مفهوم الإسلام الصحيح

كتابة:
مفهوم الإسلام الصحيح

تعريف الإسلام الصّحيح

تعريف الإسلام لُغَةً

إنّ للإسلامِ لُغَةً معانٍ عدّة، وفيما يأتي بيانها:[١][٢]

  • أولاً: الإسلام بمعنى الإذعانُ والانقياد: ووردَ ذكره بهذا المعنى في القرآن الكريم في قوله -تعالى-: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ).[٣]
  • ثانياً: الإسلامُ بِمعنى الإسلاف: ويُقصد به هنا عقد السَّلم؛ وعقد السلم من عقودِ البيعِ التي أقرّها الإسلامُ لحاجةِ النّاس إليه، وهوَ بيعٌ موصوف في الذّمة، فيقول أسلمت إلى فلان في أربعينَ ديناراً؛ أي اشتريتُ منه بضاعة مؤجلة بثمنٍ حالّ.
  • ثالثاً: الإسلام بِمعنى الدّين -الدّينُ الإسلاميّ-.
  • رابعاً: الإسلامُ بِمعنى الإحسان: وجاءَ وروده بهذا المعنى في القرآن الكريمِ في قوله -تعالى-: (بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ).[٤]
  • خامِساً: الإسلامُ بمعنى خضوع المخلوقات لله -عز وجل-: وجاءَ وروده بهذا المعنى في القرآن الكريم في قوله -تعالى-: (وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).[٥]


تعريف الإسلام شرعاً

تعريفُ الإسلامِ شرعاً له عدّة معانٍ، وفيما ياتي بيان عددٍ منها:[٦]

  • المعنى الأول: بمعنى أركانِ الإسلامِ: وهو مأخوذٌ من السّنةِ النّبوية، وذلك عندما تشكّل جبريل -عليه السلام- على هيئةِ رجل، وسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ماهية الإسلامِ، فقال له رسولُ الله -صلى اللهُ عليه وسلم-: (الإسلامُ أن تَشْهَدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ الله، وتُقيمَ الصلاةُ، وتُؤْتِيَ الزكاةَ، وتَصومَ رمضانَ، وتَحُجَّ البيتَ إن استطعْتَ إليه سبيلًا. قال: صدقْتَ).[٧]
  • المعنى الثاني: بمعنى اتّباع شريعةِ الله -عز وجل- التي أوْحى بها إلى رُسلهِ الكرام: ويتجلّى المعنى اللّغوي هنا، فالإسلامُ هو انقيادٌ وإذعانٌ لشريعة الباري -عز وجل-، وهو ما كان اتّباعه فيه اختيارياً، وعليه يكون الثّواب وعلى تارِكهِ العِقابُ، والانقيادُ لله -عز وجل- واتّباعُ شريعته يسمّى إسلاماً في كلِّ العصور؛ وذلك لأن الرّسالةَ واحدةٌ، وهي الإقرارُ بوحدانية الله -عزّ وجل- دون سواه، وقد جاء في القرآنِ الكريمِ قوله -تعالى-: (وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)،[٨] وقال -تعالى-: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ)،[٩] كما اشترطه الله -تعالى- لقبول العملِ فقال -تعالى-: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).[١٠]
  • المعنى الثالث: بمعنى مخصوصٍ وهو الدّينُ الذي نزلَ على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: وهذا هو المعنى المتبادر للأذهانِ في عصرنا الحاضر، وهو الخضوعُ التامُّ لله -عز وجل- اختياراً لا إكراهاً، والإيمانُ بما أمرنا أن نؤمن بهِ، واتّباعُ شريعة خاتمِ الأنبياءِ محمد -صلى الله عليه وسلم- التي أوْحاها الله -عز وجل- له، من قرآنٍ وسنّةٍ شريفةٍ، قال -تعالى- في كتابه الكريم: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).[١١]
  • المعنى الرابع: الإسلامُ كمنهج حياةٍ للسلوكِ الإنساني: فالإسلامُ رسالة الوحدانية، ورسالة الإيمان، ورسالة التشريع، إذ يُقدِّمُ الإسلامُ نظاماً مُتكامِلاً لتنظيمِ شتّى مجالاتِ الحياة، الاقتصادية، والأسريّة، والروحيّة، ففيه نظريّاتٌ في المعاملاتِ، وفي الميراث، وفي نظامِ الأحوالِ الشّخصية، وفي النظامِ السّياسي وغيرها من أمورٍ مُسْتقاة من شريعةِ الله -عز وجل- التي أنزلها على نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم-.
  • المعنى الخامس: الإسلامُ هو كلّ ما أُمِرَ نبيّ الله محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يبلّغه للنّاس: حيث إن لرسالةِ الإسلامِ جوانبُ عدّة؛ فيها أحكامُ العقيدةِ الإسلامية وأخلاقُ المسلم، وفيها الأحكامُ الفقهية من عباداتٍ، ومعاملاتٍ، وجنايات، وفيها تفسيرُ القرآن الكريمِ، وأحاديثُ السنّة، وكلّها أُمِرَ نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- بتبليغها للنّاس أجمعين، قال -تعالى- في كتابه الكريمِ: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).[١٢]


