مفهوم الصحافة الاستقصائية

كتابة:
مفهوم الصحافة الاستقصائية

الاستقصاء

مصطلح الاستقصاء أو التقصي لغويًا يشير إلى بلوغ الغاية، استقصى في المسألة، وتقصى: أي بلغ الغاية، القصوّ: البعد، والأقصى: الأبعد، ويقال: تقصاهم أي طلبهم واحدًا واحدًا، ويتبين من مجمل هذه المعاني أن التقصي هو تتبع الأثر، وقص الأثر كانت مهنة قديمة في العصر الجاهلي والعصور الأولى للحضارة الإسلامية[١]، جاءت الصحافة الاستقصائية لتمتاز عن غيرها من الأعمال الصحفية بفلسفة جديدة في العمل الإعلامي تقوم على تمجيد الحق العام، وعلى محاسبة وفضح من يعبثون بالمال أو القرار أو السطوة في مجال ما باعتبارها تكشف حقائق كانت مستورة أو مخفية أو مشوهة، وفي هذا المقال سيتم الحديث حول مفهوم الصحافة الاستقصائية.[٢]

مفهوم الصحافة الاستقصائية

تعددت الصيغ التعريفية لمفهوم الصحافة الاستقصائية أو التحقيقات الاستقصائية، ورغم بعض الاختلاف في الصيغ إلا أن أغلبية التعريفات تتفق على أن الصحافة الاستقصائية، هي تلك التحقيقات والتقارير الصحفية القائمة على الأساليب والإجراءات المرتكزة إلى القواعد العلمية والمهنية التي يستخدمها الصحفي في الوصول إلى الحقائق المستترة، أو تتبع بعض القضايا الشائكة وكشف الغموض فيها لأجل تقديمها للجمهور، بهدف خلق رقابة على السلطات العامة وحماية مصالح المجتمع.[١]

ويعرف كابلن الصحافة الاستقصائية: أنها نهج منظم لحدس، يتطلب الغوص في العمق، والحث الفعلي الذي يقوم به الصحفي بنفسه، بالإضافة إلى التغطية الصحفية، ويتناول طريقة علمية في البحث، معتمدة على وضع فرضية واختبار مدى صحتها، والتأكد من الحقائق المحاطة بهذه الفرضية، ونبش الأسرار المغمورة، ووضع ركائز العدالة الاجتماعية والمساءلة، بالإضافة إلى استخدام المفرط للتسجيلات المعلنة وعادةً ما تكون على شكل بيانات.[١]

ومفهوم الصحافة الاستقصائية بحسب تعريف أريج بأنها كشف أمور كانت خفية أمام الجمهور، وإخفائها إما أن يكون قد وقع عمدًا من قبل شخص ذو منصب في السلطة، أو أنها اختفت صدفة خلف ركام فوضوي من الحقائق والظروف التي أصبح من الصعب فهمها، وتتطلب استخدام معلومات ووثائق سرية وعلنية.[٣]

ويعرف ديفد نابل رئيس المركز الدولي للصحفيين، الصحافة الاستقصائية بأنها مجرد سلوك منهجي ومؤسساتي صرف، يعتمد على البحث والتدقيق والاستقصاء حرصًا على الموضوعية والدقة والتأكيد من صحة الخبر وما قد يخفيه انطلاقًا من مبدأ الشفافية ومحاربة الفساد، والتزامًا بدور الصحافة ككلب حراسة على السلوك الحكومي، وكوسيلة لمساءلة المسؤولين ومحاسبتهم على أعمالهم وخدمة للمصلحة العامة، ووفقًا لمبادئ قوانين حق الاطلاع وحرية المعلومات.[١]

وعرفت سناء دياب مفهوم الصحافة الاستقصائية بأنها اختبار ذات صفات معينة، ومنها أنها تقوم على عمل أصلي، وليس تحقيقات مسربة من السلطات الرسمية، وأنها تظهر نمطًا لمشاكل متكررة وليس فقط حادثة واحدة ومعزولة، وتكشف سبل تصحيح الأخطاء وتفسير قضايا اجتماعية معقدة وتكشف عن الفساد والأعمال المخالفة للقانون وعن إساءة استخدام السلطة، كان هذا حديث موجز مفصل عن مفهوم الصحافة الاستقصائية.[٤]

خصائص الصحافة الاستقصائية

لمهنة الصحافة الاستقصائية خصوصية كبيرة تختلف عن باقي المهن الصحفية الأخرى، فهي تخاطب العقول بمختلف مستوياتها كما تؤدي جملة من الوظائف للفرد والمجتمع، هذه الخصوصية لمهنة الصحافة نابعة من خصائص اتصفت بها تتمثل في الآتي:[٥]

  • مهنة الصحافة الاستقصائية تقوم من أجل إشباع أو مواجهة احتياج مجتمعي بحيث تستمد شرعية وجودها من إحساس الناس بضرورة القيام بنشاط معين من شأنه أن يشبع لهم احتياجاتهم.
  • تستمد مهنة الصحافة على أسلوب علمي كما تستند على قاعدة المعرفة العلمية والنظريات والقوانين والمبادئ العلمية لفهم المشكلة، وتحديد الحل المناسب لها.
  • يمارس العمل الصحفي متخصصون مهنيون، وهيئات متخصصة لها من الصلاحيات والكفاءة والقدرة العلمية ما يمكنها من ممارسة عملها.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث عزام أبو الحمام (2014)، المنهج العلمي في الصحافة الاستقصائية، الأردن: دار أسامة للنشر والتوزيع، صفحة 13-16. بتصرّف.
  2. عيسى الحسن (2012)، الصحافة الاستقصائية: مهنة المتاعب والأخطار، الأردن: دار زهران، صفحة 52. بتصرّف.
  3. مارك هنتر (2010)، دليل أريج للصحافة العربية الاستقصائية، باريس: اليونسكو، صفحة 17. بتصرّف.
  4. عبدالحليم محمود (2010)، الصحافة الاستقصائية: الفضيحة الكاملة، بيروت: مركز الدراسات والترجمة، صفحة 56. بتصرّف.
  5. فهمي سيد (1984)، الإعلام من المنظور الاجتماعي، الإسكندرية: دار المعارف، صفحة 82. بتصرّف.
7380 مشاهدة
للأعلى للسفل
×