محتويات
تعريف المفعول لأجله
كيف أميّز المفعول لأجله عن غيره من المفاعيل؟
المفعول لأجله هو أحد المفاعيل الخمسة، وورد في تعريفه أنه اسم فضلة منصوب، وهو مصدر قلبي يأتي بعد الفعل، ليبين علة حدوثه أو سبب وقوعه، ويشترط أن يكون مشتركًا مع الفعل في الزمن والفاعل، مثل قولهم: "وقفْت احترامًا للمدير" فالاحترام هو مصدر قلبي منصوب، بيّن سبب فعل الوقوف، واشترك مع الفعل في الزمن، فالاحترام والوقوف حصلا في الوقت نفسه، والوقوف فاعله المتكلمُ، والاحترام صدر عن المتكلم أيضًا.[١]
وممّا هو جدير بالذكر أن المفعول لأجله يُسأل عنه بِـ "لماذا" أو لِمَ" في المثال السابق يُسأل: لِمَ وقفتَ؟ فيكون الجواب: احترامًا، وكما هو معروف لكل قاعدة استثناء، وفي القاعدة المتعلقة بشروط المفعول لأجله من ناحية أنه مصدر قلبي، أورد بعض العلماء أمثلة على المفعول لأجله مخالفًا لهذا الشرط، ومنها قول الشاعر الكميت:[٢]
طَربتُ وَمَا شَوقاً إِلَى البِيضِ أَطرِبُ
- وَلَا لِعبًا مِنِّي وَذُو الشَّيبِ
فكلمة "لعبًا" ليست مصدرًا قلبيًا ومع ذلك نُصبت على أنها مفعول لأجله، ومن ذلك كلمة "بغيًا" التي وردت في قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[٣]، وكلمة "رزقًا" في قوله تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[٤] وهذه بعض الأمثلة التي بينت مخالفة المفعول لأجله للقاعدة الأساسية، ولكن تبقى أمثلة قليلة أمام القاعدة العامة المتعلقة بأنه مصدر قلبي.[١]
أشكال المفعول لأجله
للمفعول لأجله أشكال عدة، منها:[٥]
- مضافًا: والمقصود بهذا الشكل أنه يأتي مصدرًا مضافًا أي بعده مضاف إليه مجرور، مثل "أحافظ على ثيابي محبةَ النظافةِ والأناقة".
- منونًا بعده شبه جملة: أي أن يكون المفعول لأجله منونًا ليس مضافًا ولا معرفة، بل هو نكرة، مثل "أذهب إلى المقهى طلبًا للتسلية".
- منونًا لا شيء بعده: هو يشبه النوع السابق من ناحية أنه نكرة غير معرفة، ويختلف عنه أنه لا شبه جملة بعده، مثل "يذهب الطالب إلى الرحلة استجمامًا"
- معرفًا بــ"ال" بعده شبه جملة: قد يأتي المفعول لأجله معرفًا بــ"ال" وهو قليل، وتلحقه شبه جملة، مثل "تَعمل بجدٍ الإخلاصَ في عملها"
- معرفًا بــ"ال" لا شيء بعده: وقد يأتي المفعول لأجله أيضًا معرفًا بــ"ال" ولا تلحقه شبه جملة، وهو قليل أيضًا، مثل "تَعمل بجدٍ الإخلاصَ".
