محتويات
نهر الدانوب
نهر الدانوب هو ثاني أطول نهر في أوروبا بعد نهر الفولغا، يقع في وسط وشرق أوروبا، وكان نهر الدانوب أحد الحدود الطويلة للإمبراطورية الرومانية، والآن يتدفق خلال عشر دول -أكثر من أي نهر على وجه الأرض - فهو ينبع من الغابة السوداء في ألمانيا، ويتجه إلى الجنوب الشرقي بطول 2850 كيلو متر، ويمر عبر الحدود النمساوية وسلوفاكيا والمجر وكرواتيا وصربيا، ورومانيا وبلغاري ومولدوفا وأوكرانيا ومن ثم يصب في البحر الأسود، وحوض التصريف لنهر الدانوب يمتد ليشمل تسعة بلدان أخرى[١]، ولعب الدانوب دورًا حيويًا في الاستقرار والتطور السياسي في وسط وجنوب شرق أوروبا، وشكلت ضفافه بحصونها وقلاعها، الحدود بين الإمبراطوريات العظيمة. [٢]
تاريخ نهر الدانوب
نهر الدانوب لعب دورًا مهما في تشكيل الحضارة الأوروبية، حتى إنّه عُثر على أدلة من ثقافات بشرية قديمة جدًا مثل العصر الحجري، وخلال القرن السابع قبل الميلاد، وصل البحارة اليونانيون إلى أسفل الدانوب وأبحروا في منبعه، وقاموا بالتجارة فيه، لقد كانوا على دراية بكامل مجرى النهر السفلي، وكان الدانوب فيما بعد يمثل الحدود الشمالية للإمبراطورية الرومانية الشاسعة وكان يطلق عليه اسم دانوف، وكان جنودهم يقومون بدوريات في مياهه، واستخدمته الإمبراطورية العثمانية أيضًا لأغراض دفاعية في القرون اللاحقة، ومع ذلك في أوائل القرن السابع عشر، اعترفت ملكة المجر والبوهيما ماريا تيريزا بدور نهر الدانوب كممر تجاري، وبهذا بدأ تشغيل قوارب النهر التي تحمل البضائع على النهر، حيث أسست إدارة للإشراف على الملاحة النهرية[٣].
وفي عام 1830 قام زورق بأول رحلة من فيينا إلى بودابست، وكان لأغراض تجارية، وكانت هذه الرحلة بمثابة نهاية لأهمية النهر كخط دفاعي، وبداية استخدامه كممر تجاري، وتلا هذا الحدث الكثير من الإتفاقيات والمعاهدات التجارية بين العديد من الدول مثل ألمانيا والنمسا وتركيا وبريطانيا العظمى ورومانيا، وغيرها الكثير لجعل الملاحة حرة، وخلال الحرب العالمية الثانية، توقفت أعمال الملاحة الدولية المجانية على طول مجرى النهر، ولم يتم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن استئناف الملاحة حتى اتفاقية الدانوب لعام 1948 وكانت الاتفاقية الجديدة تنص على أنه يُسمح فقط للدول التي تحد الدانوب بالوصول إلى مصادر مياه نهر الدانوب.[٢]
جغرافيا نهر الدانوب
على الرغم من أن منابع نهر الدانوب صغيرة حاليًا، إلا أنه يعتبر أقدم من نهر الراين الذي ينبع من جبال الألب، حيث كان يُعتقد قديمًا - وتحديدًا في أواخر العصر الجليدي - أن جبال الألب كانت منبعًا لنهر يدعى أورداناو وهو نهر الدانوب قديمًا، وقد كان أطول بكثير من الدانوب الحالي، لكنه جف بسبب عوامل التعرية التي حدثت لجبال الألب وأدت لتغيير مجرى مياهه، فأصبحت تغذي نهر الراين[١]، ويوجد حاليًا ثلاثة مقاطع لنهر الدانوب تظهر جليًا في حوضه. [٢]
القسم العلوي
يمتد من منبعه إلى المضيق المسمى البوابات الهنغارية، في جبال الألب النمساوية، وجبال الكاربات الغربية، ينبع الدانوب على شكل جدولين صغيرين، من المنحدرات الشرقية من الغابة السوداء في ألمانيا، ويتوحد هذان الجدولان في دوناشينغن، ويجري باتجاه الشمال الشرقي، ثم ينحرف إلى الجنوب، وقبل وصوله إلى الحدود النمساوية، يضيق النهر ويزخر قاعه بالشعاب المرجانية وتصبح مياهه ضحلة، وطول القسم العلوي حوالي 965 كيلومتر، لديه متوسط ميل كبير يصل إلى 93.%، لذلك تكون سرعة النهر عالية تصل إلى 2-5 ميلًا في الساعة، ويتراوح العمق من 1-8 أمتار.
