مفهوم الاستثناء المفرغ

كتابة:
مفهوم الاستثناء المفرغ

ما هو الاستثناء المفرغ؟

هو الاستثناء الناقص والاستثناء الذي حُذف المستثنى منه من أركانه، وذلك على نحو: ما جاء إلّا طالبٌ، فالمستثنى: طالب، والأداة: إلّا، والمستثنى منه محذوف، وهذا النوع من الاستثناء لا يُعدّ استثناءً بل هو أسلوبٌ للتّوكيد فقط، وقد سُمّي مفرّغًا لأنّ بهذا الأسلوب يتفرّغ ما قبل إلّا للعمل فيما بعدها ولا يشغله عنه شيء، وعليه تخرج إلّا عن الاستثناء.

ففي قولهم: ما قام إلّا زيدٌ، فقد رفع زيد على الفاعلية، وفي قولهم: ما رأيتُ إلّا زيدًا، فقد نُصب زيد على المفعوليّة، وفي قولهم: مررتُ بزيدٍ، فقد جُرّ زيد بحرف الجر.[١]


وعليه فيكون الاستثناء المفرّغ هو الاستثناء الذي قد حذف منه المستثنى منه

ما حكم الاستثناء المفرغ؟

  • أن يسبق بنفي أو ما يشبهه: فإذا كان الاستثناء مفرغًا فإنّه يجب أن يُسبق بنفي أو ما يشبه النفي، وذلك على نحو: ما جاء إلّا علي، وقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ}.[٢][٣]
  • أن يسبق باستفهام: قد يأتي الاستثناء المفرّغ أيضًا مسبوقًا باستفهام متضّمن معنى النفي، وذلك نحو قوله تعالى: {هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ}.[٤][٣]
  • أن يسبق بنفي معنوي: قد يكون النفي معنويا كقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.[٥][٣]


  • أن يُعرب الاسم بعد إلّا وفقًا لما يتطلّبه العامل الذي وقع قبلها: وذلك نحو: ما جاء إلا أحمدُ، فـ "أحمد" قد عمل به العامل قبل إلّا وهو الفعل "جاء" فهو فاعلللفعل جاء، فتُعامل إلّا كأنّها ليستْ موجودة.[٦]
  • أن تُعرب إلّا في الاستثناء المفرّغ أداة حصر: فتعامل كأنّها ليست موجودة في الجملة عند الإعراب؛ إذ إنّ الفائدة منها هي القصر والتّوكيد لا الاستثناء.[٦]


وعليه فالاستثناء المفرّغ يجب أن يسبق باستفهام أو نفي أو ما يشبه النفي، ويعرب الاسم الواقع بعد إلّا بحسب موقعه من الإعراب دون النظر إلى إلّا؛ وذلك كون إلّا أداة حصر هنا.

ما معنى القصر في الاستثناء المفرّغ؟

القصر هو أمرٌ بلاغي يُراد به قصر شيءٍ على شيء حتّى لا يتجاوزه إلى غيره، وفي أسلوب الاستثناء المفرّغ وظيفة بلاغيّة وهي القصر، مثال: لا يعلم الغيب إلّا الله، ففي المثال السّابق تخصيص علم الغيب وقصره على الله تعالى، فلو حُذف النفي والاستثناء من الجملة السّابقة لزال بهما أيضًا معنى القصر الذي تضمّنته الجملة، كما في قولهم: يعلم الغيب الله، فليس في الجملة شيءٌ من القصر أو التخصيص، ففي الاستثناء المفرّغ يكون المقصور هو الذي يسبق أداة الاستثناء إلّا، والمقصور عليه هو ما يليها، فالمقصور في الجملة السّابقة هو "علم الغيب" والمقصور عليه هو اسم الجلالة "الله".[٧]


إنّ الاستثناء المفرّغ أحد أنواع القصر، فبه يُخصّص شيءٌ بشيءٍ معيّن أو قَصر شيءٍ على شيءٍ دون أن يشاركه أحد به.

