معنى سند الحديث

كتابة:
معنى سند الحديث

الحديث النبوي

إنّ الحديث لغةً: ضد القديم، ويُطلق على الكلام الذي يُتحدّث به ويبلغ الإنسان من جهة السماع أو الوحي سواءٌ كان ذلك في اليقظة أم في المنام، أمّا الحديث النبوي فهو في الاصطلاح الشرعي: ما أُضيف إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير أو صفة، فالقول هو ما يرويه الصحابي فيقول قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومثاله قول رسول الله: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى"،[١] أمّا الفعل فهو الحديث الذي يرويه الصحابي ويذكر فيه فعل معيّن لرسول الله، كقولهم صلّى بنا رسول الله أو حجّ رسول الله إلى غير ذلك من الأمثلة، والتقرير هو سكوت النبي عن فعلٍ ما كسكوته عن أكل لحم الضب فدلّ ذلك على جوازه لأن الرسول لا يسكت على منكر ولو كان حرامًا لأخبر الصحابة بذلك، وهذه الأحاديث جميعها قد وصلت عن طريق الرواية والنقل وفي هذا المقال سيكون الحديث حول السند في الحديث النبوي.[٢]

معنى سند الحديث

إنّ السند في اللغة: هو ما ارتفع من الأرض وما يُقابل الإنسان من الجبال والسفوح العالية، وكل شيء يسنده الإنسان إلى شيءٍ آخر فهو سند، والإنسان إذا كان ثقة ويُعتمد عليه فيُقال له سند، أمّا في الاصطلاح، فإنّ سند الحديث هو: طريق المتن، كما يُطلق على سلسلة الرواة الذين رووا المتن ونقلوه عن المصدر الأول، وسبب تسمية سند الحديث بهذا الاسم لأنّ سلسلة الرواة هم الذين يُعتمد عليهم في نسبة المتن إلى قائله، فأحوال السند من انقطاعٍ واتصال وحال الرواة من عدالةٍ وضعف هي المؤثرات المهمة في الحكم على الحديث برمتّه وبيان كونه صحيحًا أم ضعيفًا، فاتصال السند هو: عدم وجود انقطاع في سلسلة الإسناد ويكون ذلك بسقوط راوٍ أو أكثر من هذه السلسلة إمّا عمدًا أو سهوًا، ومن أول السند أو من آخره أو من وسطه، وقد يكون هذا الانقطاع ظاهرًا أو خفيًا.[٣]

ومن المصطلحات الحديثية المتعلقة بسند الحديث مصطلح الإسناد فكثيرًا ما تُستعمل كلمة الإسناد ويُراد بها سند الحديث أي سلسلة الرواة، ولكن عند التدقيق يكون الإسناد هو حكاية طريق المتن وهذا ما عرّفه به ابن حجر العسقلاني،[٤] إلّا أنّ معظم المحدّثين يُطلقون كلمة الإسناد ويريدون به سلسلة الرواة أي يستخدمونه بمعنى السند، إلّا أنّ الإسناد أعم من السند فهو يأتي بمعنى عزو الحديث ونسبته إلى قائله،[٥] ومن الأمثلة على سند الحديث سلسلة الرواة في الحديث الذي رواه الإمام البخاري فقال: حدثنا أبو عاصم عن مالك عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لَا يُصَلِّي أحَدُكُمْ في الثَّوْبِ الوَاحِدِ ليسَ علَى عَاتِقَيْهِ شيءٌ"،[٦] فالبخاري رحمه الله ذكر الرواة الذين وصل متن الحديث عن طريقهم.[٧]

