مقاصد سورة الزمر

كتابة:
مقاصد سورة الزمر

سورة الزمر

سورة الزمر هي السورة التاسعة والثلاثون بحسب ترتيب سور القراَن الكريم، وهي السورة التاسعة والخمسون في ترتيب نزول السور على النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- نزلت بعد سورة سبأ وقبل سورة غافر، وتقع بالجزء الثالث والعشرون عدد آياتها 75 اَية، وتأتي بترتيب سور المصحف الشريف بعد سورة ص وقبل سورة غافر، وهي سورة مكية نزلت قبل هجرة المُسلمين إلى الحبشة، في هذا المقال سيسلط الضوء على مقاصد سورة الزمر وسبب تسميتها بالإضافة لتفسير بعض آياتها الكريمة.[١]

تسمية سورة الزمر

سُميت سورة الزمر بهذا الاسم لوقوع اللفظ فيها دون غيرها من سور القراَن الكريم، حيثُ ذُكر فيها زُمر أهل النار وزُمر أهل الجنة مع تفصيل الجزاء وإلزام الحُجة وبُطلان المعذرة، وذلك في قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}،[٢]كما جاء بقوله سبحانه وتعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}.[٣]وتُسمى أيضًا سورة الغُرف لذِكر اللفظ بالسورة كما جاء بقوله تعالى: {لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ}،[٤] وجاء اللفظ بالآية الكريمة بالذين اتقوا ربهم، حيث وعدهم الله تعالى بغُرف من فوقها غُرف مبنية تجري من تحتها الأنهار.[١]

مقاصد سورة الزمر

بعد معرفة سورة الزمر وسبب تسميتها يجب معرفة مقاصد سورة الزمر، حسب المفسرين فإن السورة مقصورة على علاج قضية التوحيد بالله، والابتعاد عن الشِرك وعن الشُبهات، حيث أنها تعمل على إدخال الإيمان بالقلب لما جاء فيها من اَيات عظيمة تتحدث عن يوم القيامة والحساب والجزاء، ومن مقاصد سورة الزمر أنها نوهت بشأن القراَن تنويهًا تكرر في ستة مواضع من هذه السورة، لأن الكتاب الكريم جامع لمقاصدها الكثيرة التي تحوم حول إثبات تفرد الله -عز وجل- بالإلهية، وإبطال الشرك فيها، ونفي كلام المشركين بأن لله ولدًا، وتضمنت السورة الكريمة الاستدلال على وحدانية الله بدلائل تفرده بإيجاد العوالم العلوية والسفلية وتدبير نظامها وما تحتوي عليه.[١]

وأشارت سورة الزمر إلى الخلق العجيب في أطوار تكون الإنسان والحيوان والاستدلال عليهم بدليل من فِعلهم وهو التجاؤهم إلى الله عند إصابتهم بضر أو كرب، وحذرت السورة المشركين أن يحل بهم ما حل بالأمم السابقة من العقاب والعذاب لعدم قبولهم رسالات الأنبياء والرسل، مع إعلامهم أن الله تعالى غني عن عبادتهم وأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يخشاهم ولا يخاف أصنامَهُم، لأن الله كفاه إياهم جميعًا.[١]

وذُكر في مقاصد سورة الزمر دلالة صدق الله تعالى بالوعد وأنه غالب لكل شيء، فلا يعجل لأنه لا يفوته شيء ويضع الأشياء في مكانها الصحيح، ومثلت السورة الكريمة حال المؤمنين وحال المشركين في الحياة الدنيا والاَخرة، وجاء في السورة دعاء المشركين للإقلاع عن الإسراف على أنفسهم فيما جاء بدعاء المؤمنين الثبات على التقوى ومفارقة دار الكُفر. [١]

وتخلل السورة أن المشركين أهل الجهالة والمؤمنين أهل العلم كما جاء في قوله تعالى، {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}،[٥]ودعت السورة الناس إلى التدبر فيما يُلقى إليهم من القراَن الكريم الذي هو أحسن الحديث والمقابلة بين حالهم وحال المؤمنين المخلصين لله تعالى.[١]

وذكر الله تعالى بسورة الزمر لمسات من واقع حياة الناس بقوله تعالى: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}،[٦]ومثلت السورة البعث بإحياء الأرض بعد موتها وضربت مثل النوم والإفاقة بعده، وأنه يوم الفصل بين المؤمنين والمشركين، كما بينت عدل الله تعالى بالناس، حيث بعث لجميع الأمم أنبياء ورُسل وحكم بينهم بما يستحقوه حسب أعمالهم، وخُتمت مقاصد سورة الزمر بصورة من صور يوم الحساب للفصل بين العباد، حيث الملائكة محيطون حول عرش الرحمن، يُسبحون بحمده، ويحمدونه على قضائه وعدله بين العباد.[١]

تفسير اَية قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ

يحصُل بعض الملل من الكلام الذي يعاد ويتكرر، إلا القراَن الكريم، فإن قارئ الكتاب الكريم يشعُر في كل مرة يقرأ بها، بأنه أمام فهم جديد لم يألفه من قبلُ في قراءاته السابقة، فالسر يكمُن بأن الكلام ليس من وضع البشر الذي يحتمل الخطأ والصواب، حيث من أنزل القراَن أفحم به قومًا هم أهل الفصاحة والبيان، وهكذا تأتي قيمة القراَن الكريم واستقامته التي تمثلت في نفي التناقض عن معانيه وألفاظه، حيث التناقض من عيوب كلام البشر وجاء في قوله تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}،[٧]ومن أهم أسباب استحالة الطعن في كتاب الله استقامة نصه لفظًا ودلالةً، وإعجازه اللغوي والبياني.[٨]

متى يُغلق باب التوبة

ذكر الله تعالى بسورة الزمر بعض الآيات التي تتحدث عن التوبة وشروطها، وإجابة عن سؤال متى يُغلق باب التوبة حيث قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، [٩] هذه الآية الكريمة يُفسرها ما جاء بعدها من قول الله -عز وجل- في سورة الزمر حيث الآيات المذكورة بالسورة تدعو إلى التوبة قبل إغلاق بابها، ويُغلق باب التوبة في وجه الإنسان إذا رأى ملك الموت، أو إذا طلعت الشمس من مغربها قُبيل قيام الساعة، والتوبة المقبولة تتوفر فيها بعض الشروط وهي ترك المعصية، والندم على فعلها، والإصرار والعزم على عدم العودة إليها، وإن كان بالمعصية حق لإنسان وجب شرط اَخر برد الحقِّ لصحابه.[١٠]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ "مقاصد سورة الزمر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-06-2019. بتصرّف.
  2. سورة الزمر، آية: 71.
  3. سورة الزمر، آية: 73.
  4. سورة الزمر، آية: 20.
  5. سورة الزمر، آية: 8.
  6. سورة الزمر، آية: 49.
  7. سورة الزمر، آية: 28.
  8. "قرآنًا عربيًّا غير ذي عِوَج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-06-2019. بتصرّف.
  9. سورة الزمر، آية: 53.
  10. "الفتاوى"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 28-06-2019. بتصرّف.
5346 مشاهدة
للأعلى للسفل
×