مفهوم الحب في الله

كتابة:
مفهوم الحب في الله

الحب وأهميته

الحب هو مجموعة من المشاعر القائمة على المودة والتآلف، والمحبة، التي تهذب السلوكيات الفردية،[١] حيث إنَّ الحب علاج لمن أثقلته هموم الدنيا، وهو الدواء المناسب لمن شعر بالظلمة والوحدة، والانعكاس الطبيعي للنّفس السوية المطمئنة، التي تمتلئ بالثقة والأمن القلبي،[٢] فالحب كالضوء في السّراج يحتاج إلى مراقبة واحتواء واهتمام؛ ليبقى الإنسان معطاءً لنفسه وللآخرين،[٣] وهو طريق المؤمن إلى الجنة، حيث روى أبو هريرة، إنَّ رسول الله قال: "والَّذي نَفسِي بيدِه، لا تَدخلُونَ الجنَّةَ حتَّى تُؤمِنُوا، ولا تُؤمِنُوا حتَّى تحابُّوا، أَوَلَا أدلُّكُم على شَيءٍ إذا فعلتمُوه تحابَبتُم؟ أفشُوا السَّلامَ بينَكُم"،[٤] وهو انكسار القلب بين يديه خالقه؛ لأنَّه خلا من حب غيره فاكتمل الإيمان،[٥] وفيما يأتي سيتم التحدث عن مفهوم الحب في الله.

مفهوم الحب في الله

الحبّ هو أعظم معاني السمو والرقي، وهو أوثق عرى الإيمان، حيث روى أَبِو هُرَيْرَةَ، إنَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي، الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي"،[٦] فلن يكون الحب في الله إلَّا إذا قام على رضا الله -تعالى- بين المتحابين فيه؛ لينالوا الدرجات العالية في الجنات،[٧] بدليل قول الله تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}،[٨]حيث إنّ ابنَ مسعودٍ قال: "نزلت في المتحابين في اللهِ"،[٩] وأما ثمرات الحب في الله، فأولها أنَّ الله يظلهم في ظله؛ فيقيهم من حر الشّمس ووهجها يوم الحساب، وأما ثانيها فهي الشعور بطعم الإيمان وحلاوته،[١٠] بدليل ما روى ابن أنس أنّ رسول الله قال: "ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَد حلاوةَ الإيمانِ أنْ يكونُ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهما وأنَّ يُحِبَّ العبدَ لا يُحِبُّه إلَّا للهِ".[١١]

الحب في الله عند الصحابة

كان الحبّ في الله عند الصحابة رضوان الله عليهم مليء بالمشاعر الفياضة، فقد كان للنّبي -عليه السّلام- دورًا كبيرًا في نسج أواصر المحبة، والإخاء مصرّحًا بكل ما احتوى قلبه من إحساس وحب اتجاه اصحابه، فيا ترى كيف نام معاذ بن جبل في ليلته عندما صارحه النّبي الكريم عن حبه له،[١٢] حيث روي أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخَذ بيدِ معاذٍ فقال: "يا معاذُ واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال معاذٌ: بأبي أنتَ وأُمِّي واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال: " يا معاذُ أوصيك ألَّا تدَعَنَّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ أنْ تقولَ: اللَّهمَّ أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسنِ عبادتِك[١٣] وكيف كانت مشاعر أبو بكر الصّديق وحال قلبه عندما أذن الله -تعالى- للّنبي الكريم بالهجرة النبوية، فأبقاه النّبي الكريم حتى يشاركه السّير، فقد روت السّيدة عائشة، أنَّ رسول الله قال : "إنَّ اللهَ أذِنَ لي بالخروجِ والهجرةِ، فقال أبو بكرٍ: الصحبةُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: الصحبَةُ، قالَتْ عائِشَةُ: فواللهِ ما شعَرْتُ قطُّ قبلَ ذلِكَ اليومِ أنَّ أحدًا يبكي من الفرحِ حتى رأيتُ أبا بكر يومئذ يبكي!!"،[١٤] فقد تغلغل الحب في الله في قلوبهم، فباتت جوارحهم تشعل الإيمان فيهم؛ حتى كانوا خير أمًّةٍ أخرجت للنَّاس.

المراجع

  1. "الحب في ديننا "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-1-2020. بتصرّف.
  2. "العلاج بالحب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-1-2020. بتصرّف.
  3. "ديمومة الحب"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-1-2020. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 57، صحيح.
  5. "حب الله وتجديد الإيمان"، www.islamstory.com، 5-1-2020. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2566، صحيح.
  7. "منزلة الحب في الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-1-2020. بتصرّف.
  8. سورة سورة الأنفال، آية: 63.
  9. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 5/397، رجاله ثقات.
  10. "المحبة في الله"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-1-2020. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3274، صحيح.
  12. "الحب في الإسلام"، www.saaid.net، 5-1-2020. بتصرّف.
  13. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 2020، أخرجه في صحيحه.
  14. رواه الألباني، في فقه السيرة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 160، إسناده صحيح.
5089 مشاهدة
للأعلى للسفل
×