أركان الإسلام الصّحيح

أركانُ الدّين الإسلاميُّ خمسة، نُصَّ عليها في مواضعَ كثيرة، منها ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ الإسْلامَ بُنِيَ علَى خَمْسٍ: شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصِيامِ رَمَضانَ، وحَجِّ البَيْتِ)،[١٣] ونشرَحُ معانيها فيما يأتي:[١٤][١٥]

  • الركنُ الأول: الشهادتان: وهي الشّهادة -أيّ الإقرار- أنّ الله واحدٌ، لا شريكَ له في العِبادة، وأنّ محمد -صلى الله عليه وسلم- هو عبدُه ومُبَلّغُ رسالته الذي بُعِثَ للنّاس جميعاً، وقد أفلحَ من اتّبعَ شريعته، وهذه الشّهادة هي أساسُ قبولِ الأعمال، وتنتفي بانتفائها العبادات، فلا تُقبلُ الصّلاة، ولا الزّكاة، ولا الصّدقات، ولا غيرها، ما لم تقترن بالإخلاصِ لله -تعالى- والإقرارُ بنبوّةِ نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومجرّد النُّطقِ بالشّهادتينِ لا يكفي، فلا تتحقّقُ الشّهادة بأنّ الله لا إله إلّا هو حتّى يترك عبادةَ غيره.
ولا يتحقّق الإقرارُ بنبوّة محمد -صلى الله عليه وسلم- حتّى يَتَّبِعَ شريعتهُ، فيعمل بما أمر به ويترك ما زَجَر عنه، لأنّ الله -عزّ وجل- أمرنا باتّباعِ الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)،[١٦] فجَعَلَ بذلكَ شريعةَ خاتمَ الأنبياءِ محمد -صلى الله عليه وسلم- الحَكَمَ في قبولِ الأعمال أو ردّها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيانِ هذا المعنى: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).[١٧]
  • الركنُ الثاني: إقامةُ الصّلاة: جَعَلَ الله -سبحانه وتعالى- الصّلاةَ أهمّ ركنٍ بعد الشّهادتين، والصّلاةُ سلسلةٌ من الأفعال، يؤدّيها المُسلِمُ بأوقاتٍ معيّنة على هيئةٍ معيّنة، ولها أحكامٌ تضبطها، وسننٌ وفرائض تجعلُ إقامتها تامّةً على الوجهِ الذي يريده الله -سبحانه وتعالى-، وأساسُها فكرة الاتّصالِ بالباري -جلّ وعلا- في أوقاتٍ متفرّقةٍ من اليوم واللّيلة، فهناك صلاة الفجرِ، وصلاةُ الظّهرِ، وصلاةُ العصرِ، وصلاةُ المغربِ، وصلاةُ العِشاء، وهذه هي الصّلواتُ الخمسةُ المفروضةُ فرضَ عينٍ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ، قال -تعالى-: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا).[١٨]
وفي أهميّتها وخطورة تركها قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (العَهدُ الذي بَينَنا وبَينَهُم الصلاةُ، فمن تَرَكَها فَقَد كَفَرَ)،[١٩] فجُعِلَتِ الصّلاةُ بذلكَ عموداً للدّينِ، إذا غابت غابَ الدّينُ كلّه، فالله -تعالى- قال عنها في كتابه الكريمِ: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ).[٢٠]
