مقاصد سورة العنكبوت

كتابة:
مقاصد سورة العنكبوت

سورة العنكبوت

سورة العنكبوت هي السورة التاسعة والعشرون بترتيب سور القراَن الكريم، وهي السورة الخامسة والثمانون في ترتيب نزول السور، تقع بالجزء الحادي والعشرون وتأتي بترتيب سور المصحف الشريف بعد سورة القصص وقبل سورة الروم، وسورة العنكبوت مكية، حيث أنها من أواخر السور التي نزلت في مكة المكرمة، بحيث لم ينزل بعدها في مكة إلا سورة المطففين، وسُميت هذه السورة باسم العنكبوت لذِكره فيها بهذه الآية الكريمة: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[١] وكان المشركون إذا سمعوا تسمية العنكبوت أو البقرة يستهزئون بهما،[٢] فنزل قوله تعالى {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}[٣] وسيتم تسليط الضوء بهذا المقال على مقاصد سورة العنكبوت وكنوزها وأبرز القصص والتفسيرات المذكورة فيها.

كنوز سورة العنكبوت

قبل الحديث عن مقاصد سورة العنكبوت سيتم تسليط الضوء على كنوزها، حيث تحدى الله تعالى الكفار وأثبت لهم بأن القراَن الكريم من عنده، فلو كان من صُنع البشر لكُنتم يا أهل مكة جئتم بمثله لا سيما وأنهم أفصح أهل الأرض، بدأت السورة الكريمة بالآية: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}[٤] وقد أوذي المسلمين في مكة كثيرًا وواجهوا ابتلاء عظيم فصبروا علمًا منهم بأن الحكيم يبتلي المؤمن ليختبر إيمانه، ومن أبرز كنوز السورة وهدفها الأساسي حال العنكبوت وهي تبني بيتها، فإنها تبنيه دون مراعاة شيء يهدمه، فربما تبنيه على بعض أغصان الشجر فتُمزقه الرياح، ومن الممكن بناؤه في طريق البشر، هذا الضعف يوجد بمقابله قوة كبيرة لا تظهر إلا بالابتلاء، يتبين أن هدف السورة من خلال الإشارة إلى اسمها ومن خلال أولها وآخرها بقوله تعالى: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[٥] {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [٦] وهنا الدليل إلى أن الأمر يحتاج لمجاهدة، والمسلمون الأوائل بعد هذه السورة هاجروا إلى المدينة المنورة وما هي إلا قليل حتى خرجت قريش لمحاربتهم في غزوة بدر. [٧]

مقاصد سورة العنكبوت

مقاصد سورة العنكبوت بمجملها تحث على الاجتهاد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعاء إلى الله، والمحور الرئيس يدور حول الإيمان لينبثق منه وحدانية الله سنة الابتلاء والفتنة ومصير كل من المؤمنين والكافرين والمنافقين، وعرض قصص الأنبياء السابقين وما تصوره من فتن في طريق الدعوة، حيث قال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[٨] بالإضافة للنهي عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن. وتأتي مقاصد سورة العنكبوت في وجه التفصيل بتثبيت المسلمين من فتنة المشركون وذُكرت في السورة فتنة طول مكث الأعداء وتسلطهم على من اَمن وجاء في قوله تعالى: {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}[٩] ومن مقاصد سورة العنكبوت وعد الله بنصر من اَمن، وخذل أهل الشرك، والابتعاد عن المشركين، وبينت السورة أن على المؤمن الصبر على أذى المشركين، ووضحت أن القراَن الكريم مُنزل من عند الله -عز وجل- ودلالية البعث، وإثبات الجزاء على الأعمال، ووعد الله المشركين بالعذاب مع ضرب المثل لاتخاذ المشركين أولياء من دون الله وهو بيت العنكبوت، وهنا الإشارة لمن اعتمد على قوة الأصنام. [٢]

قصة لوط

بعد معرفة مقاصد سورة العنكبوت يجب ذِكر بعض قصص الأنبياء الواردة فيها، وردت قصة لوط -عليه السلام- في سورة العنكبوت حيث بين الله عز وجل كيف دعا لوط قومه ولم يستجيبوا واستمروا على فعل الفاحشة، ليُنزل الجبار عقابه على القرية التي كانت تعمل الخبائث، وتذكر القصة صلة قرابة النبي إبراهيم ولوط -عليهم السلام- وتدور أحداث القصة بأن لوط قد اَمن بإبراهيم -عليهم السلام- ليهاجر معه إلى بلاد الشام، فبعثه الله تعالى إلى أهل سدوم وهي منطقة قريبة من البحر الميت في الأردن، ليدعوهم إلى الله عز وجل ويأمرهم بالمعروف، حيث أنهم كانوا يأتون الرجال من دون النساء، كما وضحت الآية الكريمة{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[١٠] ومع إصرارهم على فعل الفواحش والخبائث أرسل الله تعالى ملائكة على هيئة بشر للنبي إبراهيم -عليه السلام- فأخبروه بدمار القرية التي فعلها الخبائث، فكان رد النبي إبراهيم بأن فيها لوط فقالت الملائكة نحن أعلم بمن فيها، فذهب الملائكة على هيئة بشر إلى النبي لوط، وعندما علم أهل القرية بأن ببيت لوط شباب يتمتعون بالوسامة والجمال جاءوا وأرادوا الفاحشة في ضيوف النبي لوط ولم يكن يعلم بأنهم ملائكة ليعرض على قومه الزواج من بناته ولكنهم رفضوا، فأمر الوحي بخروج لوط وأهله من القرية إلا زوجته، وأنزل الله عذابه فيهم كما جاء بقوله، {إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[١١] ووردت قصة النبي لوط بأكثر من موضع بالقراَن الكريم حيث جاء ذكرها بسور النمل العنكبوت هود والقمر.[١٢]

تفسير وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا

وردت في سورة العنكبوت اَيه تتحدث عن الرزق وارتبطت الآية الكريمة بهجرة المسلمين من مكة المكرمة إلى المدينة المنور، حيث عندما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه بالهجرة، قال بعضهم يا رسول الله كيف نخرُج إلى المدينة وليس لنا بها مال ولا مقر، ليُنزل الله تعالى: {وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[١٣] وجاء بالتفسير أن الله يرزق البهائم والطير والدواب التي لا ترفع رزقها ولا تدخر شيئًا لغد، نزول الآية طمأن الصحابة، حيث علموا أن المتوكل على الله لا خوف عليه.[١٤]

المراجع

  1. سورة العنكبوت، آية: 41.
  2. ^ أ ب "مقاصد سورة العنكبوت"، www..islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف
  3. سورة الحجر، آية: 95.
  4. سورة العنكبوت، آية: 2.
  5. سورة العنكبوت، آية: 6.
  6. سورة العنكبوت، آية: 69.
  7. "مقاصد سورة العنكبوت"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
  8. سورة العنكبوت، آية: 3.
  9. سورة العنكبوت، آية: 11.
  10. سورة العنكبوت، آية: 29.
  11. سورة العنكبوت، آية: 34.
  12. "لوط"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  13. سورة العنكبوت، آية: 60.
  14. "تفسير البغوي"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
5096 مشاهدة
للأعلى للسفل
×