محتويات
مدينة سبتة الإسبانية
تُعد مدينة سبتة الإسبانية موقعًا عسكريًا مهمًا، وميناء حرّ على ساحل المغرب، بالقرب من مدخل البحر الأبيض المتوسط لمضيق جبل طارق، وهي مدينة مستقلة تُديرها دولة إسبانيا، حيث تُعد هي ومدينة مليلية وغيرها من الجزر الصغيرة على طول ساحل شمال إفريقيا من ضمن أقاليم شمال إفريقيا الإسبانية، وكانت المدينة منذ قدم التاريخ محطًا للنزاعات بشكل مستمر، إذ تم احتلالها من قبل القرطاجيين واليونانيين، والرومانيين، والبيزنطيين؛ نظرًا لأهمية المدينة التجارية في العاج والذهب والعبيد، وسيطرت عليها البرتغال عام 1415 م، لتصبح تحت الحكم الإسباني فيما بعد عند توقيع معاهدة لشبونة عام 1688 م، ولم يتم منحها الحكم الذاتي إلا في عام 1995 م، عندما وافقت الحكومة الإسبانية على قوانين الحكم الذاتي لسبتة.[١]
تاريخ مدينة سبتة
يسيطر مضيق جبل طارق على المنطقة الواصلة ما بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، إذ يُعد نقطة تفتيش مهمة على الجانبين العسكري والتجاري على حٍد سواء، الأمر الذي أدركه الفينيقيون قديمًا وجعلهم يُنشئون موقعًا دفاعيًا في بداية الألفية الأولى قبل الميلاد في مدينة سبتة؛ للدفاع عن الطريق البري الرئيس لشمال إفريقيا، وكانت تُعرف مدينة سبتة قديمًا باسم أبيلا كما سجلّها الجغرافيون اليونانيون، وتعاقبت على هذه المدينة العديد من الحضارات في كل من العصور القديمة، والوسطى، والحديثة، الأمر الذي سيتم تناوله بالتسلسل التاريخي لمدينة سبتة الإسبانية فيما يأتي:[٢]
سبتة في العصور القديمة
بعد تدمير قرطاج على إثر الحروب البونيقية، تم ترك معظم شمال إفريقيا للولايات النيمية الرومانية، حيث استمرت الثقافة البونية في الازدهار والانتشار في مدينة سبتة، التي عُرفت عند الرومان باسم سيبتيم، مما جعل سكّان المدينة يستحدمون اللغة البونية في التحدث والكتابة، بالرغم من انضمامها إلى المقاطعات الرومانية في شمال إفريقيا على يد القيصر ووريثته بعد معركة تابسوس عام 46 قبل الميلاد، وانتقل حكم المدينة فيما بعد عندما تم الاستيلاء عليها في عام 42 م من قبل الملك الموريتاني كايجولا، الذي اغتال بطليموس، وقام بتنظيم مدينة سيبتيم ورفعها إلى مستوى مستعمرة في مقاطعة تنغيتانا، ثم تحول الحكم فيما بعد إلى الرومانيين، الذين ساهموا في ازدهارها في القرن الثالث ميلادي، حيث أصبحت حركة التجارة المشتركة مع إسبانيا في أوجها، وأصبحت مدينة سبتة تشتهر بأسماكها المالحة.[٢]
سبتة في العصور الوسطى
اجتاح المخربون شمال إفريقيا الرومانية، حيث اهتم مَلكهم حينها بالاستيلاء على الأراضي الغنيّة حول قرطاج، والتي كانت من ضمنها مدينة سيبتيم، ولكن سرعان ما فقدوا السيطرة عليها في سلسلة ثورات البربر، وأصبحت المدينة فيما بعد العاصمة الإقليمية للبيزنطين، ليتم عزلها لاحقًا بسبب الأوبئة المنتشرة وخطوط الإمداد المنهكة فيها؛ بسبب ضعف الحكّام الذين ترأسوها في تلك الفترة، ليتم إحياء المدينة من جديد بعد تكريم مملكة فيسغوث في إسبانيا