  • الركنُ الثالث: إيتاءُ الزّكاةِ: الزّكاة هي دفعُ قدرٍ معلومٍ من المالِ عند بلوغ النّصاب وحولان احول عليه بمرور سنة كاملة عليه، وَتجِبُ فرضاً على أغنياءِ المُسلمينَ إلى فقرائهم، ولها أحكامٌ تضبطها، وليسَ المِقدار فاحشاً يأكل رأسَ المالِ، إذ يقدّر مقدارها بـِ "(2.5%)" من الأموالِ التي بلغت النّصاب، فالذّهبُ مثلاً يُزكّى إذا بلغَ "(20 ديناراً)" فأكثر وحال عليه الحول، والفضّةُ تزكّى إذا بلغت "(200 درهم)" وحالَ عليها الحولُ.
وتزكّى الحبوبُ والثّمارُ إذا بلغت "(300 صاعاً)"؛ ويُخرجُ منها العشرُ فقط إذا سُقيت بماءِ السّماء، ونصفُ العُشرِ إذا سقاها صاحِبُها، وإنّ في تشريعِ الزّكاة تحقيقاً للعدالةِ الاجتماعية، وسدٌّ لحاجاتِ الفقراءِ والمعدومين، كما تتحقّق فيها أسْمى أشكال التّكافل الاجتماعي، ومنع احتكار المال عند فئةٍ من النّاس، وهي سَبَبٌ لنزولِ البركة في المالِ، وتركها سببٌ في محق المال وذهابه.
  • الركنُ الرابع: صيامُ رمضان: إنّ رمضان هو الشهر التّاسعُ من الأشهرِ الهجريةِ المُعتدُّ بها في التقويمِ الإسلامي، وهو الشّهر الذي نَزَلَ فيه القرآنُ الكريمُ على نبيِّ الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، وله من المكانةِ العظيمة في نفوسِ المسلمينَ، والمطلوبُ صيامهُ شهراً كاملاً وُجوباً بأمر الله -عز وجل- على كل مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ، قال -تعالى- في كتابه الكريمِ: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).[٢١]
وكيفية الصيام هي أن يُمسِكَ المسلم عن الطّعامِ، والشرابِ، والجِماعِ من أذانِ الفجر صباحاً وحتّى أذانِ المغربِ مساءً، وقد راعت الشريعةُ الإسلامية السّمحاء أحوالَ بعض الأصنافِ من النّاس ممن لا يقدرون على الصّيامِ، وأجازت لهمُ الإفطارُ على أن يقضوه لاحقاً بعد رمضان، ومنهم: المُسافِرُ، والمريضُ، والحائض، والنّفساء، والحامِلُ، والمُرضِع، على تفصيلٍ يُذكرُ في بابه.
  • الركنُ الخامس: حجُّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليه سبيلاً: الحجّ عبادةٌ مِن أعظم العبادات على الإطلاق، ويكونُ بقصدِ بيت اللهِ الحرام في مكّة، وأداء عباداتٍ مخصوصةٍ بطريقةٍ مخصوصةٍ، والحجُّ لا يُطلَبُ من المُسلم إلّا مرّةً واحدةً في العُمرِ فرضاً، فإن فعلهُ المسلمُ أكثر مِن مرّة كان تطوّعاً منه.
وفي الحجُ يلتقي المسلمونَ في شهرِ ذو الحجّة في البيتِ الحرامِ، يطوفونَ سويةً، ويصعدون جبل عرفة معاً، ويذهبونَ إلى مِنى ويرمونَ الجمراتِ ثم يعودونَ، مرتدينَ لباسَ الإحرامِ، وجميعهم يبدونَ سواء، متجرِّدينَ من الدّنيا وزينتها، لا يُفَرَّقُ بينهم الغنيُّ عنِ الفقير، ويَروي الإمامُ البُخاري في صحيحه عن فَضلِ الحجِّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (مَن حَجَّ هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ).[٢٢]


خصائص الإسلام الصّحيح

إنّ للدينِ الإسلامي خصائص عدّة، وفيما يأتي بيان عدد منها:[٢٣][٢٤]

