الخط الديواني
إنّ الخطوط العربيّة كانت -وما تزال- علامة فارقة في تاريخ الحضارة العربيّة والإسلاميّة، ويمكن القول الحضارة الإسلاميّة على نحو خاصٍّ؛ لأنّ الخطّ العربيّ قد شهد ذلك التّطوّر الهائل في ظلّها، وقد طوّرت بعض الشّعوب المسلمة من غير العرب أنواعًا كثيرة من الخطوط العربيّة؛ لأنّه منذ دخول الإسلام لم يعدّ هنالك فرقٌ بين عربيّ وأعجميّ إلّا بتقوى الله تعالى، وقد شهد الخطّ العربيّ اهتمامًا فائقًا من الشّعوب المسلمة غير العربيّة؛ فطوّروا وابتكروا أنواعًا كثيرةً من الخطوط؛ كالفرس الذي طوّروا خط النّستعليق من خلال دمج الخط الفارسي والنسخ والتعليق، وكذلك العثمانيّون قد طوّروا الخط الرّيحانيّ واخترعوا منه الخط الديواني، وقد سُمّوه الخط الديواني لأنّهم كانوا يستعملونه في الكتابة الديوانيّة.[١]
تاريخ الخط الديواني
يعود تاريخ الخط الديواني إلى القرن التاسع الهجري، وتحديدًا بعد فتح القسطنطينيّة على يد السلطان الغازي محمد الفاتح رضي الله عنه، وقد عرفه الأتراك في ذلك الوقت بصفة رسميّة، وأوّل من وضع قواعده هو الخطّاط إبراهيم منيف الذي عاصر السلطان الفاتح وعاش في زمانه، ثم تَبِعَهُ في ذلك خطّاطون آخرون مثل شهلا باشا والحافظ عثمان ومحمد عزّت، وهؤلاء انتهت إليهم الإجادة في الخط الديواني، وفي البلاد العربيّة وضع الخطّاط مصطفى غزلان قواعده وجمّله حتّى صار الخطّ يُنسَبُ إليه في ذلك فيُسمّى: الخط الغزلانيّ، وقد أُطلِقَ عليه لقب الديواني نسبةً إلى ديوان السلطان العثماني؛ إذ كان يُستعمل في كتابة المراسلات السلطانيّة، وهذا الخط قريب لدرجة الاستنساخ من خط الرقعة، ولذلك فقد أطلقوا عليه أحيانًا اسم "رقعة الباب العالي".[٢]
ثمّ صار بعدها يتخصّص بكتابة الأوامر الديوانيّة والإنعامات السلطانيّة والبراءات؛ فلذلك أطلقوا عليه اسم الخط الديواني، وفيما بعد أُدخلت عليه بعض التعديلات والتحسينات ليكتسب بعض المرونة، ويتناسب مع وضعه الجديد، ومركزه المرموق العالي، ومن أسمائه التي أُطلِقَت عليه: الخط الغزلاني؛ نسبةً إلى مصطفى غزلان واضع قواعده في البلاد العربيّة، والذي استطاع أن يُجمّل الخط ويُضفي عليه لمسته، وكذلك أطلقوا عليه اسم الخط السلطاني؛ نسبةً إلى ديوان السلطان العثماني، ورقعة الباب العالي؛ لأنّه مستنسخ عن الرقعة إلى حدّ كبير.[٢]
خصائص الخط الديواني
بعد الوقوف على تاريخ الخط الديواني فإنّه ينبغي الوقوف على خصائص هذا الخط وما يميزه عن غيره من الخطوط العربية؛ إذ لكلّ خطّ تصميمه الفريد الذي لا ينازعه فيه خطّ آخر، ولكلّ خطّ بصمة هي أشبه ببصمة الإنسان التي تُشكّل عنده علامة فارقة من الصّعب الاختلاط مع بصمة أخرى لشخص آخر، وكذلك الخطوط فإنّ كلّ واحد منها قد أدخل عليه الخطّاطون من التعديلات والتحسينات ما جعلت التّشابه بينه وبين خطّ آخر أمر في غاية الصّعوبة، ومن خصائص الخط الديواني جماليّته التي يستمدّها من حروفه المستديرة المتداخلة التي تشبه الهلال أحيانًا، ولكنّ ذلك يكون على حساب القراءة؛ إذ إنّ ذلك سيُصعّب مسألة قراءة الكلمات بوضوح على القارئ؛ فيصعب على القارئ التّفريق بين حرفَي الألف واللّام إذا جاءا في بداية الكلمة، وكذلك قد يلجأ خطّاط الخط الديواني أحيانًا إلى ربط الحروف المنفصلة بالحروف التي تأتي بعدها، ومن تلك الحروف الراء والواو والدال وغيرها.[٣]
وقد تفرّع عن الخط الديواني نوعين: الخط الديواني العادي وهو خطٌّ خالٍ من الزخرفة، والخط الديواني الجلي، وهو خطٌّ يُستعمل في الزّخارف، وتكثر فيه علامات الزخرفة لملء الفراغات بين الحروف، ومن الخطّاطين الذين أتقنوا الخط الديواني حتى ذاع صيتهم يُذكر الخطّاط هاشم محمّد البغدادي، والخطّاط عبد الكريم الرمضان، والخطّاط يوسف ذنّون، والخطّاط محمد عبد القادر، والخطّاط زايد عبد القادر، والخطّاط إبراهيم الرفاعي، والخطّاط محمد طاهر الكردي وغيرهم.[٣]
المراجع
- ↑ د. عادل الألوسي (2008)، الخط العربي نشأته وتطوره (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة الدار العربية للكتاب، صفحة 9 وما بعدها. بتصرّف.
- ^ أ ب "خط ديواني"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-02-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "خط ديواني"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 17-02-2020. بتصرّف.