مفهوم الذوق السليم في الإسلام

كتابة:
مفهوم الذوق السليم في الإسلام

مفهوم الذوق السليم

يمكن توضيح معنى الذوق، والسليم بما يأتي:

  • لغة

الذوق في اللغة: هي الحاسة التي يمكن بها معرفة خصائص الطعم، بواسطة الفم واللسان، ومركزها اللسان، وقيل هي آداب السلوك التي تقتضي معرفة ما هو لائق ومناسب، لكل حال من الأحوال.[١] أما عن معنى السليم في اللغة: فهو الصحيح الخالي من الغش أو الخداع، أو العاقل غير المجنون، أو الصحيح غير المريض.[٢]

  • اصطلاحاً

إن الذوق بالاصطلاح يعني: قوة إدراكية لها اختصاص بإدراك لطائف المحسوسات من أصوات، أو صور، أو طعام، أو روائح، ومحاسنها الخفية، ومن ذلك قوله -تعالى-: (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ)،[٣] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ذاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَن رَضِيَ باللَّهِ رَبًّا، وبالإسْلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا).[٤][٥]

يتضح مما تقدم أن الذوق هو أساس الخُلق، وهو بمثابة الحلي التي يتزين بها الإنسان؛ فتظهره بأبهى صورة، ويتمثل الذوق في لباقة الإنسان أثناء تعامله مع الناس، وطريقة حديثه معهم.

كما ويتجلى الذوق في الحديث الجميل الطيب الذي ينم عن المشاعر النبيلة، ومراعاة مشاعر الآخرين، وظروفهم، ممّا يؤدّي إلى حب الناس له؛ فهو شعور معنويّ يدلّ على صحة النفس، وكمال العقل، وطيبة الخُلق.

مفهوم صاحب الذوق السليم

ألف السيوطي كتاباً كاملاً أسماه بـ "صاحب الذوق السليم"؛ والذي جمع فيه صفات صاحب الذوق السليم في كل مجال من مجالات الحياة؛ كالقضاء، والشهود، والأمارة، ونحوها، كما عرف السيوطي صاحب الذوق السليم بأنه: "مزاجه مستقيم، طبعه وزان، وفيه أنواع الإنسان، يتخذ التواضع سنة، والعطاء من غير منة، والعفو عند المقدرة، والتغفل عن المعيرة، لا يزدري فقير، ولا يتعاظم بأمير".[٦]

"لا ينهر سائل، ولا هو عما لا يعنيه سائل، كريم طروب، قليل العيوب، كثير المزاح، جميع خصائله ملاح، منادمته آلف من الراح، صاحب الأصحاب، حبيب الأحباب، ليس بكثيف، مكمل الذات، مليح الصفات ليس بقتات، يواسيك ويسليك، ويتوجع إليك، ويعظك ويتحفك بعلمه وماله، ولا يحوجك إلى سؤاله، ينظر إلى المضطر بعين الفراسة، ويواسيه بكياسة، رجل همام والسلام".[٦]

الذوق السليم في الإسلام

جاء الإسلام لتنظيم الحياة وإدارتها، فلم يقتصر الإسلام على القيام بالشعائر الدينيّة من صلاة، وصيام، وذكر، وتسبيح؛ بل أضاف إلى هذه العبادات، الذوق السليم؛ وهو جزء مهم وأساسي يجب أن يتحلى به المسلم؛ فيتعامل مع الناس بأسلوب جميل، ويتحدّث بالطيب من الكلام،ويألف الناس ويألفه الناس؛ فإن عامل الناس بغلظة، نفر الناس منه، وكرهوا التعامل معه.[٧]

مظاهر الذوق السليم في الإسلام

إن للذوق السليم في الإسلام مظاهر متعددة، تظهر من خلال مراعاة الآداب والتعليمات الإسلامية في مختلف الأماكن والأحوال، ومن هذه المظاهر ما يأتي:

  • آداب الطريق

وضع الإسلام عدداً من الآداب التي يجب على المسلم مراعاتها؛ كإماطة الأذى عن الطريق، وعدم قضاء الحاجة فيها، وغض البصر، ورد السلام؛ ودليل ذلك ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال:

(إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ علَى الطُّرُقَاتِ، فَقالوا: ما لَنَا بُدٌّ، إنَّما هي مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ).[٨][٩]

  • آداب الاستئذان

فقد حث الإسلام على آداب الإذن تأدباً مع الآخرين، واحتراماً لحرماتهم، وأوقاتهم، وخصوصياتهم، فجاءت النصوص الدينية من القرآن الكريم والسنة النبوية مفصلة في ذلك؛ نذكر منها قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).[١٠][١١]

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِن أجْلِ البَصَرِ)،[١٢]كل ذلك من أجل حرمة البيوت؛ فالشريعة بتعاليمها تريد حماية حرمة البيوت، وتريد أن يكون المجتمع سليماً عفيفاً، وتمنع الاطلاع على العورات، وتحاول حفظ الآداب من كبيرها وصغيرها.

  • آداب الجوار

وصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بحسن الجوار، وحثّنا على الإحسان للجار، ومعاملته معاملة حسنة؛ حتى إنه قال: (ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ).[١٣][١٤]

ثمرات الذوق السليم

يمكن من خلال ما تقدم استنتاج ثمرات الذوق السليم؛ على النحو الآتي:

  • كسب رضا الله -تعالى-، وبالتالي الفوز بالجنة.
  • اتباع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.
  • تحقق الطمأنينة والسكينة.
  • زيادة قوة الإيمان.
  • الحصول على بيئة جميلة، وأجسام طاهرة نظيفة.
  • تقوية الروابط الاجتماعيّة.
  • تحقيق الاتزان النفسي لدى الإنسان.

المراجع

  1. "ذوق"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/6/2022. بتصرّف.
  2. "السليم"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/6/2022. بتصرّف.
  3. سورة الروم، آية:33
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن العباس بن عبدالمطلب ، الصفحة أو الرقم:34، صحيح.
  5. "ذوق"، الجمهرة الإسلامي، اطّلع عليه بتاريخ 21/6/2022. بتصرّف.
  6. ^ أ ب [الجلال السيوطي]، صفة صاحب الذوق السليم، صفحة 27. بتصرّف.
  7. [مجموعة من المؤلفين]، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 1586. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2465، صحيح.
  9. [محمد نصر الدين محمد عويضة]، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآدابْ، صفحة 169. بتصرّف.
  10. سورة النور، آية:27
  11. [محمد صالح المنجد]، سلسلة الآداب، صفحة 2. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:6241 ، صحيح.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6015، صحيح.
  14. [التويجري، محمد بن إبراهيم]، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 209. بتصرّف.
6745 مشاهدة
للأعلى للسفل
×