القسم الأوسط
يمتد من مضيق البوابات الهنغارية إلى البوابة الحديدية في منطقة الكاربات الرومانية الجنوبية، وتكون ضفافه منخفضه، وعرض حوضه يصل إلى أكثر من ميل، وعند البوابة الحديدية يتدفق بممر ضيق يشبه الوادي، و تضاريس حوض القسم الأوسط تتكون من السهول المسطحة، والقمم السفلية للسلالسل الجبلية، ويمر بعدد من الجزر.
القسم السفلي
يمتد من البوابة الحديدية إلى مصب ديلايك في البحر الأسود، وخلف البوابة الحديدية يتدفق الدانوب عبر نهر واسع، ويصبح ضحلًا وواسعًا، ويتباطأ تياره، وتكون سهول بنغاريا على يمينه، وسهول الرومان على يساره، روافد هذا القسم متواضعة جدًا، ويمر بالعديد من الجزر، وعلى بعد حوالي 80 كيلومتر من البحر الأسود يبدأ النهر بالإنتشار في دلتاه، حيث يتفرع إلى ثلاثة أقسام، ثم يصب في البحر.
الملاحة في نهر الدانوب
نهر الدانوب قابل للملاحة بواسطة سفن المحيط من البحر الأسود إلى برايلا في رومانيا، وكذلك بواسطة السفن النهرية وتصل إلى أبعد من ذلك حتى كيلهايم، بافاريا، ألمانيا، وحوالي 60 من روافده صالحة للملاحة، ومنذ الإنتهاء من قناة الراين الألمانية الرئيسة في الدانوب عام 1992، أصبح النهر جزءًا من ممر مائي عبر أوروبا، من روتردام على البحر الشمالي إلى سولينا على البحر الأسود وعلى مسافة 3500 كيلومتر، في عام 1994 تم إعلان الدانوب كأحد ممرات النقل الأوروبية العشر، وهي طرق في أوروبا الوسطى َالشرقية تطلبت استثمارات كبيرة على مدى السنوات الخمس عشرة اللاحقة[١].
زادت كمية البضائع المنقولة حوالي مليون طن في عام 1987م، وفي عام 1999م، وأصبح النقل على النهر صعبًا بسبب قصف الناتو لثلاثة جسور في صربيا خلال حرب كوسوفو، وتم الانتهاء من إزالة الحطام الناتج في عام 2002، وتمت إزالة جسر عائم مؤقت أعاق الملاحة في عام 2005، ويوجد هناك ثلاثة ممرات مائية اصطناعية مبنية على الدانوب قناة الدانوب-تيسا-الدانوب DTD، الدانوب-البحر الأسود، وقناة راين-ماين-الدانوب[١].
التنوع الحيوي في نهر الدانوب
يدعم نهر الدانوب النظام الحيوي للعديد من الأنظمة البيئية مثل الغابة السوداء في ألمانيا، وجبال الألب في النمسا، سهول البوزتا في هنغاريا، والأراضي الرطبة في دلتا الدانوب، وجزر الدانوب في بلغاريا، ويعيش أكثر من مئة نوع من الأسماك، بما في ذلك خمسة أنواع من سمك الحفش، في مياه الدانوب، وحوض النهر يدعم أيضًا الكثير من أنواع الطيور، بما في ذلك أنواع الطيور النادرة مثل اللقلق الأسود، والبجع الأبيض، والنسر ذو الذيل الأبيض، ويعد الدانوب أيضًا جزءًا من قائمة " Global 200" العالمية للحياة البرية التابعة للصندوق العالمي للمناطق البيئية[٣].