معلومات عن الديانة الوثنية

كتابة:
معلومات عن الديانة الوثنية

مفهوم الديانة الوثنية

إن للوثنية مفهوم عام ومفهوم خاص أما مفهومها العام فهو: معتقدٌ دينيٌّ وأسلوب تفكير أُسس على الإيمان بوجود أكثر من إله خالق للكون، وكما تمّ تعريف الديانة الوثنية في قاموس الأديان والحركات الفلسفية الفرنسي بأنّها: "ملَّة تقدّس عدة آلهة مجتمعة في مجمع للآلهة، تسير من خلاله كل جوانب الكون والحياة"،[١] أمّا مفهومها الخاص وهو المراد في إطار الحديث عن الوثنية من وجهة نظر الإسلام فهو: عبادة تلك الأوثان ومع التعلق التام بها، ويُشار بهذا المصطلح إلى الأديان الأرضية التي تعبد الأصنام؛ كمشركي العرب والهند واليابان ونحوهم، بخلاف أهل الكتاب من اليهود والنصارى وسيتحدّث هذا المقال عن الديانة الوثنية في جزيرة العرب وبعضٍ من أشكال الوثنية ومظاهرها.[٢]

الديانة الوثنية في الجزيرة العربية

انتشر الدين الوثني في جزيرة العرب قبل الإسلام؛ رغم وجود ثُلّة من الأشخاص الذين رفضوا الوثنية وعبادة الأصنام ودانوا بالدين الحنيف وسُمّوا بالأحناف نسبةً إلى تمسكّهم بالملّة الحنفية التي جاء بها النبي إبراهيم -عليه السلام- وقد كان لليهودية والنصرانية وجود محدود في جزيرة العرب، لم تنكر الوثنية العربية وجود الله الخالق ولم تدعُ إلى ترك عبادته فجذور الدين الصحيح كانت موجودة ولكن شابها الكثير من التحريف والتبديل فتحولت إلى دين وثني يُقدّس الأوثان والحجارة.[٣]

تسللّت عبادة الأوثان وتقديسها إلى العرب من الحضارات القديمة كالآشوريين والبابليين وغيرهما، فتمسّك العرب بهذا المظهر من مظاهر العبادة وصنعوا الأصنام من الحجر والخشب وغيرها من أنواع المادة وأضفوا عليها قداسةً خاصة وعللّوا فعلهم هذا بكونه تقربًّا إلى الله العزيز؛ وهذا ما حكاه عنهم -سبحانه- بقوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}،[٤] وقد أطلق العرب الجاهليون على أصنامهم العديد من الأسماء من أشهرها اللات والعُزّى ومناة وهُبل؛ ووضعوها في أماكن يعتقدون قداستها كداخل وحول الكعبة المشرّفة والعديد من الأماكن الأخرى، وكانوا يُقدّمون لها القرابين والذبائح.[٣]

وباللإضافة إلى عبادة الأوثان فقد كان جاهليو العرب يقدّسون أرواح الأسلاف وبعض أنواع الحيوانات، ويُعظمّون الأجرام والكواكب وكان لبعض النجوم مكانة خاصة لديهم كنجم الثريا والشعريان،[٣] وقد أتى القرآن على ذكر هذا النجم بقوله تعالى في سورة النجم: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَىٰ}،[٥] وفسّر الطبري هذه الآية بأن المقصود بالشعرى النجم الذي كان يعبده أهل الجاهلية، وفي هذه الآية بيان بأن النجم وغيره هو مخلوق ومربوب لله العزيز وليس له ولأي مخلوق آخر أيًّا كانت ماهيته أدنى استحقاق للعبادة.[٦]

وقد ضمّ الدين الوثني في الجزيرة العربية العديد من العقائد الباطلة حول الملائكة والجن وغيرها؛ كما أنكروا النبّوة ولم يؤمنوا بالحياة الآخرى والبعث والجزاء، واشتهروا بالتطيّر والإقدام على الأفعال أو الإحجام عنها على أُسس ساذجة وباطلة كالاستقسام بالأزلام وهي عيدان كانوا يضعون عليها إشارات معيّنة ويرمونها في الماء وينتظرون خروجها المؤشر على كون عاقبة الفعل حسنة أم سيئة، كما عرفوا الرُقى والتمائم وحملوا أنواعًا مختلفة من التعاويذ كأسنان الحيوانات؛ وكل ذلك ما هو إلا تجليّات للدين الوثني في جميع شؤون الحياة والعبادة.[٣]

أشكال الوثنية ومظاهرها

إن المقصود بالديانة الوثنية عند إطلاق هذا المصطلح أي ديانة العرب في شبه الجزيرة العربية قبل البعثة النبوية، ولكن للوثنية بشكل عام الكثير من الأشكال والمظاهر المنتشرة في العديد من الأديان، فكون فعل معيّن وثني ومصبوغ بصبغة جاهلية لا يعني وثنية الدين ككل وإنما يدلُّ على خطأ فاعله إما جهلًا أو عنادًا، وقد انتشر بين المسلمين نتيجةً للبعد عن الدين الصحيح القويم والامتناع عن استقائه من منابعه الصافية الكثير من الممارسات الوثنية.[٧]

ولا بدّ للمسلم من معرفة هذه الممارسات للابتعاد عنها وتحذير غيره منها لعظيم خطرها على الفرد والمجتمع، ومن أشكال الوثنية ومظاهرها الذبح والنذر لغير الله والتبرّك بقبور الأولياء والصالحين، كما أنّ تفريغ الإسلام من روحانيته وافتقاده للخشوع والتدبر والتفكّر لدى شريحة كبيرة من المسلمين هو صورة شبيهة بصور العبادة في الديانة الوثنية، فالإسلام ليس دين تؤدّى مناسكه في المساجد ودور العبادة فحسب إنّما هو دين يصقل الفرد ويزرع في نفسه مراقبة الله -عزّ وجلّ- له في جميع أحواله.[٧]

المراجع

  1. "الغاية من إبطال الوثنية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  2. "المقصود بالوثنية"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث "الجزيرة العربية " الحالة الدينية " عند ظهور الإسلام"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  4. سورة الزمر، آية: 3.
  5. سورة النجم، آية: 49.
  6. "تفسير الطبري"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  7. ^ أ ب "الإسلام الحقيقي ومحاربته لغبار الوثنية"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
4454 مشاهدة
للأعلى للسفل
×