معلومات عن علم التفسير

كتابة:
معلومات عن علم التفسير

مفهوم علم التفسير

إنّ كلمة التفسير مأخوذة بالأصل من الجذر الثلاثي "فسر"، ويعني: الوضوح والبيان والكشف والإظهار، كما أنّ التعريف الاصطلاحي لعلم التفسير يدور في فلك معناه اللغوي،[١] حيث عرّفه الزركشي بأنّه: "علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها والإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها"، أمّا السيوطي فقد قال بأنّ علم التفسير هو: "علم يُبحث فيه عن أحوال الكتاب العزيز، أي:من جهة نزوله وسنده وأدائه وألفاظه، ومعانيه المتعلقة بالألفاظ والمتعلقة بالأحكام وغير ذلك"، ومن التعريفات الجامعة لعلم التفسير أنّه: "علمٌ يُبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة البشرية"، ويمكن التعبير عن هذا التعريف بعبارة أبسط وهي أنّ التفسير هو الكشف عن مراد الله من الآيات القرآنية وفق الطاقة البشرية، كما أنّ هذا المقال سيكون للحديث عن نشأة علم التفسير ومصادره وأشهر روّاده.[٢]

نشأة علم التفسير

نشأ علم التفسير بالتزامن مع نزول القرآن الكريم إذ إنّ الآيات القرآنية كثيرًا ما كان يٌفسر بعضها بعضًا، ولكن قد ترد بعض الأحكام مجملة في القرآن الكريم فيفصلّها رسول الله للصحابة الكرام، وقد يسأل الصحابة رسول الله عن تفسير كلمةٍ أو آيةٍ محدّدة فيقوم بتفسيرها وشرحها، وفي هذه المرحلة لم تكن الحاجة إلى التفسير شديدة لأنّ معظم الصحابة قد كانوا عربًا والقرآن الكريم بلغتهم فيفهونه دون تفسير أو إيضاح، ولكن مع اتساع رقعة الدولة الإسلامية زادت الحاجة إلى علم التفسير، فكان الصحابة يقومون بتفسير ما أشكل على الناس في فهم الآيات القرآنية ويصوّبون الأخطاء مستعينين بذلك بما لديهم من تفسير القرآن لبعضه وبالأحاديث النبوية المتعلّقة بتفسير القرآن الكريم، كما أنّ لأسباب النزول أثرٌ عظيم في معرفة تفسير الآيات وقد عايش الصحابة فترة نزول القرآن وكانوا يعلمون أسباب نزول الآيات والسور القرآنية فكان ذلك عونًا لهم في التفسير، بالإضافة إلى لغة الصحابة التي مكنتهم من فهم القرآن بشكل أدق ممّن دخل الإسلام بعد ذلك وخصوصًا مع زيادة الفتوحات وانتشار الإسلام خارج الجزيرة العربية.[٣]

أمّا المرحلة الثانية من مراحل نشأة علم التفسير وتطوّره فهي مرحلة التابعين الذين عاصروا الصحابة واستفادوا من علمهم وحظيوا ببركة لقرون الأولى، وكلمّا تقدّم الزمن وزاد عدد المسلمين زادت الحاجة إلى التفسير ووجود أعلام في هذا المجال لتصحيح الفهوم وإزالة الغموض، وقد درج التابعين على طريقة الصحابة فكانوا يفسرون القرآن بالقرآن فإن لم يكن فيكون التفسير بالسنة وأقوال الصحابة هي المرجع الثالث، كما كانت لقوّة اللغة لدى التابعين ومعرفتهم بكلام العرب وبيان اللغة العربية أثرٌ واضح في تفسير القرآن الكريم، وقد يلجأ التابعون إلى الاجتهاد لبيان معنى الآية وتفسيرها وهذا هو أصل التفسير الذي تمّ تعريفه بأنّه تبيين مراد الله وفق الطاقة البشرية ومن طاقة التابعين قدرتهم على الاجتهاد، ومن الأمثلة على اجتهاد التابعين تفسير سعيد بن جبير -رحمه الله- لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}،[٤] أي: "ألحق الله تعالى الذرية بآبائهم في الدرجات، مع استحقاقهم دون درجات الآباء في الجنة، تكريما للآباء وفضلا منه سبحانه".[٣]

ومع زيادة الفتوحات وانتشار الإسلام في أرجاء المعمورة برز مجموعة من العلماء الذين اشتغلوا بتفسير القرآن الكريم وبيان أحكامه وأغراضه ومراميه، فكانوا يفسرون القرآن للناس عن طريق القرآن أولًا ثمّ السنة النبوية ثمّ أقوال الصحابة والتابعين، وكحال من سبقهم فقد كان علماء ذلك العصر أصحاب فهم للغة العرب وقدرة على استنباط المعاني من السياق القرآني فكانوا يفسرون القرآن باللغة عند عدم وجود أثر في تفسير الآية وبيان معناها، وقد يعملون الرأي والنظر والاجتهاد لإيجاد تفسير الآيات القرآنية، كما ظهرت الاستعانة ببعض الإسرائيليات والنصرانيات في علم التفسير تلك المرحلة، وجميع ما تقدّم من مراحل لم يكن التفسير فيها مدوّنًا فقد كان يُلقى شفاهًا ويحفظه الناس دون أن يدوّنوه أو يكتبوه، ثمّ جاء دور التدوين ودوّنت فيه العلم ومن بينها علم تفسير القرآن الكريم.[٣]