  • الخاصية الأولى: مصدره ربّانيٌّ: أي من عند الله -عز وجل- خالقُ الأكوانِ، وفالقُ الحبّ والنّوى، ومُخرجُ الحيَّ منَ الميّتِ.
  • الخاصية الثانية: شمولُ منهجهِ وكمالهُ: الإسلامُ دينٌ يتّصِفُ بشمولِيّته لتنظيمِ حياةِ الفردِ المسلم في شتّى نواحيها العملية، والأخلاقية، والاقتصادية، والرّوحية.
  • الخاصية الثالثة: رسالتهُ عامّةٌ وعمليّة: إن رسالةَ الإسلامِ عامّةٌ لجميعِ الخَلقِ، باقيةٌ إلى يومِ الدّينِ، صالحةٌ لكلِ زمانٍ ومكانٍ، ثوابِتُها باقيةٌ قطعيةٌ لا تتغيّر، والفقهُ فيها مَرِنٌ يقبلُ الاجتهادَ، ويُراعي مصالحَ وأعرافِ النّاسِ المتغيّرة.
  • الخاصية الرابعة: ترتيبُ الجزاءِ في الدّنيا والآخرة: إنّ الإسلامَ يُرَتِّبُ الجزاءَ على تركِ العباداتِ في الدّنيا وفي الآخرة، ولا ينفكُّ أحدهما عنِ الآخر.
  • الخاصية الخامسة: الواقِعية: الإسلامُ دينٌ كاملٌ يسعى للسّمو بالفرد المسلم ليُخرِجَ أفضل ما فيه، فالإسلامُ كاملٌ مِثاليٌ ولكنّه واقعيٌ يُراعي أحوالَ النّاسِ ونزواتهم وتقلّباتِ أمورِهم.
  • الخاصية السادسة: الوضوح: تتّسِمُ الشريعة الإسلامية بوضوحِ تعاليمِها وأهدافها وغاياتها.
  • الخاصية السابعة: التوازن: جاءت أحكامُ الإسلامِ منسجمةً مع واقعِ الفردِ المُسلِم وبيئته، وهذه ميّزةٌ أخذَتِ الإسلام نحوَ العالميّة، إذ لا يطغى جانبُ العباداتِ على الأعمالِ، فالمُسلِمُ مُطالَبٌ بشيءٍ قليلٍ من العباداتِ المنظّمة بأوقاتها، ولا تكاد تأخذُ ساعةً من يومه ولو كانت مجتمعة، ومُطالَبٌ ب2.5% من أمواله المكنزة الزّائدة عن احتياجه؛ دعماً لإخوته من الفقراء والمساكين، وماذا يعني صيامُ شهرٍ، أو زيارة البيتِ العتيقِ مرّة في العُمرِ، فالإسلامٌ معتدلٌ في أوامِرهِ وأحكامه، محرّماته قليلة، ومباحاتهُ كثيرة.


محاسن أركان الإسلام الصّحيح

إنّ المحاسِنَ هي المزايا والفضائل، والإسلامُ بِحُكمِ مصدره الرّبّاني كان لهُ من المحاسِنِ الكثير، وقد اعتنى العلماءُ بذكرِ محاسِنِ الإسلامِ وبَوّبُوا لها أبواباً في كُتُبِهم، ومنهم من أفردَ كُتُباً للحديثِ عن هذا الموضوع،[٢٥] وفيما يأتي بيان عددٍ منها:[٢٦]

