنماط الأيديولوجية
لقد أشار عالم الاجتماع المجري كارل مانهايم إلى التشوه الأيديولوجي والوعي الزائف، وهو تفسير غير صادق يضعه أحد الأشخاص، وأكد على ذلك غيرُه من العلماء مشيرًا إلى أنَّ كلمة أيديولوجية قد تعني في بعض الأحيان طريقة خاطئة في التفكير النسقي ووعي زائف، لذك قام مانهايم آنف الذكر بالتفريق بين نمطين من الأيديولوجيات، وسيتمُّ الحديث عنهما فيما يأتي:[٤]
- أيديولوجية خاصة: وهي الأيديولوجية التي لا تتعلق إلا بمفهوم الفرد فقط، وتتناول تبرير الأفراد لجميع المواقف التي قد تهدد مصالحهم الشخصية ومكاسبهم.
- أيديولوجية كلية: وهي أيديولوجية ترتبط بشكل وثيق بتفكير سائد ضمن طبقة معينة من الناس او في فترة تاريخية معينة، ومن الأمثلة على ذلك: النمط الفكري السائد لدى البرجوازية أو البروليتاريا وهي الطبقة العاملة.
وقد عرَّفها مانهايم على ضوء ذلك التقسيم بأنها مجموعة من القيم الأساسية ونماذج للمعرفية وللإدراك، ترتبط مع بعضها وترتبط مع القوى الاقتصادية والاجتماعية، وبناءً على ذلك يظهر أيضًا أيديولوجيتان يمكن التفريق بينهما في أي مجتمع طبقي، و هما:[٤]
- أيديولوجية الجماعة الحاكمة: والتي تريد أن تفرض أفكارها وتصوراتها على أفراد المجتمع، وتبرر وتدافع عن الأوضاع السيئة.
- أيديولوجية الجماعات المستضعفة الخاضعة: التي تسعى لتغيير تلك الأوضاع السيئة وتحقيق العدالة وتغيير بناء السلطة.
استخدام الأيديولوجية في الفكر المعاصر
بعد أن دار الحديث حول مفهوم الأيديولوجية والخصائص التي تميزها عن غيرها من المنظومات الفكرية، وبعد أن تمَّت معرفة أنماطها بشكل مفصَّل، كان لا بدَّ من التطرُّق إلى بعض استخداماتها في الفكر المعاصر وفق منظور بعض النقاد الذين تناولوها بالبحث والدراسة والتمحيص، فحسب بعض النقاد إنَّ الأيديولوجية مفهوم مزدوج بين الوصف والنقد، فهو وصفي ونقدي في آن واحد، فالوصفي عندما تظهر كما لو أنَّها مطابقة للواقع، في حين أنَّ الباحث يكتشف أنَّها لا تعكس الواقع بالشكل الصحيح أبدًا، لكنها رغم ذلك وظِّفت في العديد من الاستخدامات في العصر الحديث، وفيما يأتي سيتمُّ المرور على استخدامها في الفكر المعاصر:[٥]
- في المجال المجتمعي: حيثُ تعمل الأديولوجية وكما ظهر من خلال أدوارها التاريخية على مر السنين على تحديد أفكار وأعمال الجماعات والأفراد على حد سواء، وذلك بطريقة خفية غير واعية، وهذا ما يسمى تحديدًا بمفهوم الأدلجة.
- في المجال السياسي: حيثُ يعتقد بعض الأشخاص أن ما يلتزم به من أيديولوجية عبارة عن عقيدة تحتاج إلى وفاء وتضحية، وفي الوقت نفسه يجعل من أيديولوجية الطرف المقابل قناع يخفي الشر والخبث، ولا يحكم على أيديولوجيته من مبدأ الحق والباطل بل من خلال النظر إلى مدى فاعليتها، كما في أيديولوجيات كثير من الأحزاب.
- في مجال الفرد: كأفكار الإنسان ومبادئه في تعامله مع الوسط المحيط به، حيثُ يعدُّ ذلك أيديولوجية فردية تخصُّ شخصًا بعينه لا غيره.
المراجع
- ↑ "تاريخ الأفكار"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "أيديولوجيا"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "الأيديولوجية والتقاليد التاريخية ووظائف الأنساق العقدية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "أيديولوجيا"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "مفهوم الإيديولوجيا"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.