مقاصد سورة الشمس

كتابة:
مقاصد سورة الشمس

السور المكية والمدنية

يدلُّ مفهوم السور المكية في الإسلام على جميع سور القرآن الكريم التي نزلت في مكة المكرمة والسور المدنية هي التي نزلت في المدينة المنورة، وهناك تعرف آخر لكلا المصطلحين وهو التعريف المشهور الذي يعرِّف السور المكية بأنَّها السور التي نزلت قبل هجرة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حتى لو نزلت في المدينة أمَّا السور المدنية فهي السور التي نزلت بعد هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى وإن نزلت في مكة المكرمة، وتعدُّ سورة الشمس من السور المكية، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول سورة الشمس ومقاصد سورة الشمس وفضلها وقصة ناقة صالح التي وردت فيها.[١]

سورة الشمس

قبل البدء بالحديث حول مقاصد سورة الشمس وفضلها سيُشار إلى تعريف مبسَّط بهذه السورة الكريمة، حيثُ تعدُّ سورة الشمس إحدى سور القرآن الكريم المكية، أي التي نزلت على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة أو نزلت عليه قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، نزلت سورة الشمس بعد سورة القدر، تقع السورة في الحزب رقم 60 وفي الجزء الأخير من القرآن الكريم وهو الجزء رقم ثلاثون، وترتيبها في المصحف الشريف واحد وتسعون، وهي من قصار السور بعدد آيات يبلغ 15 آية فقط، سمِّيَت بسورة الشمس بسبب مطلعها الذي بدأ به الله تعالى حيثُ أقسم بالشمس في أول آية منها، قال تعالى: {والشَّمسِ وضُحاها}[٢]، [٣]

مقاصد سورة الشمس

تدور مقاصد سورة الشمس حول الحديث عن آيات الله العظيمة في هذا الكون الشاسع، فتبدأ سورة الشمس بقَسَم عظيم من الله تعالى بالشمس وضيائها، ثمَّ بالقمر عندما يتلوها في الليل، ثمَّ بالنهار ثمَّ بالليل ثمَّ بالسماء والأرض، لأنَّ هذه الأشياء كلها آيات بديع خلقِ الله تعالى، وما زال الإنسان رغم كل هذا العلم الذي وصل إليه والحضارة التي بناها عاجزًا عن الوصول إلى أسرارها الخفيَّة، قال تعالى: {والشَّمسِ وَضحَاهَا * وَالقمَرِ إذَا تلَاهَا * والنَّهارِ إذَا جلَّاهَا * واللَّيلِ إذَا يغشَاهَا * والسَّمَاءِ ومَا بنَاهَا * والأَرْضِ ومَا طحَاهَا * ونَفسٍ ومَا سوَّاهَا}[٤]، ثمَّ بعد ذلك يُقسم الله تعالى بنفس الإنسان لأنها من أعظم الأسرار بالنسبة للبشر والتي لن يصلوا إلى الإحاطة بها مهما بلغوا من التطور والعلوم.[٥]

ومن مقاصد سورة الشمس أيضًا أنَّها تبيِّنُ مصير كلَّ فريق على حدة، الفريق الأول الذي يزكِّي نفسه ويطهرها من كل رجس وإثم، والفريق الثاني الذي يدنِّسُ نفسه بالمعاصي والآثام ورجس الشيطان، قال تعالى: {قدْ أفلَحَ منْ زكَّاهَا * وقَد خابَ منْ دسَّاهَا}[٦]، وفي الخاتمة تشيرآيات السورة إلى قصة ثمود وناقة صالح -عليه السلام- وكيف كذَّب به القوم فكان مصيرهم الهلاك والعذاب، قال تعالى: {فكذَّبُوهُ فعقَرُوهَا فدمْدَمَ عليهِمْ ربهُمْ بِذنبِهِمْ فسوَّاهَا * ولَا يخافُ عقبَاهَا}[٧]، وبيَن الله أنَّه لا يخافُ عاقبة إهلاك الظالمين والكافرين -جلَّ وعلا-.[٥]