  • أولاً: محاسِن النّطقُ بالشّهادتين: إنّ الإقرارَ بالشّهادتين هو أبرزُ علامةٍ وشعارٍ يتّخذه المُسلم لنفسه، فالشّهادتانِ هما مفتاحُ الدّخولِ إلى الإسلام، والعملُ بهما هو مفتاحُ الدّخولِ إلى الجنّة.
  • ثانياً: محاسِن الصّلاة: إنّ الصّلاة فرصةٌ لتجديد العهدِ مع الله -عز وجل-، والاعتذار إليه، ودعائه واستمدادُ العونِ منه، كما تُربّي الفردَ المُسلم على تنظيمِ وقتهِ بالالتزامِ بخمسِ صلواتٍ يومياً، وتُربّي عنده الخضوعَ لله -عز وجل- واللّجوءَ إليه في كلِّ أموره، وهي كنزٌ إذا أحسنَ المسلمُ اغتنامه، فالصّلاةُ تطهيرٌ للمسلم من ذنوبهِ، فقد قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا)،[٢٧] بالإضافة إلى أنّ الصّلاة تُحيِي روحَ المسلمَ وبَدَنِهُ، وتقوّي روابطَ الأخوّةِ بينَ أفرادِ المجتمعِ المسلم من خلال أدائها جماعةً.
  • ثالثاً: محاسِنُ الزّكاةِ: الزّكاة كما ذكرنا هي إخراجُ قدرٍ معلومٍ من المالِ المحفوظ الذي بلغ النّصاب سنةً كاملة، ومقدارها 2.5%، وليست بكثيرة ولا مُستَنزِفةٍ للمال، ولكنّ إخراجها يعصِمُ الكثير من الفقراء عن السؤالِ أو السّرقة، فتسموا بهم إلى العفة والرِّضا، عوضاً عن التّذلل والسّخط، كما أنّها تطهّرُ صاحبها من الشحِّ والبخلِ وحبِّ المالِ، وتَقِي المجتمعَ من الحسد والبغضاءِ وطبقيّة المجتمع.
  • رابعاً: محاسِنُ الصّيامِ: إنّ الصّيامَ عبادةٌ خالصةٌ لله -عز وجل-، وجاء في السّنة النبوية أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به)،[٢٨] وأبرز ما يعلّمه الصومُ للمسلم؛ أنّه مُراقَبٌ من قبلِ الله -عز وجل- دائما، فيعتاد بذلك على التّقوى والصدقِ مع الله -تعالى-، كما أنّ الصائم يتركُ خلفه محبوباتِ نفسه من طعامٍ وشرابٍ وجِماع، فيستشعر قدرتهُ على التحكّمِ بأهوائه وعدمِ الانقيادِ لها، ممّا يجعَلُ منهُ إنساناً قوياً بدينهِ غير ملتفتٍ إلى الدّنيا، ويستشعِرُ نِعمَ الله -سبحانه وتعالى- عليه، ويشعر مع الفقراء والمساكينِ الذين يُعانون من العَوزِ الدائمِ، ممّا يدفعهُ إلى مساعدتهمِ واللطف بحالهم.
  • خامساً: محاسِنُ الحجِّ: إنّ للحجِّ جملةً مِنَ المحاسن، فهو يورِثُ صاحبه حبَّ بيتِ الله الكريم، وحبّ رسوله -صلى الله عليه وسلم-، كما ويضعُ الحاجَّ في منزلةٍ عظيمةٍ من التّجردِ لله -عز وجل- عن اللباس الفخمِ والطيبِ و كل أشكالِ الزّينة، ليعلّمه أن الحياة ليست متاعاً ومالاً، إنّما هي صدقُ مسيرِ العبد إلى الله -عز وجل- تاركاً الدنّيا خلفه، وطالباً مغفرة الله -تعالى- وعفوه، وقد بُشِّرَ الحُجّاجُ لِمن أحسنَ منهم في حجّه أن تعودَ صفحته بيضاء صافية، فيتحرّر بها من ذنوبه، وبإخلاصه في التوبة يسيرُ إلى اللهِ -تعالى- غيرَ مثقَلٍ بخطايا أو ذنوب، كما أنّ الحجّ عبادةٌ جماعيّةٌ يلتقي فيها المسلمون من شتّى بقاعِ الأرض؛ فيتعرّفونَ، ويتناصحون، ويُساعِدُ بعضهمُ الآخر.


المراجع

  1. محمد حسن عبد الغفار، شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، www.islamweb.net، صفحة 3، جزء 39. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين (1427l)، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 259، جزء 4. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية: 131.
  4. سورة البقرة، آية: 112.
  5. سورة آل عمران، آية: 83.
  6. عبد الكريم زيدان (2009م)، أصول الدعوة (الطبعة التاسعة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 9.
  7. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 4695، صحيح.
  8. سورة البقرة، آية: 132.
  9. سورة آل عمران، آية: 19.
  10. سورة آل عمران، آية: 85.
  11. سورة المائدة، آية: 3.
  12. سورة المائدة، آية: 67.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
  14. محمد بن ابراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: دار بن خزيمة، صفحة 47-49. بتصرّف.
  15. عبد الرحمن بن حماد آل عامر (1420ه)، دين الحق (الطبعة السادسة)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 49-65. بتصرّف.
  16. سورة الحشر، آية: 7.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1718، صحيح.
  18. سورة النساء، آية: 103.
  19. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 2621، حسن صحيح غريب.
  20. سورة العنكبوت، آية: 45.
  21. سورة البقرة، آية: 185.
  22. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1820، صحيح.
  23. عبد الكريم زيدان (2001م)، أصول الدعوة (الطبعة التاسعة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 45. بتصرّف.
  24. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، صفحة 321-326. بتصرّف.
  25. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، صفحة 312. بتصرّف.
  26. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، صفحة 337-342. بتصرّف.
  27. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 667، صحيح.
  28. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5927، صحيح.
4972 مشاهدة
للأعلى للسفل
×