والسند هو من أهم مميزات التراث الإسلامي، لأنّ اتصال السند هو شرط أساسي وضروري في صحّة الأحاديث، حيث إنّ مدار كون الحديث صحيح هو اتصال السند وإتقان الرواة ناقلي الحديث بالإضافة إلى سلامته من العلل المعتبرة لدى أهل الحديث والأثر، وقد عدّ علماء الإسلام السند من الدين وعبروا عن أهميته بأروع العبارات، حيث قال ابن المبارك: "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء"، وقال سفيان الثوري: "الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيءٍ يقاتل"، فالإسناد من خصائص الأمة الإسلامية ومن النعم والفضائل التي أنعم الله -عزّ وجلّ- بها على أمّة محمد حيث إنّ الأمم السابقة لم يوجد فيها هذه الدقة بالنسبة لأقوال الأنبياء فاختلطت الحكم وأقوال الضلال فيها.[٣]

أقسام سند الحديث

إنّ سند الحديث هو الذي يُحدّد نوع الحديث في بعض الأحيان فالسند المتصل يُعطي صفة الاتصال للحديث والسند المنقطع يجعل الحديث منقطع، ومن الاعتبارات المهمّة في أقسام سند الحديث مسألة العلو والنزول، وفيما يأتي بيانٌ وتفصيل لكلّ من السند العالي والسند النازل:[٨]

السند العالي

إنّ السند العالي هو السند الذي يكون عدد رجاله قليلًا بالنسبة لسند آخر لنفس متن الحديث، والعلو ينقسم إلى قسمين: علو مطلق وعلو نسبي، فالعلو المطلق هو السند الذي ينتهي إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ويكون عدد رواته قليل بالنسبة لسند آخر لنفس المتن، أمّا العلو النسبي فهو كون سلسلة الرواة بين راوي الحديث وأحد أئمة الحديث كالبخاري وشعبة بن الحجاج قليلًا مقارنةً بسندٍ آخر لنفس المتن، ولو كان عدد الرواة بين هذا الإمام ورسول الله كبيرًا فإنّه لا يؤثر في كون السند عاليًا علوًا نسبيًا، وقد كان العلماء يهتمون بعلو السند ويطلبونه ويسافرون من أجل تحصيل الأسانيد العالية لأنّ مظنة وقوع الخطأ فيه أقل فكلّما قلّ عدد الرواة كان الحديث أكثر صحة في الغالب الأعم.[٨]

السند النازل

السند النازل هو السند الذي يكون عدد الرواة فيه كثيرًا مقارنةً بسندٍ آخر لنفس الحديث، وعلى الرغم من كون العلو مطلوب ومظنة الصحة في السند العالي أكبر إلّا أنّ المحدّثين قد يفضلّون السند النازل على العالي بسبب وجود مزية فيه مثل أن يكون رواة الحديث النازل أوثق أو أحفظ أو أفقه.[٨]

أصح الأسانيد

إنّ مصطلح أصح الأسانيد هو أحد المصطلحات التي تتردّد باستمرار على ألسنة المحدّثين حيث إنّ الرواة تتفاوت مراتبهم ودرجاتهم بحسب الأوصاف المتقضية للتصحيح الموجودة فيهم، ولكنّ مصطلح أصح الأسانيد وقع فيه الخلاف بين أهل العلم وفيما يأتي بعضٌ من أقوال أئمة الحديث في السند الذي هو لديهم موصوف بكونه أصح الأسانيد:[٩]

  • قال الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه: أصحّ الأسانيد الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر عن أبيه، والمقصود بأبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
  • قال علي بن المديني والفلّاس: أصح الأسانيد محمد بن سيرين عن عبيدة عن عمرو السلماني عن علي.
  • قال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر، وهذه السلسلة من الرواة هي المعروفة بالسلسلة الذهبية، وقد زاد البعض فيها أحمد عن الشافعي عن مالك.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، حديث صحيح.
  2. "كتاب نفحات من علوم القرآن"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "كتاب منهج الإمام البخاري"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  4. "كتاب مباحث في الحديث المسلسل"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  5. "كتاب أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:359، حديث صحيح.
  7. "كتاب شرح المنظومة البيقونية ليوسف جودة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت "أرشيف ملتقى أهل الحديث - 2"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
  9. "كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-21. بتصرّف.
5852 مشاهدة
للأعلى للسفل
×