مفهوم النظر العقلي

كتابة:
مفهوم النظر العقلي

مفهوم النظر العقلي

إن النظر العقلي من المفاهيم الفلسفة التي ذاع صيتها في الفلسفة الإسلامية، كمقابل للتأمل، الذي اعتمده الفلاسفة لاستخلاص فلسفتهم الخاصة، فقد ذكر أرسطو التفلسف في كتابه دعوة للفلسفة، باعتباره أعلى درجات التفكير، التي يصل الإنسان لها عندما ينتج فكره الخاص.[١]

وهي أعمق درجات العلم، وهذا الأمر ينطبق على الدرجات العلمية، فالاختصار "PhD" يعني دكتوراة الفلسفة، فيقال مثلًا دكتوراة الفلسفة في العلوم السياسية، وتترجم "Doctor of Philosophy in Political Science".[٢]

والنظر العقلي هو المقابل لمصطلح الفلسفة، فالفعل تفلسف، يعني التماس الحكمة من خلال التفكر والتدبر، ويمكن عد التأمل من أشكال النظر العقلي، وتجدر الإشارة إلى أن النظر العقلي سمة اختص بها مجموعة معينة من الناس، ولا تنطبق هذه الصفة على كل الباحثين.[٣]

النظر العقلي في علم الكلام الإسلامي

ظهرت النزعة العقلية في الفكر العربي الإسلامي مع نشوء العديد من الفرق الإسلامية، وأهمها المعتزلة، ويعرف علم الكلام على أنه العلم الذي يبحث في الطرق التممكنة لإثبات صحة العقائد الدينية، ولكن يجب على هذه الطرق أن تكون عقلية، ويعد علم الكلام من إرهاصات التأسيس للنظر العقلي، فقد بذل المتكلمون جهودًا لوضع الحجج والبراهين العقلية لإثبات العقيدة الإسلامية.[٤]

فلم تكن الوسائل المعتمدة لديهم مستندة إلى الإيمان والتصديق الجازم مباشرةً بل اعتمدوا النظر العقلي، ورغم الخلاف بين المتكلمين حول الأسس والقضايا الرئيسية إلا أنهم أجمعوا على مكانة العقل، ومركزيته في الخطاب الديني، وكان للنزعة العقلية امتدادات في الفلسفة الإسلامية، كان أبرزها النزعة العقلية عند إخوان الصفا، وابن رشد.[٥]

النظر العقلي في فلسفة ابن رشد

لا يمكن الحديث عن النظر العقلي في الفلسفة الإسلامية دون الحديث عن فلسفة ابن رشد؛ وذلك لأنه أسس إلى النظر العقلي إلى جانب العقيدة الإسلامية، فابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام على الإطلاق، وكان فقيهًا وقاضيًا، وأكد في فلسفته على أن الفكرة الأساسية أن الله وهب الإنسان عقلًا ثم بعث له بشرائع، ولذلك من غير الممكن أن يخالف العقل والشريعة بعضهما البعض.[١]

وبناءً على ما سبق استنتج ابن رشد ضرورة العلاقة بين الفلسفة والدين، فذكر في فصل المقال أن الفلسفة والشريعة أختان، وتعد إشكالية التأويل من أهم الإشكاليات في الفلسفة الرشدية، حيث أكد ابن رشد على أن تأويل النص القرآني لا يمكن أن يكون إلا للخاصة من الناس، وأطلق عليهم اسم أهل النظر، أو أهل البرهان، وتقع على عاتقهم مهمة تأويل النص القرآني والاجتهاد فيه وفقًا لما يمليه العقل.[١]

وأكد ابن رشد على أن النظر العقلي ليس بالأمر الهين بل هو وسيلة لمعرفة الموجودات، ووصل إلى نتيجة مفادها أن الشريعة الإسلامية أوجبت النظر العقلي، لعدة أمور منها معرفة الله والموجودات التي أوجدها، تأويل النص القرآني، لذلك أكد على أنه لا يوجد ضرر من الاستفادة من علوم الأوائل العقلية، على ألا تؤخذ بحرفيتها، بل يؤخذ ما هو صائب، ويصحح ما هو خاطئ.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث د/ كيورك مرزينا كرومي د/ســــامي محمود إبراهيم، إشكالية علاقة العقل والنقل بين الغزالي وابن رشد، صفحة 14-15. بتصرّف.
  2. " Meaning of PhD in English", Cambridge, Retrieved 28/1/2022. Edited.
  3. أرسطو ، دعوة للفلسفة، صفحة 20. بتصرّف.
  4. عضد الدين الإيجي، المواقف في علم الكلام، صفحة 7. بتصرّف.
  5. دكتور سميح دغيم ، فلسفة القدر في فكر المعتزلة، صفحة 7-10 . بتصرّف.
4083 مشاهدة
للأعلى للسفل
×