أسماء الله الحسنى
حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين على تتبع أسماء الله الحسنى وحفظها ومعرفتها، فالعلم بالله -خالق كلّ شيء- هو أعظم العلوم وأنفعها، وذلك لأن معرفة الله وأسمائه، تقرب العبد من ربّه، وتُجلّي حقيقة الخالق عند المخلوق، فيعبده على بصيرة، ويحبه بيقين، وقد وعد النبيّ جزاء ذلك الجنّة[١]، فقال: "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ"[٢]. كما أوصى الله -جلّ في علاه- عباده بالدعاء بأسمائه، فقال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[٣]، وإن من التسعة والتسعين اسمًا اسم الله الواسع، فما الذي يحمله هذا الاسم من معنىً وصفاتٍ عظيمة؟
معنى اسم الله الواسع
نزل اسم الله الواسع في مواطن عديدةٍ في القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: {ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[٤]،. فاسم الله الواسع يعني أنّه هو الذي وسع رزقه جميعَ خلقه، ووسعت رحمته كلَّ شيء، وهو الغنيُّ الذي وسع غناه مفاقر عباده، والسّعة في كلام العرب: الغنى. ويقال: الله يعطي عن سعة، أي عن غنى، والواسع: هو المطلق، الذي لا يشغله معلومٌ عن معلوم، ولا شأنٌ عن شأن، ولا مسموعٌ عن مسموع، ولا دعاءٌ عن دعاء، أحيانًا الإنسان ينشغل بعمله عن أسرته، أو ينشغل بأسرته عن عمله، أو ينشغل بدراسته عن علاقاته، أو بعلاقاته عن دراسته، لكنَّ الله سبحانه وتعالى لا يشغله شأنٌ عن شأن[٥].
يسع خلقه كلهم بالكفاية والاتصال والجود والتدبير، ويسع برحمته الدنيا وما عليها، قال تعالى في آية الكرسي: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}[٦]. فهو -سبحانه- واسعٌ محيطٌ بكلِّ شيء، فإن تكلّم الخلق فهو سميع، وإن تحرّك فهو بصير، وإن جالت في خاطره الخواطر فهو عليمٌ، سميعٌ، بصيرٌ، يعلم مافي الصدور، قال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[٧]، فاسم الله الواسع شمل كلّ الصفات، فهو الواسع في علمه وغناه وفضله وإنعامه وجوده وكرمه، وهو الواسع في قدرته وحكمته، والواسع في مغفرته ورحمته[٨].
باب التخلّق باسم الله الواسع
إنّ من باب التخلّق بهذا الكمال وهذه الصفة الربّانيّة العظيمة هو ما رواه أبو هريرة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- أنّه قال: "إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق"[٩]. فقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- كما أوصانا تمامًا لا يضيق وجهه مع أحد، دائم التّبسم، متألّق الوجه، حسن الخلق، ويجب على العبد أن يشتقّ من صفات الله وأسمائه وكماله، وأن يعمل بمعني اسم الله الواسع فلا يضيقُ في علمه فيكون جاهلًا، وأن يتسع صدره للناس، فيزيد في إحسانه وحلمه، ليزيده الله ثوابًا وتفضيلًا في الدّنيا والآخرة[٥].
المراجع
- ↑ "معجم أسماء الله الحسنى (1)"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2736، صحيح.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 180.
- ↑ سورة المائدة، آية: 54.
- ^ أ ب "اسم الله الواسع"، www.kalemtayeb.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 255.
- ↑ سورة غافر، آية: 19.
- ↑ "الواسع"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه عبد الحق الإشبيلي، في الأحكام الصغرى، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 852، أشار في المقدمة أنه صحيح الإسناد.