معنى مثل: أكل الدهر عليه وشرب
شاعت لدى العرب بعض العبارات التي تستعمل للدلالة على معنى بعيد غير معناها الظاهر، ولكثرة دورانها بين الناس وفي الشعر والنثر وفي حديث الناس صارت أمثالًا تُطلق على كل حالة مشابهة لمعنى المثل، وواحد من الأمثال المتداولة بكثرة من زمن بعيد وإلى الآن، هو مثل: "أكل الدهر عليه وشرب"، فالمعنى القريب للعبارة غير واضح ولا يمكن إيجاد أي تفسير له؛ لأنه ضرب من المجاز، أما بالبحث عن أصل المثل ولماذا يُقال فقد يتبين أنه يُقال للشخص الذي فني ذكره ولم يعد يُسمع من أخباره شيئًا منذ أمد بعيد، وكأنّ المقصد أن الدهر قد مر عليه الكثير والكثير بعد ذكر هذا الشخص، وثمة وجهة نظر أخرى عن هذا المثل، فالبعض يرى أن المقصود بمثل أكل الدهر عليه وشرب هو أن الشخص المقصود قد طال عمره، وامتدت سنين حياته، وأنه أكل وشرب مدة طويلة من الدهر.[١]
ومما يجدر ذكره أن هذا المثل فيه استعارة مكنية إذ شُبه الدهر بإنسان يأكل ويشرب، وقد يرد استفسار عن الحكم الديني وما ينص عليه الإسلام عن هذا المثل، لأنه ثمة حديث نبوي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر"[٢] وهنا يجدر الذكر أن المقصود بالحديث النبوي ألا يسبوا مُسبِّب النوازل لأنه سيعود إلى الله، بينما المثل أكل الدهر عليه وشرب فيُقصد به الأيام والليالي لا الله جل جلاله.[١]
ومما يؤكد أن المقصود هو الأيام والليالي، هو أن لفظة الدهر في القرآن الكريم استُعملت للدلالة على الأيام والليالي، وهي في قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}[٣] وهنا يُقصد الأيام والليالي التي يعيشها البشر وما فيها من نوازل ومصائب.[١]