كيف يعرب الاستثناء المفرغ؟

  • إذا كانت أداة الاستثناء في الاستثناء المفرّغ "إلّا" فإنّها تُعرب أداة حصر، ويُعرب الاسم بعدها بحسب موقعه من الإعراب، وذلك على نحو: ما كرمتُ إلا طالبًا، فإعراب هذه الجملة يكون:[٨]
    • ما: نافية لا عمل لها
    • كرمْتُ: فعلٌ ماض مبني على السّكون لاتّصاله بتاء الرفع والتّاء ضمير متّصل مبني على الضّم في محل رفع فاعل.
    • إلّا: أداة حصر
    • طالبًا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.
  • أمّا إذا كانت أداة الاستثناء في الاستثناء المفرّغ هي "غير" يكون إعرابها في الاستثناء المفرغ مثل إعراب الاسم الواقع بعد إلّا، ويُعرب الاسم بعدها -أي بعد غير- مضافًا إليه مجرور، وذلك على نحو: ما جاء غيرُ طالبٍ، فيُقال في إعراب هذه الجملة:[٩]
    • ما: نافية لا عمل لها
    • جاء: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
    • غير: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
    • طالب: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
  • في حال كانت أداة الاستثناء في الاستثناء المفرّغ هي "سوى" يكون إعرابها في الاستثناء المفرغ مثل إعراب الاسم الواقع بعد إلّا، ويُعرب الاسم بعدها مضافًا إليه مجرور، وذلك على نحو: ما جاء سوى طالبٍ، فيكون إعراب هذه الجملة:[١٠]
    • ما: نافية لا عمل لها
    • جاء: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
    • سوى: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدّرة على الألف للتّعذّر.
    • طالب: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.


إعراب الاستثناء المفرّغ إذا كانت الأداة "إلّا" بجعلها أداة حصر وإعراب الاسم بعدها بحسب العامل الّذي سبق "إلّا"، أمّا إذا كانت الأداة "سوى أو غير" فإنّهما يأخذان مكان الاسم الواقع بعد إلّا من الإعراب أي يعربان بحسب موقعهما أيضًا، ويعرب الاسم بعدهما مضاف إليه.

كيف أميز الاستثناء المفرغ عن غيره؟

للاستثناء أنواعٌ ثلاثة تفصيلها فيما يأتي:


تام مثبت

وهو الاستثناء الذي تكون فيه جميع أركان أسلوب الاستثناء موجودة، فلو كان في جملة الاستثناء جميع الأركان موجودة ولم تكن مسبوقة بنفي فالاستثناء تام مثبت، وذلك على نحو قولهم: حضر الطلاب إلّا طالبًا، فالمستثنى منه: الطلاب، والمستثنى: طالبًا، والأداة: إلّا، ولم يسبق بنفي فالاستثناء تام مثبت.[١١]


تام منفي

وهو الاستثناء الّذي تكون فيه جميع أركان أسلوب الاستثناء موجودة، وما يميّزه عن التّام أنّه مسبوقٌ بنفي، فلو كان في جملة الاستثناء جميع الأركان موجودة وكانت مسبوقة بنفي فالاستثناء تام منفي، وذلك على نحو قولهم: ما حضر الطلاب إلّا طالبًا، فالمستثنى منه: الطلاب، والمستثنى: طالبًا، والأداة: إلّا، وسبق بنفي بـ "ما" فالاستثناء تام منفي.[١١]


ناقص منفي أو مفرغ

وهو محورُ الحديث، وما يميّزه عن الأنواع الأخرى للاستثناء أنّه لا يأتي إلّا منفيًّا، ويُحذف منه المستثنى منه، وكذلك يكون الاسم بعد إلّا مُعربًا بحسب موقعه من الإعراب، فإذا جاء في جملة الاستثناء المستثنى منه محذوفًا وسُبقت جملة الاستثناء بنفي فالاستثناء مفرّغ، وذلك على نحو قولهم: ما جاء إلّا طالبٌ، فالمستثنى منه محذوف، والمستثنى طالب، والأداة إلّا، وقد سُبق الاستثناء بنفي، فالاستثناء ناقص منفي أو مفرّغ.[١١]


ما يميّز الاستثناء المفرّغ عن الأنواع الأخرى للاستثناء أنّه استثناءٌ منفيٌّ وناقص، فقد سُبق بنفي وحذف منه المستثنى منه.