العامل في المفعول لأجله
هل الفعل وحده هو العامل في المفعول لأجله؟
إنّ العامل الأول والأساسي في المفعول لأجله هو الفعل، ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الفعل فقط هو الذي يعمل بالمفعول لأجله، إنما يوجد ما يشبه الفعل ويعمل في المفعول لأجله، ومن ذلك مثلًا المصدر، مثل قولهم "النوم في وقت مبكر طلبًا للراحة صحيٌ" فكلمة طلبًا منصوبة على أنها مفعول لأجله، والعامل في نصبها هو المصدر "النوم".[٦]
وقد يعمل أيضًا في نصب المفعول لأجله اسم الفاعل، مثل قول أحدهم: "الولد مُنزعجٌ غضبًا من الضجيج" اسم الفاعل منزعج نصب المفعول لأجله غضبًا، وكذلك اسم المفعول أيضًا قد يعمل عمل الفعل وينصب مفعولًا لأجله مثل "اسمه مكتوب في المقدمة تقديرًا له" فاسم المفعول "مكتوب" عمل في المفعول لأجله "تقديرًا" ونصبه كما ينصبه الفعل تمامًا.[٦]
شروط المفعول لأجله
هل يكون المفعول لأجله منصوبًا في كل حالاته دون قيد أو شرط؟
إن المفعول لأجله واحد من عائلة المنصوبات في اللغة العربية، وله شروط محددة في كتب النحو لعمله، فليس كل ما يُذكر لبيان حدوث الفعل يكون مفعولًا لأجله، بل هناك خمسة شروط لا بد من توافرها لنصب المفعول لأجله، وهي:[٧]
- المصدرية: من الضروري أن يكون المفعول لأجله مصدرًا حتى يُنصب، وإذا كان الاسم واردًا لبيان حدوث الفعل لكنه غير مصدر لم يجز نصبه، إنما يُجر بحرف الجر اللام الدال على التعليل مثل قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}[٨]، فكلمة الأنام ليست مصدرًا ولذلك لم تُنصب.[٧]
- المصدر يكون قلبيًا: لا يكفي لنصب المفعول لأجله أن يكون مصدرًا فقط، بل من الضروري أن يكون المصدر قلبيًا، والمقصود بالمصدر القلبي أن يكون من أفعال النفس الباطنة، فلا يمكن اعتبار كلمة القراءة في جملة: جئتُ للقراءة مفعولًا لأجله لأنها مصدر غير قلبي، ولذلك جُرّت بحرف الجر اللام.[٩]
- الاتحاد مع الفعل في الزمان: لا بد أن يكون المصدر القلبي متحدًا مع الفعل في زمن الحدوث، وإلا لا يكون مفعولًا لأجله، فلا تُعد كلمة الراحة في جملة: سافرْتُ للراحةِ مفعولًا لأجله منصوبًا، لأن زمن الفعل هو الماضي، وزمن المصدر القلبي هو المستقبل، وإن كانت الكلمة دالة على علة حدوث الفعل.[١٠]
- الاتحاد مع الفعل في الفاعل: يجب أن يكون المصدر القلبي والفعل يعودان للفاعل نفسه، وإذا اختلف فاعل الفعل عن فاعل المفعول لأجله لا يُنصب المصدر القلبي، مثل جملة: احترمْتُك لإجلالِك المعلم، ففاعل فعل احترمتك هو المتكلم، بينما فاعل الإجلال هو المخاطب، ولذلك لم يُنصب المفعول لأجله.[١١]
- المصدر القلبي علة لحصول الفعل: لا بُدّ أن يكون المصدر القلبي المتحد مع الفعل في الزمان وفي الفاعل هو سبب حصول الفعل، وهذا هو ما يميز المفعول لأجله عن غيره ن المنصوبات، وذلك بأن يكون المصدر جوابًا لسؤال لماذا فعلت؟ مثل جملة: جاء حبًا بالمدرسة، فكلمة حبًا جواب لسؤال لماذا جاء؟ فهي مفعول لأجله منصوب.[١١]
ومما يجدر ذكره عن شروط المفعول لأجله أنها إن لم تتحقق فإنه يكون مجرورًا بحرف الجر، مؤديًا معنى تعليل حدوث الفعل، لكنه لا يكون منصوبًا، بل يكون اسمًا مجرورًا، إضافة إلى وجود بعض الأحكام المتعلقة بالمفعول لأجله مثل اقترانه بـ "ال" التعريف وجواز نصبه وجره أو وجوب نصبه في بعض الحالات، إلا أن المقياس الأهم هو هذه الشروط الخمسة ليكون المفعول لأجله منصوبًا.[٧]
إعراب المفعول لأجله
هل يختلف إعراب المفعول لأجله عن غيره من المنصوبات؟
إن إعراب المفعول لأجله لا يختلف عن غيره من المنصوبات، فإذا استوفى الشروط الخمسة وكان منصوبًا فإنّ إعرابه هو مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وقد تكون الفتحة مقدرة إذا كان المفعول لأجله معتل الآخر، أما إذا كان المفعول لأجله مجرورًا وذلك عند اقترانه بـ "ال" التعريف، فعندها تكون علامة جره الكسرة، ومن الأمثلة عن إعراب المفعول لأجله المنصوب.[١٢]
- وقف الناسُ تقديرًا للعالم: تقديرًا: مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
- تورّد وجه الحسناء حياءً: حياءً: مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
- قول الفرزدق:[١٣]يُغضي حَياءً وَيُغضى مِن مَهابَتِهِ ** فَما يُكَلَّمُ إِلّا حينَ يَبتَسِمُ
- حياءً: مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
- من مهابته: جار ومجرور في محل نصب على أنه مفعول لأجله غير صريح.
