الموصل
هي مدينة تقع في نينوى في شمال شرق العراق، على خط عرض 36.34 وخط طول 43.12، وتقع على ارتفاع 228 مترًا فوق مستوى سطح البحر، وعدد سكانها يُقدر بحوالي 1739800 نسمة[١]، وتبعد عن بغداد بحوالي 362 كيلو متر، كانت قديمًا تقع على الجهة الغربية من نهر دجلة، أما المدينة الحالية فتوسعت باتجاه الشرق، وتتمركز الآن بالتحديد على آثار الأشوريين في نينوى، وهي ثاني أكبر مدينة في العراق وتعد المركز التجاري الرئيس للجزء الشمالي الغربي من البلاد، ويعتقد بأنّها قامت على أنقاض قلعة أشورية، وتعد الموصل خلفًا لنينوى باعتبارها جسر الوصل في نهر دجلة على الطريق الذي يربط سوريا وجبال الأناضول مع بلاد فارس، وفي هذا المقال حديث عن سد الموصل[٢].
السد
قبل تسليط الضوء على سد الموصل، يجب التعرف أولًا على معنى السد، فالسد هو عبارة عن بناء يُبنى على النهر أو أي مجرى مائي، وتُستخدم السدود لتخزين المياه و للسيطرة على الفياضانات، ولتوليد الكهرباء، وقديمًا استخدم البشر مواد مختلفة لبناء السدود على مر التاريخ، فاستخدم البنّاءون القدامى مواد طبيعية مثل الطين والصخور لبنائه، أما اليوم فهي تبنى من الإسمنت، السدود التي يصنعها الإنسان تشكل بحيرات اصطناعية تسمى خزانات، حيث يمكن استخدام هذه الخزانات في تخزين المياه لأغراض الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلي، وكانت حضارة بلاد الرافدين هي أول من أنشأت السدود، وأقدم سد في العالم اسمه سد جاوة ويقع في الأردن وتم بناؤه في القرن الرابع قبل الميلاد، وزودت السدود المزارعين بمصدر ثابت من المياه لري المحاصيل، وهذا سمح لحضارة بلاد الرافدين القديمة بإطعام عدد متزايد من السكان[٣].
سد الموصل
سد الموصل والمعروف سابقًا بسد صدام، هو أكبر سد في العراق، يقع على نهر دجلة في محافظة نينوى الغربية، ويعمل السد على توليد الطاقة الكهربائية وتوفير المياه للري أسفل النهر، وأقصى قدرة استيعابية للسد تصل إلى 11.1 مترًا مكعبًا من المياه، ويوفر الكهرباء لما يقرب 1.7 مواطن عراقي يعيشون في الموصل، وتحتوي محطة توليد الكهرباء الرئيسة للسد التي تبلغ طاقتها 750 ميغاواط، على أربعة مولدات تعمل بالطاقة التوربينية بقوة 187.5 ميغاواط، ويحتوي السد على محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة تعادل 250 ميغاواط، ويعد رابع أكبر سد في الشرق الأوسط حسب القدرة الاستيعابية للسد، ويعد الجليد المذاب من تركيا على بعد 110 كيلو متر شمالًا، مصدرًا رئيسًا للمياه فيه، ونظرًا لبنائه على أساس طبوغرافي مكون من الصخور القابلة للذوبان مثل الحجر الجيري والجبس والدولومايت، ظهرت مخاوف بشأن عدم استقرار السد، وهذا أدى إلى جهود في إعادة تأهيل كبيرة لسد الموصل[٤].
