معنى العدل الضابط في رواية الحديث

كتابة:
معنى العدل الضابط في رواية الحديث

معنى العدل الضابط في رواية الحديث

يشترط المحدثون لقبول الحديث والتسليم بصحة نسبته إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أموراً؛ منها: أن يكون كل راوٍ من رواته ثقةً، والثقة من الرواة هو العدلُ الضابط،[١] فما معنى العدالة والضبط عندهم؟، فيما يأتي توضيح لذلك.

العدالة

عدالة الراوي عند المحدثين

هي الملَكة التي تحمل صاحبها على التقوى، وتمنعه عن الوقوع في الكبائر، أو الإصرار على الصغائر، أو فعل ما يخل بالمروءة عند الناس،[٢] فقد اشترطوا في الراوي شروطاً يجب تحقّقها فيه حتى يُحكم بعدالته.[١]

وهي أن يكون الراوي مسلماً، بالغاً، عاقلاً، تقياً، سالماً من أسباب الفسق (أيّ الوقوع في الكذب، أو ارتكاب كبيرة، أو إصرار على صغيرة)، وخوارم المروءة (أيّ فعل ما يشينه بين الناس).[١]

ما هي خوارم المروءة

خوارم المروءة هي الأفعال المشينة في أعراف الناس؛ التي تحط من قدر الإنسان، وتحمل الناس على الاستخفاف به أو السخرية منه؛ لدلالة ذلك على قلّة مبالاة الإنسان وعدم الاكتراث لهيبته ووقاره، ومَن كان كذلك فيحتمل أن يقع منه الاستهتار في رواية الحديث.[٣]

بم تثبت عدالة الرواة

تثبت عدالة الراوي عند المحدثين بما يأتي:[٤]

  • اشتهاره بالعدالة بين العلماء النقّاد المنشغلين بالرواية والنقل وتتبع أحوال الرواة؛ كالإمام الشافعي والأوزاعي، وشعبة بن الحجاج وأحمد بن حنبل، وأشباههم ممّن اشتهروا بالإمامة والرسوخ في العلم.
  • أن ينصَّ اثنان على الأقل من أئمة الجرح والتعديل المعتبرين على عدالة هذا الراوي بعينه.

هل يقبل تعديل الراوي من غير تفسير؟

الذي عليه المحدثون أن تعديل الرواة لا يحتاج إلى تفصيل، وتبيين أسباب الحكم بها على الرواة، بخلاف الجرح الذي لا يقبل إلّا مفسَّراً؛ فيكشف النقاد عن أسباب حكمهم على الراوي بالجرح؛ وذلك لأنّ الناس يختلفون فيما يكون جرحاً في الراوي أو لا يكون.[٥]

الضبط

الضبط عند المحدثين

يقصد به الحفظ بإتقان عند سماع المرويات إلى حين أدائها، وهو ضبطان:[٦]

  • ضبط الصدر

وهو أن يحفظ الراوي عن ظهر قلب ما سمعه بإتقان؛ بحيث يستطيع استحضاره وتذكره متى شاء.

  • ضبط كتاب
وهو أن يتقن ما سمعه بتدوينه في كتاب، ويحافظ عليه من التغيير إلى حين أدائه، أيّ تحديثه به لمن يسمع منه. 

بم يثبت ضبط الراوي

يثبت ضبط الراوي ويحكم بقبول رواياته باعتبار مروياته؛ أيّ تتبعها ومقارنتها بروايات الثقات المشتهرين بالحفظ والإتقان، فإن كانت رواياته موافقة ومطابقة لرواياتهم حكم عليه بالضبط، وإتقان الحفظ وقُبلت روايته، وإن لم يكن كذلك ردّت روايته، أو على الأقل توقّف المحدقون عن قبولها.[٥]

لمَ العناية بمعرفة عدالة الرواة وضبطهم؟

تعظيم المحدثين حديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ حملهم على العناية الشديدة بمعرفة الرواة، والاطّلاع على أحوالهم بالتفصيل المستطاع، خشية أن يقعوا في نسبة رواية إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لم يقلها، أو فعل لم يفعله، أو خلق لم يتّصف به.[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ابن الصلاح، مقدمة ابن الصلاح، صفحة 104. بتصرّف.
  2. نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 79. بتصرّف.
  3. نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 80. بتصرّف.
  4. ابن الصلاح، مقدمة ابن الصلاح، صفحة 105. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن الصلاح، مقدمة ابن الصلاح، صفحة 106. بتصرّف.
  6. ابن حجر، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر، صفحة 58 -59. بتصرّف.
  7. عبدالمنعم السيد نجم، علم الجرح والتعديل، صفحة 63. بتصرّف.
4970 مشاهدة
للأعلى للسفل
×