معلومات عن سجود السهو

كتابة:
معلومات عن سجود السهو

تعريف السجود وأقسامه

السّجود مصدرٌ الفعل الثّلاثيّ "سَجَدَ" ومعناه "الخضوع بخفض الرّأس مع التّذلّل"، ويتحقّق شرعًا بالسّجود على الأعضاء السّبعة "الجبهة مع الأنف والكفّين والرّكبتين وأصابع القدمين مُلامسةً الأرض"،[١]وينقسم السّجود في الشريعة الإسلامية إلى أربعة أقسام: "الأوّل سجود الصّلاة: وهي سجدتان من أركان صّلاة الفرض والنّفل، والثاّني سجود التّلاوة: وهي سجدةٌ واحدةٌ تُسنّ في خمسة عشر موضعًا في القرآن وتشرع في الصّلاة وخارجها لقارئ القرآن ومستمعه، والثّالث سجود الشّكر: وهي سجدةٌ واحدةٌ تُسنّ في النّعم وعند دفع النّقم، وأمّا القسم الرّابع: سجود السّهو وهو جوهر المقال"، وبين يدي التّعريف بالسّجود وأقسامه، يُسلّط المقال الضّوء على أهمّ الأحكام المتعلّقة بسجود السّهو متضمنةً التّعريف به وبأسبابه وأحواله المشروعة.[٢]

أحكام سجود السهو

سبق ممّا تقدّم التّعريف بأقسام السّجود، ومن أهمّها ذكرًا "سجود السّهو" وذلك لارتباطها بأعظم فرائض الدّين وأهمّ أركانه "الصّلاة"، إذ شرعها الله تعالى رحمةً بالمصلّين وتحزينًا للشّيطان الرّجيم، وتتلخص أحكام سجود السّهو في التّفصيل الآتي، -والله تعالى أعلم-:[٣]

التعريف بسجود السهو وأسبابه المشروعة

سجود السّهو: "هما سجدتان كصفة سجود الصّلاة والتّسبيح فيها، تُشرع في كل صلاةٍ ذات ركوعٍ فرضًا كانت أو نفلًا، وذلك لجَبرِ الخلل حال السّهو أو النّسيان"، والضّابط من ذكر "الصّلاة ذات الرّكوع" استثناء صلاة الجنازة إذ لا سجود للسّهو فيها، ويُشرع السّجود للسّهو لثلاثة أسبابٍ هي: "الزّيادة في أفعال أو أقوال الصّلاة، النّقص في أركان أو واجبات أو سُنن الصّلاة، الشكّ في الصّلاة زيادةً أو نقصانًا".[٣]

السجود للسهو حال الزيادة في الصلاة

إن زاد المُصلّي فِعلًا من جنس الصّلاة، كأن زاد ركوعًا أو سجودًا أو جعل محلّ القعود قيامًا أو القيام قعودًا، سجد للسّهو وجوبًا لحديث عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله عنه- قال: "صَلَّيْنَا مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، فَإِمَّا زَادَ، أوْ نَقَصَ، قالَ إبْرَاهِيمُ: وايْمُ اللهِ ما جَاءَ ذَاكَ إلَّا مِن قِبَلِي، قالَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أحَدَثَ في الصَّلَاةِ شيءٌ؟ فَقالَ: لا قالَ فَقُلْنَا له الذي صَنَعَ، فَقالَ: إذَا زَادَ الرَّجُلُ، أوْ نَقَصَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قالَ: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ"،[٤]فإن كانت الزّيادة في أقوالٍ من جنس الصّلاة سَجد للسّهو استحبابًا، كمن صلّى فقرأ في الرّكوع أو السّجود، أو قرأ سورةٍ في الرّكعتين الأخيرتين في الصّلاة الثّلاثيّة أو الرّباعيّة.[٣]

السجود للسهو حال النقص في الصلاة

ومن صوره: أن يترك المصلّي ركنًا من أركان صّلاة إلّا أن يكون تكبيرة الإحرام إذ لا يُجبرُ تركُها بسجود السّهو ويتوجب عليه إعادة الصّلاة، فإن كان الركن المتروك ركوعًا أو سجودًا، فذكره المصلّي قبل أن يَصلَ إلى موضعه في الرّكعة التّالية رجع إليه وجوبًا وأتى به وبما بعده، وأمّا إن ذكره في موضعه في الرّكعة التّالية، سقطت الرّكعة التي قبلها وقامت التّالية مقامها، فإن ذكر الرّكن المتروك بعد التّسليم ولم يطل الفصل اعتُبِر كمن ترك ركعةً فيأتي بالرّكعة كاملةً ثم يسجد للسّهو، فإذا طال الفصل في تذكّر الرّكن المتروك أعاد الصّلاة من جديدٍ.[٣]