يبلغ ارتفاع سد الموصل 113 مترًا، وطوله يقدر بحوالي 3.4 كيلومتر، ويرتفع بمقدار 330 مترًا عن سطح الأرض، أما خزانه فيسمى ببحيرة دهوك، وعلى الجانب الشرقي من السد يوجد ممرات يتم التحكم بها بواسطة بوابات نصف قطرية، ولديه قدرة تصريف تصل إلى 13000 متر مكعب في الثانية، ويوجد ممر طوارئ يتم التحكم به عن طريق صمامات، وتوجد محطة الطاقة الكهرومائية الرئيسة التي تسمى موصل1 عند مقدمة السد في جانبها الغربي بقدرة 187.5 ميغاواط، ومحطة الموصل2 بقدرة 62 ميغاواط، وتقع محطة موصل3 في الجزء العلوي بقدرة 240 ميغاواط، ويتم إنتاج الطاقة فيه عن طريق تخزين المياه في خزان صغير أعلى بحيرة الدهوك، ثم تحريرها رجوعًا إلى بحيرة الدهوك مارةً عبر التوربينات[٤].
تاريخ سد الموصل
بصورة غير متوقعة في عام 2010، أصاب الجفاف خزان سد الموصل، فتم الكشف عن آثار قصر قديم يصل عمره إلى 3400 عامًا، ويعتقد بأنّه يعود للعهد الميتاني، وتم التنقيب الأول في عام 2019 بواسطة فريق كردي ألماني مشترك، وتشمل الأنقاض على شرفة من الطوب الطيني، وجدران كبيرة يصل ارتفاعها إلى مترين، وأيضًا سمكها يقدر بمترين، ولوحات جدارية، وعشرة ألواح طينية عليها كتابة مسمارية[٤].
أما بالنسبة لبناء السد، فقد كان من ضمن خطة العراق في القرن العشرين لتطوير أنهارها، حيث سعت للسيطرة على الموارد المائية لاستخدامها في الزراعة، ومنع الفياضانات في بغداد، وبدأ التخطيط لبناء سد الموصل في الخمسينات بمساعدة السير ألكساندر جيب وشركائه، وبدأت عملية تحديد الموقع عام 1953 بأخذ العديد من آراء شركات مختصة من الاتحاد السوفييتي وفنلندا ويوغوسلافيا وفرنسا، وقامت هذه الشركات بعمل دراسات مختلفة، وفي عام 1978 أصبح اتحاد الاستشاريين السويسريين المستشارين الرسميين لسد الموصل[٤].
خلال حكم صدام حسين في عام 1981، بدأ بناء السد من قبل فريق ألماني إيطالي، ونظرًا لأنّ السد قد تم بناؤه على أساس من الجبس القابل للذوبان، فقد أوصى المهندسون بالحشو والحقن الكامل داخل الأساس قبل بناء البنية الفوقية، وتم الانتهاء من عملية البناء عام 1984م، وفي عام 1985م بدأ باستقبال مياه نهر دجلة، وفي عام 1987 بدأت محطات توليد الكهرباء بالعمل، وبسبب الطبيعة التي بُني عليها السد كان لا بد من إجراء عمليات الصيانة بشكل دوري على السد، وفي عام 1988 تم البدء ببناء سد بادوش في اتجاه مجرى النهر بهدف تجميع المياه في حالة حدوث خرق في سد الموصل، وتم إيقاف الأعمال عام 1991 بسبب حرب الخليج[٤].
احتمالية انهيار سد الموصل
حدثت الكثير من التسريبات في بناء السد، الأمر الذي دعى الجهات المسؤولة للقيام بأعمال صيانة وجص وحقن للسد باستمرار، حيث تم حقن أكثر من 50000 طنًا من المواد في قاعدة سد الموصل منذ بدء التسريبات، وأشار تقرير عام 2006، صادر عن فيلق مهندسي جيش الولايات المتحدة الأمريكية اعتبر فيه سد الموصل أخطر سد في العالم فيما يتعلق باحتمالية تآكله وانهياره، وقد أوضح التقرير سيناريو أسوأ الحالات، حيث من الممكن أن يؤدي انهياره المفاجئ إلى إغراق الموصل على مسافة 20 مترًا في غضون ساعات، وذكر التقرير أنّ أساسات السد قابلة للانهيار في أي لحظة، وقد حدد مدير السد عبد الخالق ثنون أقصى ارتفاع للمياه في السد بمقدار 319 مترًا على الرغم من أنّ ارتفاع السد يصل إلى 330 مترًا لتقليل الضغط على أساساته[٤].