لها، ليتوالى عليها فيما بعد حكم البربر، ثم حكم الإسلام، الذين أطلقوا عليها اسم سبتة، ثم الحكم الأندلسي المغاربي في عام 927 م مع ميليلا، واستمر تغيير السلطة على المدينة، إذ تعاقب عليها حكم الأمويين الإسبان، ثم سيوتا، فالإيبيرية المسلمة، فالبربر، فالحفصاء التونسيين، فالعزّافيين، لتُحتل أخيرًا من قبل فاس عام 1387 م، الذي استمر طويلًا حتى عام 1415 حينما أصبحت تحت الحكم البرتغالي. [٢]
سبتة في العصور الحديثة
في الأول من شهر كانون الثاني لعام 1668 اعترف الملك البرتغالي أفونسو السادس بأنّ الولاء الرسمي لمدينة سبتة يعود لإسبانيا، وتنازل وفق معاهدة لشبونة للملك الإسباني كارلوس الثاني، وتوالت عليها العديد من الحروب مع المغاربة، التي انتهت بمعركة تطوان، والحروب الأهلية الطويلة، وانتهت الحروب عندما تم الاعتراف باستقلال المغرب الإسباني عام 1956 م، مع بقاء مدينة سبتة مع غيرها من الأقاليم تحت الحكم الإسباني.[٢]
التركيبة السكانية لمدينة سبتة
تتمتع مدينة سبتة الإسبانية بموقع استراتيجي يُفسر تركيبتها السكانية المتنوعة والمختلطة ما بين السكان الإثنيين والدينيين من المسلمين والمسيحيين، إذ بلغت نسبة السكان الذين يعتنقون الديانة المسيحية في عام 2006 م نسبة 50% من سكان مدينة سبتة الإسبانية، بينما بلغت نسبة المسلمين 48%، وأظهرت إحصائيات عام 2012 م أن نسبة سكان سيوتا، المعروفة بالكنيسة الرومانية الكاثولوكية، 68% بينما بلغت النسبة لمن يعتنقون الديانة الإسلامية 28.3%، والجدير بالذكر أنه يتم استعمال اللغة العربية المغربية بشكل واسع في مدينة سبتة الإسبانية بالإضافة إلى كل من اللغة البربرية والفرنسية، بالرغم من أن اللغة الإسبانية هي اللغة الأساسية والرسمية فيها.[٢]
السياحة في مدينة سبتة
تمتلك مدينة سبتة الإسبانية خصوصية عالية في إسبانيا، حيث إنّها أحد المدينتين الوحيدتين بجانب مليلية التي تقع في القارة الإفريقية، وهي محاطة بالمغرب من معظم الجهات باستثناء الساحل، وحيث إنّها تقع في مضيق جبل طارق، فتتمتع المدينة بطابع عربي مميز، وأهمية عسكرية كبيرة، الأمر الذي يظهر واضحًا على مبانيها ومعالمها العسكرية كالجدران الملكية، وتضم المدينة العديد من الأماكن السياحية التي تستحق المشاهدة مثل مونتي آشو، الذي يُوفر فرصة مشاهدة المدينة بمنظر بانورامي خلّاب فريد من نوعه، وقصر التنانين بمبناه الأكثر غرابًة وجمال على الإطلاق.[٣]
مناخ مدينة سبتة
تتمتع مدينة سبتة الإسبانية كغيرها من المدن الإسبانية والمغربية القريبة مثل: طريفة وطنجة والجزيرة الخضراء، بمناخ شبه استوائي بحري، حيث يكون فصل الصيف في مدينة سبتة الإسبانية دافئًا مُعتدلًا وجافًا دون هطول أمطار فيه؛ نظرًا لتأثرها بمناخ مضيق جبل طارق المعتدل، بينما يكون فصل الشتاء مُعتدل نسبيًا، وبمعدل هطول أمطار يبلغ 849 ملم سنويًا، كما ويُعتبر متوسط التغير في درجات الحرارة النهارية منخفضًا، وتتراوح متوسط درجات الحرارة السنويّة فيها من 15.7 درجة مئوية كأدنى حرارة إلى 21.4 درجة مئوية.[٢]