أمثلة على الاستثناء المفرغ

  • لا يسوقُ الخيرَ إلّا اللهُ
    • لا: نافية لا عمل لها.
    • يسوقُ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
    • الخيرَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
    • إلّا: أداة حصر.
    • اللهُ: اسم الجلالة فاعلٌ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • ما ربح إلا متسابقٌ
    • ما: نافية لا عمل لها.
    • ربح: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
    • إلّا: أداة حصر.
    • متسابق: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • لا يُسدي النصيحة إلّا المخلصون
    • لا: نافية لا عمل لها.
    • يسدي: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضّمة المقدّرة على الياء للثقل.
    • النصيحة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.
    • إلّا: أداة حصر.
    • المخلصون: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنّه جمع مذكّر سالم، والنون عوضٌ عن التنوين في الاسم المفرد.
  • ما صاحبتُ إلّا الأخيارَ
    • ما: نافية لا عمل لها.
    • صاحبت: فعل ماض مبني على السكون لاتّصاله بتاء الرفع المتحرّكة، والتّاء ضمير متّصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
    • إلا: أداة حصر.
    • الأخيارَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.
  • لا تسود الشّعوب إلّا بالأخلاقِ
    • لا: نافية لا عمل لها.
    • تسود: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظّاهرة على آخره.
    • الشعوب: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
    • إلّا: أداة حصر.
    • بالأخلاق: الباء حرف جر والأخلاق اسم مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة على آخره.
  • ما عاد المريضَ غيرُ الطبيبِ
    • ما: نافية لا عمل لها.
    • عاد: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة على آخره
    • المريض: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.
    • غيرُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
    • الطبيب: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة على آخره.
  • لم يفترس الذئبُ غيرَ شاةٍ
    • لم: حرف نفي وجزم وقلب.
    • يفترس: فعل مضارع مجزوم بـ "لم" وعلامة جزمه السكون الظّاهرة على آخره.
    • الذّئبُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
    • غير: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.
    • شاة: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة على آخره.
  • لا ينتصر للباطل سوى الظالمِ
    • لا: نافية لا عمل لها.
    • ينتصر: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظّاهرة على آخره.
    • للباطل: اللام حرف جر، والباطل اسم مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة على آخره.
    • سوى: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضّمة المقدّرة على الألف للتّعذّر.
    • الظالم: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة على آخره.


لقراءة المزيد عن باب الاستثناء، انظر هنا: الاستثناء في اللغة العربية.

المراجع

  1. ابن هشام، شرح شذور الذهب، بيروت:دار الفكر المعاصر، صفحة 346. بتصرّف.
  2. سورة النساء، آية:171
  3. ^ أ ب ت ابن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، الرياض:دار الطلائع، صفحة 184، جزء 2. بتصرّف.
  4. سورة الأنعام، آية:47
  5. سورة التوبة، آية:32
  6. ^ أ ب ابنُ عقيل، شرحُ ابن عَقيل على ألفية ابن مالك، الرياض:دار الطلائع، صفحة 184، جزء 2. بتصرّف.
  7. عبد العزيز عتيق، علم المعاني، بيروت:دار النهضة العربية، صفحة 146. بتصرّف.
  8. مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية (الطبعة 35)، بيروت:المكتبة العصرية، صفحة 134، جزء 3. بتصرّف.
  9. مُصطفى الغلاييني، جامعُ الدّروس العربية (الطبعة 35)، بيروت:المكتبة العصرية، صفحة 140، جزء 3. بتصرّف.
  10. مصطفى الغَلاييني، جامع الدّروسِ العربيّة (الطبعة 35)، بيروت:المكتبة العصرية، صفحة 140، جزء 3. بتصرّف.
  11. ^ أ ب ت علي الجارم، مصطفى أمين، النحو الواضح في قواعد اللغة العربية، القاهرة:دار المعارف، صفحة 333. بتصرّف.
3057 مشاهدة
للأعلى للسفل
×