تكون شروط المفعول لأجله المتحققة واضحة في الأمثلة السابقة، وممّا يجدر ذكره أنّ المفعول لأجله في بعض الحالات يُنصب وإن لم يكن من المصادر القلبية، ولكن بقلة، مثل جملة: أسندْتُ الغرسة تقويمًا لها، وجملة: يُسجن الأحداث تأديبًا لهم. فكلمتا تقويمًا وتأديبًا نُصبتا على أنهما مفعول لأجله مع أنها ليست مصادر قلبية.[٩]
أمثلة على المفعول لأجله
ما هي أبرز مواضع المفعول لأجله في الكلام العربي الفصيح؟
تكاد لا تخلو أمثلة المفعول لأجله من أي كلام عربي فصيح، فله الأمثلة العديدة في القرآن الكريم، وفي الشعر العربي وفي فصيح كلام العرب، وبأشكاله المختلفة، وأحكامه المتعددة، ومنها:
- أمثلة على المفعول لأجله من القرآن:
- قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}.[١٤]
- قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}.[١٥]
- قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.[١٦]
- قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ}.[١٧]
- قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}[١٨]
- قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}[١٩]
- قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[٢٠]
- أمثلة على المفعول لأجله من الشعر:
- قول حاتم الطائي:[٢١] وَأَغفِرُ عَوراءَ الكَريمِ اِدِّخارَهُ ** وَأَصفَحُ مِن شَتمِ اللَئيمِ تَكَرُّما
- قول ابن زيدون:[٢٢] لَسنا نُسَمّيكِ إِجلالًا وَتَكرِمَةً ** وَقَدرُكِ المُعتَلي عَن ذاكَ يُغنينا
- قول صفي الدين الحلي:[٢٣] إِنّا لَقَومٌ أَبَت أَخلاقُنا شَرَفًا ** أَن نَبتَدي بِالأَذى مَن لَيسَ يُؤذينا
- قول علي بن أبي طالب:[٢٤] أَتَصبِر لِلبَلوى عَزاءً وَحِسبَةً ** فَتُؤجَرُ أَم تَسلو سُلوَّ البِهائِمِ
- جمل على المفعول لأجله:
- انكبَّ الموظف على عمله باجتهادٍ ومثابرة، خوفًا من أن يفقد منصبه في الشركةِ.
- بكى المغترب شوقًا إلى وطنه وأهله.
- هربْت خوفًا من الحية.
- ماتت الأم حزنًا على ولدها الذي مات في سن مبكرة.
- تكلم الولد مع أمه بصوتٍ منخفض خشيةَ إيقاظ والده المتعب.
- أحضرْتُ تقريرًا طبيًا تعليلًا *لغيابي عن العمل.
- يأتي الأولاد إلى المدرسة حبًا بالعلم والاكتشاف.
لقراءة المزيد من الأمثلة، انظر هنا: أمثلة على المفعول لأجله.
المراجع
- ^ أ ب "المفعول لأجله أو المفعول له"، المرجع، اطّلع عليه بتاريخ 25-04-2021م. بتصرّف.
- ↑ د. عزام الشجراويّ، النحو التطبيقي، صفحة 230. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية: 90.
- ↑ سورة القصص، آية: 57.
- ↑ "المفعول لأجله"، أهل الحديث، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "المفعول لأجله تعريفه وشروطه والعامل فيه"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مصطفى الغلايني (2004)، جامع الدروس العربية، صفحة 438. بتصرّف.
- ↑ سورة الرحمن، آية:10
- ^ أ ب أحمد حاطوم وآخرون، الوافي في النحو والبلاغة والعروض، لبنان:دار الفكر اللبناني، صفحة 97. بتصرّف.
- ↑ طوني غوش، القواعد للتعبير والإملاء، لبنان:دار المكتبة الأهلية، صفحة 32. بتصرّف.
- ^ أ ب جوزيف الياس وآخرون، الصحيح في قواعد اللغة العربية، لبنان:دار العلم للملايين، صفحة 123. بتصرّف.
- ↑ سلطان ناصر الدين، المحيط في اللغة العربية، لبنان:دار الفكر اللبناني، صفحة 96. بتصرّف.
- ↑ " هذا الذي تعرف البطحاء وطأته"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 19/04/2021م. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية:31
- ↑ سورة البقرة، آية:19
- ↑ سورة البقرة، آية:265
- ↑ سورة الأنعام، آية:140
- ↑ سورة الإسراء، آية: 31.
- ↑ سورة البقرة، آية: 19.
- ↑ سورة البقرة، آية: 265.
- ↑ "أتعرف أطلالاَ ونؤيا مهدم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 19/04/2021م.
- ↑ "أضحى التنائي بديلا من تدانينا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 19/04/2021م.
- ↑ " سلي الرماح العوالي عن معالينا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 19/04/2021م. بتصرّف.
- ↑ " أتصبر للبلوى عزاء وحسبة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 19/04/2021م.