فإن ترك المصلّي واجبًا من واجبات الصّلاة سهوًا كالتّسبيح في الرّكوع أو السّجود ونحوه، ثمّ ذكره قبل أن يصل إلى الرّكن التالي رجع فأتى به ثمّ سجد للسّهو لأنّه زاد في صلاته، وإن ذكره بعد تلبّسه بالرّكن التّالي سقط عنه الواجب وترتّب عليه السّجود للسّهو وجوبًا، أمّا إن ترك المصّلي سنّةً من سُنن الصّلاة استُحبّ له السّجود للسّهو إن كان قد اعتاد على الإتيان بها، وإلّا فلا سجود عليه.[٣]

السجود للسهو حال الشك في الصلاة

ومن صوره: أن يترجّح لمن شكّ في صلاته أحد الأمرين الزّيادة أو النّقص، وحينها يبني على ما ترجّح عنده ويتمّ عليه ويسجد للسّهو، فإن لم يترجّح له شيءٌ بنى على اليقين وهو الأقلّ كمن شكّ في عدد ركعات صلاة الظّهر أصلّى ثلاثًا أم أربعًا، فإذا ترجّح له أحد الأمرين بنى عليه وإلّا بنى على الأقلّ المُتيقّن وهو ثلاث ركعاتٍ ثم سجد للسّهو، لا سيّما إذا كان الشكّ فيما يبطل عمده الصّلاة، وذلك لما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "إذا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أمْ أرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ علَى ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، فإنْ كانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَععْنَ له صَلاتَهُ، وإنْ كانَ صَلَّى إتْمامًا لأَرْبَعٍ كانَتا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطانِ".[٥][٣]

محل السجود للسهو قبل التسليم وبعده

ويُشرع سجود السّهو قبل التّسليم حال النّقص في الصّلاة، لما رُوي في صحيح البخاري: "أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- صَلَّى بهِمُ الظَّهْرَ، فَقَامَ في الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ معهُ حتَّى إذَاا قَضَى الصَّلَاةَ وانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وهو جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ"،[٦]كما يُشرع حال الشكّ زيادةً أو نقصانًا دونما ترجيحٍ، كما سبق من قوله -صلّى الله عليه وسلّم- لمن شكّ في صلاته: "فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ علَى ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ".[٥][٣]

كما يُشرع سجود السّهو بعد التّسليم حال الزّيادة في الصّلاة، لما رُوي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "صَلَّى لَنَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- صَلَاةَ العَصْرِ، فَسَلَّمَ في رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ ذُو اليَدَيْنِ فَقالَ: أقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يا رَسولَ اللهِ، أمْ نَسِيتَ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: كُلُّ ذلكَ لَمْ يَكُنْ فَقالَ: قدْ كانَ بَعْضُ ذلكَ، يا رَسولَ اللهِ، فأقْبَلَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- علَى النَّاسِ فَقالَ: أصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ فَقالوا: نَعَمْ، يا رَسولَ اللهِ، فأتَمَّ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ما بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وهو جَالِسٌ، بَعْدَ التَّسْلِيمِ"، كما يُشرع حال الشكّ مع ترجيح أحد الأمرين لما سبق من حديث ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- قال: "فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أحَدَثَ في الصَّلَاةِ شيءٌ؟ فَقالَ: لا قالَ فَقُلْنَا له الذي صَنَعَ، فَقالَ: إذَاا زَادَ الرَّجُلُ، أوْ نَقَصَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قالَ:: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ".[٤][٣]

حكم سجود السهو للمسبوق

يُقصد بالمسبوق: "المُصلّي المأموم الّذي فاتته ركعةٌ مع الإمام أو أكثر"، والأصل في المأموم ممّن أدرك صلاته تامّة مع الإمام، متابعته إذا ما سجد للسّهو سواءً أكان السّجود قبل التّسليم أم بعده، وذلك لعموم ما رُوي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ به، فلا تَخْتَلِفُوا عليه، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا، وإذَا قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا"،[٧]ويختلف حكم سجود السّهو للمسبوق ومتابعته للإمام تبعًا للأحوال الآتية، -والله تعالى أعلم-:[٨]

