مقاصد سورة الفجر

كتابة:
مقاصد سورة الفجر

سورة الفجر

لم يختلف في تسمية هذه السورة "سورة الفجر" بدون الواو في المصاحف والتفاسير وكتب السنة، وهي مكية باتفاق سوى ما حكى ابن عطية عن أبي عمرو الداني أنه حكى عن بعض العلماء أنها مدنية، وقد عدت العاشرة في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة الليل وقبل سورة الضحى، وعدد آياتها اثنتان وثلاثون عند أهل العدد بالمدينة ومكة، وهي ثلاثون عند أهل العدد بالكوفة والشام وعند أهل البصرة تسع وعشرون،[١]ومن خلال هذا المقال سيتم التحدث عن مقاصد سورة الفجر.

فضل سورة الفجر

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ سورة الفجر وليال عشر في ليالي العشر غفر له"،[٢] ومن المسائل سؤال يقول: امرأة تأخرت بالزواج فأعطوها طريقة لتسهيل الزواج، تكتب سورة الفجر بماء المطر ثم تضيف حنة له، ثم تتحنى به وسيتم تسهيل الزواج بعد ذلك، فما الحكم في ذلك؟ الصحيح أن هذا العمل المذكور ليس من هدي السلف، وإنما هو من الطرق التي يعملها المشعوذون، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: القاعدة أن كل إنسان اعتمد على سبب لم يجعله الشرع سببًا، فإنه مشرك شركًا أصغر، ويمكن قراءة أي سورة من القرآن والدعاء بها، قال رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: "من قرأ القرآنَ، فليسألِ اللهَ به".[٣]

مقاصد سورة الفجر

ابتدأ الله -سبحانه وتعالى- سورة الفجر بالقسم بالفجر وذلك لبيان عظم قدر هذه الصلاة، والفجر لمسة حانية على قلوب المستضعفين، تلك القلوب التي ما فتئت تنتظر الفرج والفجر بعد ليل الظلم الطويل الذي ذكره الله -سبحانه وتعالى- في ثنايا هذه السورة كالصخر والأوتاد والطغيان والفساد، إنها آلة العذاب التي يعذب بها الطغاة شعوبهم المظلومة التي لا تملك شيئًا أمام آلات التعذيب تلك، فطمأنهم الله -سبحانه وتعالى- أنه سينتقم من فراعنتهم في الدنيا قبل الآخرة قال تعالى: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ}،[٤]قال أحد السلف: كم عند ربنا من سياط! سوط واحد أهلكهم الله به ولهم في الآخرة أسواطًا وأسواطًا من العذاب، ومن مقاصد سورة الفجر تنبيه من الله -سبحانه وتعالى- على أن كثرة المال ليست عنوانًا لرضا الله -عز وجل- عن الشخص، وليست قلة النعم والمال عنوانًا لسخطه -سبحانه وتعالى- قال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}. [سورة [٥]44]

هل في ذلك قسم لذي حجر

من مقاصد سورة الفجر بيان أن الحجر: هو العقل، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ* هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ}[٦]، إن الله -سبحانه وتعالى- يقسم من خلقه بما شاء، ومن مقاصد سورة الفجر توضيح أن الراجح في الشفع والوتر أنه -سبحانه وتعالى- هو الوتر وكل شيء من دونه فهو شفع، والقسم بالليل لأن الليل يعم كل أرجاء الأكوان والمجرات، وهو محل تنزيل كلامه -سبحانه وتعالى- وفي {والليل إذا يسر} معناه سيران الناس بالليل، وكأن الفجر والليل دابتان تحملان الإنسان إلى قبره، أما قسمه -سبحانه وتعالى- بالحجر لينبه أن على المؤمن أن يتدبر ويتعقل، فلا يجوز له أن يخالف ما دلت عليه هذه الأقسام بالشرك بالله وعبادة ما سواه، وهو الخالق لها القائم بأرزاق العباد، والشرع وضع العقل بموضعه الصحيح فإنه لم ينكر مكانته، فالعقل يمنع الإنسان عن القبائح، وكفى بالعقل شرفًا أن يسير وراء الشرع ويدل صاحبه على ربه.[٧]

فضل صلاة الفجر

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن صلى الصبحَ فهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ من ذِمَّتِهِ بشيءٍ، فإنَّ من يَطْلُبْه من ذِمَّتِهِ بشيءٍ، يُدْرِكْه، ثم يَكُبَّه على وجهِه في نارِ جهنمَ"،[٨] أي: أنه في ذمة الله ورعايته في الدنيا والآخرة، وكان سالم بن عبد الله بن عمر قاعدًا عند الحجاج، فقال له الحجاج: قم فاضرب عنق هذا، فأخذ سالم السيف، وأخذ الرجل، وتوجه باب القصر، فنظر إليه أبوه وهو يتوجه بالرجل، فقال: أتراه فاعلًا؟ فردَّه مرتين أو ثلاثًا، فلما خرج به، قال له سالم: صليت الغداة؟ قال: نعم، قال: فخذ أي الطريق شئت، ثم جاء فطرح السيف، فقال له الحجاج: أضربت عنقه؟ قال: لا، قال: ولِمَ ذاك؟ قال: إني سمعت أبي هذا يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن صلَّى الغَداةَ فهو في ذمَّةِ اللهِ، فاتَّقِ اللهَ يا ابنَ آدَمَ أنْ يطلُبَكَ اللهُ بشيءٍ مِن ذِمَّتِه"، [٩][١٠]

ومن مقاصد سورة الفجر أنها نجاة للعبد من النار، وأنها سبب لدخول الجنة، وكذلك الأمن من النفاق، وأن المحافظ على صلاة الفجر من أطيب الناس عيشًا، وأنشطهم بدنًا، وأنعمهم قلبًا، وقد وردت نصوص كثيرة فيها التحذير الشديد لمن تهاون في صلاة الفجر، فمن ذلك: ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " أثقلُ الصلاةِ على المنافقين صلاةُ العشاءِ، وصلاةُ الفجرِ، ولو يعلمون ما فيهما لأتَوْهما ولو حَبْوًا، ولقد هممتُ أن آمرَ بالصلاةِ فتقام، ثم آمر رجلًا فيُصلِّي بالناس، ثم أنطلِقُ معي برجالٍ معهم حِزَمٌ من حطبٍ، إلى قومٍ لا يَشهدون الصلاةَ فأُحَرِّقُ عليهم بيوتَهم بالنَّارِ".[١١][١٠]

المراجع

  1. " تفسير القرآن التحرير والتنوير محمد الطاهر ابن عاشور"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-30. بتصرّف.
  2. رواه أبي الحسن علي بن محمد/ابن عراق الكناني، في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة 1-2 ج1، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 67، ضعيف جدا.
  3. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 2917 ، حسن .
  4. سورة 13، آية: الفجر.
  5. سورة الأنعام ، آية: 44.
  6. سورة الفجر، آية: 1-5.
  7. "تفسير قوله تعالى: (هل في ذلك قسم لذي حجر) " www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-2. بتصرّف.
  8. رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن جندب بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 6339، صحيح.
  9. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج صحيح ابن حبان ، عن جندب، الصفحة أو الرقم: 1743، صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح.
  10. ^ أ ب "فضل صلاة الفجر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-3. بتصرّف.
  11. رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 133، صحيح .
4460 مشاهدة
للأعلى للسفل
×