مصادر التفسير

مصادر التفسير هي المراجع لتي يعود إليها المفسّر أو الباحث عند تفسير آية من كتاب الله أو سورة من سوره، وقد تمّت الإشارة إلى هذه المصادر بشكل مجمل عند الحديث في نشأة علم التفسير، فالقرآن الكريم هو أهم وأوّل مصدر من مصادر التفسير، ومن أحسن وأصح طرق التفسير هو تفسير القرآن بالقرآن، فكثيرًا ما تأتي آية في موضع ويكون اللفظ فيها عامًا أو مجملًا فتأتي آية أخرى تليها أو في موضع آخر فتخصّص العام المذكور في الآية الأولى أو تفصّل مجملها، كما أنّه قد يرد لفظ جديد على العرب فيأتي شرحه بما يليه من الآيات، نحو قوله تعالى في سورة القارعة: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ}،[٥]، والأمثلة على ذلك كثيرة،[٦] وكذلك الأمر بالنسبة للسنّة النبوية التي هي المصدر الثاني من مصادر التفسير فكثير من الأحكام والآيات القرآنية وردت بلفظ عام مثال الأمر بالصلاة والزكاة ولكنّ تفاصيل هذه الفرائض لم تُبيّن في القرآن الكريم فبيّنّها رسول الله معتمدًا على الوحي فهذه أحكام يجب أن تستند إلى الوحي ولم ترد مفصلّة في القرآن فجاءت السنّة وفصلّتها وبيّنت ماهيتها.[٧]

أمّا بالنسبة لأقوال الصحابة فهي المصدر الثالث من مصادر التفسير وإذا كان قول الصحابي ممّا لا مجال فيه للاجتهاد فإنّه يأخذ حكم المرفوع عند ثبوت عدم رواية هذا الصحابي عن بني إسرائيل، وما كان محلًا للاجتهاد فإنّ أقوال الصحابة معتبرة في التفسير ولكنّ العلماء على خلاف في وجوب الأخذ بتفسيرهم وخصوصًا أنّ أقوالهم قد تختلف فيما بينها أحيانًا،[٨] ومن المصادر التي استعان بها أهل التفسير في تفسير القرآن الكريم ووضع المصنفات في هذا العلم ما يُعرف بالرأي والاجتهاد،[٩]

أشهر المفسرين

اشتهر في التفسير قديمًا وحديثًا مجموعة من العلماء والمفسرين، ومن هؤلاء: الطبري والزمخشري والفخر الرازي والقرطبي وابن كثير، وفيما يأتي تعريف ببعضٍ منهم:[١٠]

  • الإمام الطبري: أبو جعفر، محمد بن جرير الطبري من أهالي طبرستان، ولد "بآمل" سنة 224 هـ، وخرج من بلده في الثانية عشرة من عمره يطلب العلم ويجلس إلى المشايخ، وقد سمع بالعراق والشام ومصر عن خلق كثير، واستقر به مقامه بعد ذلك في بغداد، وقد عُرف بسعة علمه فكان مفسرًا وفقيهًا ومؤرخًا وكتابه في التفسير المعروف بتفسير الطبري من أشهر كتب التفسير بالمأثور وأهمها.
  • الرازي: أبو عبد الله، محمد بن عمر بن الحسين الطبرستاني الأصل، ثم الرازي ابن خطيبها، من ذرية أبي بكر الصديق، ولد سنة 544 للهجرة بمدينة الري، وتعلّم على يد كبار العلماء وقصده طلاب العلم من سائر البلاد ووضع مصنفات في مجالاتٍ شتّى كالتفسير، وكتابه في التفسير يُدعى "التفسير الكبير".

المراجع

  1. "كتاب مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-04-2020. بتصرّف.
  2. "كتاب المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-04-2020. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "كتاب الواضح في علوم القرآن"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-04-2020. بتصرّف.
  4. سورة الطور، آية: 21.
  5. سورة القارعة، آية: 1-5.
  6. "كتاب المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-04-2020. بتصرّف.
  7. "كتاب المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-04-2020. بتصرّف.
  8. "كتاب المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-04-2020. بتصرّف.
  9. "كتاب المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-04-2020. بتصرّف.
  10. "كتاب الواضح في علوم القرآن"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-04-2020. بتصرّف.
4328 مشاهدة
للأعلى للسفل
×