إذا أدرك المأموم المسبوق سهو الإمام في الصّلاة

ولها صورتان الأولى: "إذا سجد الإمام للسّهو قبل التّسليم تابعه المأموم ثمّ يقوم ليتمّ صلاته ويسجد للسّهو ثانيةً، إذ يُعدّ سجوده الأوّل أثناء الصّلاة اتّباعًا للإمام، ولا يتحقّق سجود السّهو إلّا في آخر الصّلاة"، والصّورة الثّانية: "إذا سجد الإمام للسّهو بعد التّسليم، فارقه المأموم ليتمّ صلاته ثمّ يعود فيسجد للسّهو ويسلّم".

إذا لم يدرك المأموم المسبوق سهو الإمام في الصّلاة

ومثاله أن يسهو الإمام ثمّ يلتحق المأموم بالصّلاة دون علمه بسهوه، ولها صورتان الأولى: "إذا سجد الإمام للسّهو قبل التّسليم تابعه المأموم ثمّ يقوم ليتمّ صلاته، ولا يلزمه سجود السّهو ثانيةً لأنّه لم يدرك حُكم سهو الإمام"، والصّورة الثانية: "إذا سجد الإمام للسّهو بعد التّسليم، فارقه المأموم ليتمّ صلاته، ولا يلزمه أيضًا سجود السّهو لذات السّبب".

حكم سجود السهو لمن سها سهوين

يُجزئ من اجتمع له سهوان في صلاته أو أكثر سجوده للسّهو سجدتان على الرّاجح من قول العلماء، فإن تعيّن في السّهو الأوّل سجودًا قبل التسليم كأحوال النّقص في الصّلاة، وفي السّهو الثّاني سجودًا بعد التّسليم كأحوال الزّيادة في الصّلاة، اكتفى المُصلّي بسجود السّهو قبل التّسليم لأنّه أسبق وأَوْلى لوجوب سببه، ويسقط عنه سجود السّهو بعد التّسليم لإغناء الأوّل وقيامه مقامه، وبهذا الرّأي قال ابن قدامة في المغني، وهو قولٌ للإمام أحمد ابن حنبلٍ والإمامين مالكٌ والشّافعيّ ، وعليه أكثر أهل العلم كالنّخعيّ وسفيان الثّوريّ واللّيث وأصحاب الرّأي، -والله تعالى أعلم-.[٩]

تنبيه المأموم حال سهو الإمام

يجب على المأموم تنبيه الإمام حال سهوه في الصّلاة زيادةً ونقصانًا، وعلى الإمام الاستجابة للتّنبيه ما لم يجزم أنّه على صوابٍ، ويكون التّنبيه من المأموم بالتّسبيح للرّجال والتّصفيق للنّساء، فإن لم يدرك الإمام ما وقع به من السّهو، جاز للمأموم أن ينبّهه بآيةٍ من القرآن تجعله يدرك ما سها عنه، كأن يذكّره حال سهوه عن الرّكوع بقوله تعالى في سورة الحجّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا}،[١٠]، أو حال سهوه عن السّجود بقوله تعالى في سورة العلق: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}،[١١]-والله تعالى أعلم-.[١٢]

المراجع

  1. "تعريف و معنى السجود في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2019. بتصرّف.
  2. "كتاب: مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "أحكام سجود السهو "، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم: 572 ، صحيح.
  5. ^ أ ب رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 571 ، صحيح.
  6. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن الراوي : عبدالله بن بحينة ، الصفحة أو الرقم: 829 ، صحيح.
  7. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 722 ، صحيح.
  8. "أحوال المأموم مع سجود السهو"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2019. بتصرّف.
  9. "الواجب على من سها في الصلاة سهوين من نقص ومن زيادة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2019. بتصرّف.
  10. سورة الحج، آية: 77.
  11. سورة العلق، آية: 19.
  12. "حكم تنبيه الإمام حال خطئه، وأولى الصفوف بالتنبيه"، www.islamweb.net. اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2019 بتصرّف.
3948 مشاهدة
للأعلى للسفل
×