معنى آية إنّ مع العسر يسرًا

كتابة:
معنى آية إنّ مع العسر يسرًا

معنى آية: إنّ مع العسر يسرًا

قال تعالى في سورة الشرح: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}،[١] وفيما يأتي بيان لمعنى آية: إنّ مع العسر يسرًا، من مجموعة من كتب التفسير:


ابن كثير

قال ابن كثير -رحمه الله- في معنى آية: إنّ مع العسر يسرًا، أنّ العسر لا يأتي إلّا ومعه اليُسر، وأورد بعض الأحاديث في كون العسر لو دخل في حجر فسوف يتبعه اليُسر والفرج، وأنّه لن يغلب عسرٌ يسرين، وهذا لأنّ كلمة العسر ودت في الآيتين معرّفة بال التعريف فيكون هذا العسر واحد وليس متعدد، أمّا اليسر فقد ورد بصيغة التنكير، وهذا يقتضي اختلاف هذا اليسر في كلّ مرة، وروى بسنده عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "نزلت الْمَعُونَةَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى قَدْرِ الْمَؤُونَةِ، وَنَزَّلَ الصَّبْرَ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ"، فهذا الحديث يُفسر وجه مصاحبة اليسر للعسر.[٢]


الطبري

فسّر الطبري -رحمه الله- آية: إنّ مع العسر يسرًا، بأنّ الله تعالى يُخبر النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّ اليسر مصاحب للشدة التي أنت فيها بسبب مجاهدتك للكفّار والمشركين، ورجاؤك بأنّ النصر والظفر سيكون لك عليهم حتّى ينقادوا للذي جئتهم به طواعيةً أو إجبارًا، وذكر أثرًا أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مستبشرًا ويظهر عليه الفرح فقال لهم وهو يضحك: "لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنَ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ"، وذكر هذه الآية.[٣]


البغوي

قال البغوي -رحمه الله- أنّ الله تعالى يعد نبيّه الكريم في هذه الآية باليسر والرخاء بعد الشدة التي كانت يجدها في مكة من جهاد المشركين، ويُبشرّه بأنّه سينصره عليهم وسينقادون له، وتكرير هذا الوعد لتأكيده وتعظيم الرجاء وحسن الظن بالله.[٤]


الرازي

قال الرازي -رحمه الله- إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لمّا كان في مكة عيّره المشركون بالفقر وقالوا له إن كنت تطلب بدعوتك هذه المال والغنى جمعنا لك من المال حتّى تكون أغنى رجلٍ فينا وتترك هذه الدعوة، فكان لهذا أثرًا شديدًا في نفسه الشريفة وظنّ أنّهم يمتنعون عن قبول دعوة الإسلام بسبب فقره، فنزلت سورة الشرح وبيّن الله تعالى له ما يمتلك من الفضائل وبشرّه بالغنى واليُسر، وقال أيضًا أنّ وجه تنكير كلمة اليسر ليس المغايرة وإنّما تعظيم هذا اليسر الذي سيأتي من الله تعالى بعد العسر بزمن قليل، فاليسر سيكون في الدنيا بفتح البلاد وإعلاء كلمة الحق وفي الآخرة بنوال الثواب والأجر من الله تعالى.[٥]


السعدي

قال السعدي -رحمه الله- إنّ في آية: إنّ مع العسر يسرًا، بشارة عظيمة في مقرنة اليسر للعسر والصعوبة ومصاحبته لهما، فالفرج يأتي مع الكرب، وفي تعريف العسر بال التعريف -وهي تفيد الاستغراق والعموم- دلالة على أنّه مهما كان هذا العسر شديدًا وصعبًا فإنّ اليُسر ملازم له.[٦]


القرطبي

ذكر القرطبي -رحمه الله- اختلاف أهل العلم في دلالة تكرير هذه الآية حيث قال بعضهم التكرار يُفيد التوكيد وقال آخرون إنّ تكرير اليسر وقد جاء بصيغة التنكير يُفيد المغايرة فيكون هذا أبعث للأمل والصبر في النفس، وفسّر اليسر بأنّه الغنى والسعة، وذلك لأنّ الكفّار لمّا عيّروا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم بالفقر فاغتمّ لذلك فبيّن الله تعالى نعمه عليه في مطلع سورة الشرح ثمّ وعده بالفرج واليسر العاجل والآجل.[٧]


ففتح الله تعالى عليه في الدنيا ودانت له الكثير من القبائل وصار لديه الكثير من المال، وهذا اليسر خاص برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وبعض من أمته، أمّا اليسر الآخر فيشمل جميع المؤمنين وهو يسر الآخرة، أي أنّه مع العسر في الدنيا سيكون هناك يُسرًا في الآخرة لأهل الإيمان، وقد يكون هناك يسرٌ في الدنيا والآخرة.[٧]


البيضاوي

قال البيضاوي -رحمه الله- إنّ العسر هو كمثل ضيق الصدر والوزر المنقض للظهر وضلال القوم وإيذائهم، وسيكون مع أنواع العسر هذه يُسر كانشرح الصدر ووضع الوزر والتوفيق للهداية والطاعة، فالله تعالى يقول لنبيّه ألّا يحزن إذا جاءه ما يحزنه ويُسبّب له الغم لأنّ الله تعالى سيُفرّج عنه، وقد أفاد قوله "إنّ مع" بيان مدى مصاحبة اليسر للعسر واقترانه به.[٨]


إعراب آية: إنّ مع العسر يسرًا

فيما يأتي إعراب مفردات وجمل آية: إنّ مع العسر يسرًا:[٩]

  • إنّ: حرف مشبّه بالفعل مصدري ونصب.
  • مع: ظرف متعلّق بخبر إنّ المقدّم المحذوف.
  • العسر: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظاهرة على آخره.
  • يسرًا: اسم إنّ المؤخّر منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
  • جملة "إنّ مع العسر يسرًا": جملة استئنافية لا محل لها من الإعراب.


المراجع

  1. سورة الشرح، آية:5-6
  2. ابن كثير، تفسير ابن كثير ط العلمية، صفحة 417-418. بتصرّف.
  3. الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري، صفحة 495. بتصرّف.
  4. البغوي، أبو محمد، تفسير البغوي، صفحة 464. بتصرّف.
  5. الرازي، فخر الدين، تفسير الرازي، صفحة 208-209. بتصرّف.
  6. عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي، صفحة 929. بتصرّف.
  7. ^ أ ب القرطبي، شمس الدين، تفسير القرطبي، صفحة 107-108. بتصرّف.
  8. ناصر الدين البيضاوي، تفسير البيضاوي، صفحة 321. بتصرّف.
  9. محيي الدين درويش، إعراب القرآن وبيانه، صفحة 517. بتصرّف.
3948 مشاهدة
للأعلى للسفل
×