محتويات
مفهوم القضاء في الإسلام
يُطلق القضاء في اللّغة على الانتهاء من الأمر وإتمامه، والحُكم بين النّاس، ويُعرَّف القضاء في الاصطلاح الشرعي بأنه: إنهاء الخصومات وقطع المُنازعات بين النّاس،[١] وذلك اعتماداً على الأحكام الشرعيّة المُستنبطة من القرآن الكريم، والسنّة النبويّة الشريفة،[٢] بحيث يتمّ تطبيق هذه الأحكام على كل مَن يعيش داخل نظام الدولة الإسلاميّة، حاكماً كان أو محكوماً، فالنّاس سواسية أمام حكم القضاء.[٢]
مكانة القضاء في الإسلام
أمر الإسلام بالعدل، وأولاه عنايةً كبيرة، وقد وردت العديد من الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة الشريفة التي تأمر بإقامة العدل والعمل به، كقوله -تعالى-: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)،[٣] وفي هذه الآية بيان لمصير من اتبع هواه وابتعد عن القيام بالعدل في الآخرة.[٤]
وفي قوله -تعالى-: (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ)،[٥] وقد أخرج الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه عن فضل ومكانة المُقسطين؛ عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنه- قال أنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ علَى مَنابِرَ مِن نُورٍ، عن يَمِينِ الرَّحْمَنِ عزَّ وجلَّ، وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهِمْ وما ولوا) [٦][٤]
تاريخ القضاء في الإسلام
في عهد رسول الله
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أوّل مَن تولّى القضاء في الإسلام، وكان قد نصَّ عليه في المعاهدة التي كتبها بعد ما هاجر إلى المدينة المنورة، فقال فيها: "ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حَدَث أو شجار يخاف فساده، فإنّ مردّه إلى الله -عزّ وجلّ- وإلى محمّد رسول الله"، فكان -صلى الله عليه وسلم- يتولّى الأمر بنفسه، ويقوم بتطبيق العدل بأبهى صوره.[٧]
في عهد الخلفاء الراشدين
وقد اتبع الصحابة والخلفاء الراشدين نهج النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيثُ تقلّدوا أمر القضاء بأنفسهم وتمسكوا بالمبدأ المُتّبع فيه، وكان هذا مبدأ أبو بكرٍ الصِّديق -رضيَ الله عنه-.[٤] فقد جمع بين السلطة الدينيّة والسياسيّة، مُعتمداً على القرآن الكريم في المرتبة الأولى.
فإن لم يجد في القرآن ذهب إلى السنة النبويّة، وقد اعتمد -رضي الله عنه- مبدأ الشورى أيضاً، فكان يجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار ويعرض عليهم عدداً من أمور المسلمين التي قد تشتبه عليه فيستعين بمشورتهم وآرائهم.[٤]
ولمّا تولى عمر بن الخطاب -رضيَ الله عنه- الخلافة كانت الدولة الإسلاميّة قد اتّسعت، وأعمال الخليفة قد كثرت، فقام عمر -رضي الله عنه- بتَولِيَة منصب القضاء في المدينة المنورة لأبي الدرداء، وولّى أبي موسى قضاء الكوفة، وشُريح القضاء في البصرة -رضيَ الله عنهم جميعاً-، وكان هؤلاء يعطون هذا المنصب حقّه اقتداءً برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.[٤]
شروط القاضي في الإسلام
يُشترط في كل من سيتقدّم لشغل منصب القضاء بين الناس أن يمتلك عدّة شروط، بيانها ما يأتي:
- بلوغ سِنَّ التكليف، وأنْ يكون مُسلماً، حرّاً، عاقلاً، سميعاً، بصيراً، ناطقاً.[١]
- العلم بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة؛ وذلك من أجل التمييز بين الصحيح والخاطئ، وهذا يساعد القاضي على الحكم بالعدل دون إفراط ولا تفريط.[٧]
- بلوغ درجة الاجتهاد، والعلم بالآيات والأحاديث المتعلّقة بالأحكام، والإلمام بأقوال السلف في المسائل التي أجمعوا عليها والمسائل التي اختلفوا فيها.[٧]
- العلم باللّغة العربيّة، والقياس.[٧]
المراجع
- ^ أ ب وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سورية :دار الفكر ، صفحة 5934-5936، جزء 8. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد عثمان (ـ١٩٩٤م)، النظام القضائي في الفقه الإسلامي (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار البيان، صفحة (6-10). بتصرّف.
- ↑ سورة ص، آية:26
- ^ أ ب ت ث ج عبدالرحمن بن قاسم، الدرر السنية في الأجوبة النجدية (الطبعة 6)، صفحة (180-182)، جزء 16. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة ، آية:42
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1827، صحيح.
- ^ أ ب ت ث سيد سابق (1977)، فقه السنة (الطبعة 3)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 390-396، جزء 3. بتصرّف.