فضل سورة الشمس

بعد أن دارت رحى الحديث حول مقاصد سورة الشمس سيتمُّ ذكر فضل سورة الشمس في هذه الفقرة، فهذه السورة مثل كثير غيرها من سور القرآن الكريم لم يرد عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أحاديث خاصَّة عن فضلها، وكلُّ ما وردَ في هذا الشأن أحاديث موضوعة باطلة لا تصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مثل الحديث الذي رويَ عن سلمان الفارسي أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن صَلَّى يَومَ الفِطرِ بعدَ ما يصلِّي عِيدَه أَربعَ رَكعاتٍ، يقرأ فِي أوَّل رَكعةٍ بفَاتحةِ الكتابِ و{سبِّحِ اسمَ ربِّكَ الأَعْلَى}، وفي الثانيةِ: بـ{والشَّمسِ وضُحَاهَا} وفي الثَّالثةِ {والضُّحَى} وفي الرَّابعةِ {قُل هوَ اللهُ أحَدٌ}، فكأنَّمَا قرَأ كلَّ كِتابٍ أنزَله اللهُ على أنبيائِه، وكَأنَّما أشبعَ جَميعَ اليَتامَى، ودهَنهم، ونظَّفَهم، وكانَ لهُ من الأجرٍ مثلُ ما طلعَت عَليه الشمسُ، ويُغفَرُ لَه ذنوبُ خَمسينَ سَنةً"[٨]، لكنَّ فضلها كفضل القرآن الكريم وفي قراءتها أجر كبير مثل قراءة القرآن كلِّه، كما يكمنُ فضلها في الالتزام بما جاءت به من أحكام وحثٍّ على تزكية النفوس وتقوى الله والابتعاد عن الوقوع في المعاصي والشهوات.[٩]

قصة ناقة صالح

في الحديث عن سورة الشمس لا بدَّ من المرور على قصة ناقة نبيِّ الله صالح -عليه السلام-، حيثُ يذكرُ المفسِّرون أنَّ قوم صالح وهو ثمود اجتمعوا في أحد الأيام فأتاهم نبيُّ الله صالح -عليه السلام- ودعاهم إلى الإيمان بالله تعالى، وقام بنصحهم ووعظهم، فأجابه قومه: إن أنت أخرجت لنا من تلكَ الصخرةِ ناقةً صفاتُها كذا وكذا -ووصفوها له بأوصاف معينة- نؤمن بدعوتك، فقال لهم: أرأيتُم إن جئتكُم بما طلبتُم، أتؤمنونَ بي وتصدقونَ رسالتي؟، قالوا له: نعم، فقام إلى صلاته وبدأ يدعو الله أن يستجيبَ دعوته ويحققُ ما طلبَ منه قومه، فاستجاب له الله تعالى وتحولت الصخرة إلى ناقة عظيمة تحمل الصفات التي طلبوها، فعندما رأوها ذُهل الكثير منهم وآمن بدعوة الله تعالى وبعضهم بقي على جحوده وكفره، وبقيت الناقة آية من آيات الله، قال تعالى في سورة هود: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}[١٠]، وبقيَت إلى أن قتلوها وعصوا الله ورسوله لأنهم ضاقوا ذرعًا بها ومن شربها من بئرهم فقد كانت تشربُ يومًا كاملًا، قال تعالى: {فكذَّبُوهُ فعقَرُوهَا فدمْدَمَ عليهِمْ ربهُمْ بِذنبِهِمْ فسوَّاهَا * ولَا يخافُ عقبَاهَا}[٧]، فأهلكهم الله تعالى بذنوبهم ولهم عذاب عظيم يوم القيامة[١١].

المراجع

  1. "الفرق بين السور المكية والسور المدنية والقرائن المميزة لكل منهما"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  2. سورة الشمس، آية: 1.
  3. "سورة الشمس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
  4. سورة الشمس، آية: 1-7.
  5. ^ أ ب "تأملات إيمانية في سورة الشمس"، www.kalemtayeb.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
  6. سورة الشمس، آية: 9-10.
  7. ^ أ ب سورة الشمس، آية: 14-15.
  8. رواه ابن الجوزي، في موضوعات ابن الجوزي، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 2/447، موضوع.
  9. "سورة الشمس"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
  10. سورة هود، آية: 64.
  11. "قصة النبي صالح عليه السلام في القرآن"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
3819 مشاهدة
للأعلى للسفل
×