مقاصد سورة الفلق

كتابة:
مقاصد سورة الفلق

سورة الفلق

سورة الفلق من السور المكيّة التي أنزلها الله -تعالى- على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكّة المكرمة، وهي السورة المائة وثلاثة عشر في ترتيب سور القرآن الكريم فهي السورة قبل الأخيرة، تقع في الجزء الثلاثين وتسبقها في ترتيب المصحف الشريف سورة الإخلاص وتليها سورة الناس، وهي من قصار السور إذ يبلغ عدد آياتها خمس آيات، ويعود سبب تسميتها إلى أنّ الله -جلّ وعلا- ابتدأها بقوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}[١]، ويطلق عليها المسلمون هي وسورة الناس اسم "المعوذتين" فهما تبدآن بالتعوذ بالله -سبحانه وتعالى-، وتُعتبر من السور المهمة عند عموم المسلمين، وفيما يأتي سيتم الحديث عن مقاصد سورة الفلق وفضلها.[٢]

سبب نزول سورة الفلق

يذكر بعض أهل السيرة والتفسير أنّ نزول سورة الفلق كان بسبب قصة سحر اليهوديّ لرسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فمما ورد في قصة سحر- -عليه الصلاة والسلام- أنّ يهوديًّا يُقال له "لبيد بن عاصم" قد سحر النبيّ الكريم فأصبح يخيّل إليه أنّه فعل الأمر وهو لم يفعله، فنزل عليه ملكان ورقياه، فقد جاء في نصّ الحديث الشريف أنّ جبريل -عليه السلام- قد رقى النبيّ الكريم ودعا له فشفاه الله، فقد جاء عن أبي سعيدٍ الخدريّ أنّه قال: "أنَّ جبريلَ أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقال: يا محمدُ اشتكيتَ؟ فقال: نعم، قال: بسمِ اللهِ أرقِيكَ من كلِّ شيٍء يُؤذيكَ، من شرِّ كلِّ نفسٍ، أو عينِ حاسدٍ، اللهُ يشفيكَ، بسمِ اللهِ أرقيكَ"[٣]، وعندها نزلت المعوذتان سورة الفلق وسورة الناس، والله أعلم.[٤]

مقاصد سورة الفلق

يأتي المقصد الأول من مقاصد سورة الفلق بحسب ما ورد عن أهل التفسير أنّ الله -جلّ وعلا- أقرّ بأنّه خالق الظواهر الكونية، فقد قال -سبحانه وتعالى- في مطلع سورة الفلق: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}[١]، والفلق هو بزوغ الفجر فقد أمر الله عباده بالاستعاذة بالله خالق الفلق وربّ كلّ ما في الكون.[٥]
ثمّ إنّ الله تابع قوله بأنّ يستعيذ برب الفلق من كل الشرور التي خلقها فقد قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ}[٦]، فمن مقاصد سورة الفلق الإقرار بأنّ الله -تعالى- هو خالق الخير والشر، فالشيطان وكلّ من كفر من الجنّ هم من خلق الله وكانوا كلّهم مسلمين له قبل تمرّدهم وعصيانه، ولأنّ الله -تعالى- يعلم شرّ ما يمكن أن يصيبوا المرء به أمر النبيّ الكريم والمسلمين بالتعوذ بالله من شرّ ما خلق.[٥]
ومن مقاصد سورة الفلق أيضًا لفت انتباه المسلمين إلى أنّ الليل إذا سكن فهو يحوي من الشر والمخاطر ما يستوجب الاستعاذة بالله منه وذلك بقوله: {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}[٧]، فالغاسق هو الليل وإذا وقب أي إذا هدأ، فعند هدوء الليل تخرج شياطين الإنس والجن لتعيث فسادًا في المجتمع الإسلاميّ ولهذا أمر الله المسلمين بالاستعاذة من هدوء الليل.[٥]
ويتبين من دراسة مقاصد سورة الفلق أنّ الله -جلّ وعلا- أمر بالاستعاذة من النفاثات في العقد وذلك بقوله: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}[٨]، فالنفاثات في العقد هنّ الساحرات اللواتي يعقدن العقد وينفثن فيها حتى ينعقد السحر، فكان من مقاصد سورة الفلق الإقرار بكفر هؤلاء الساحرات مع الأمر بالاستعاذة بالله منهن للوقاية من شرّهن.[٥]
ويأتي المقصد الأخير من مقاصد سورة الفلق هو أنّ الله -سبحانه وتعالى- أمر بالاستعاذة من شر الحاسد وبغضه وذلك بقوله: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[٩]، وفي هذا إشارة على أنّ الحسد النابع من نفس المرء قد يحوي شرًا كثيرًا وقد تكون من تبعاته تمني زوال الخير عن من تحسده النفس الشريرة الأمارة بالسوء -والعياذ بالله-، لهذا كان أمر الله بالاستعاذة من شر هذه النفوس وما تخفيه من الحسد.[٥]

فضل سورة الفلق

جاء في فضل سورة الفلق العديد من أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهي تدخل في معظم الأذكار التي حثّ الرسول الكريم على المداومة عليها، غير أنّها تدخل ضمن ما يقرأه المرء لغرض الرقية الشرعية وتحصين النفس من شر الشيطان الرجيم، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:[١٠]

  • جاء عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: " أَلَا أُخْبِرُكَ بأفضلِ ما تَعَوَّذَ بِهِ الْمُتَعَوِّذونَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ".[١١]
  • وقد أمر الرسول الكريم بقراءة المعوذتين عقب كلّ صلاة: وذلك بما جاء في نصّ الحديث الشريف عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه - أنّه قال: "أمرني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم أنْ أقرأ بالمعوِّذتينِ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ".[١٢]
  • وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اشْتَكَى نَفَثَ علَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ، ومَسَحَ عنْه بيَدِهِ، فَلَمَّا اشْتَكَى وجَعَهُ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ، طَفِقْتُ أنْفِثُ علَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ الَّتي كانَ يَنْفِثُ، وأَمْسَحُ بيَدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنْه"[١٣]

سورة الفلق لتحصين النفس

قد أوصى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في أكثر من موضع بقراءة سورة الفلق والمعوذات لتحصين النفس من شرور الشياطين والجن والنفس الحاسدة والعين، وكان مما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- ما يأتي:[١٤]

  • عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ".[١٥]
  • وجاء عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "قالَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوِّذتينِ حينَ تُمسي وحينَ تُصبِحُ ثلاثًا يَكفيكَ كلَّ شيءٍ".[١٦]
  • وعن أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قال: "كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يتعوَّذُ من عينِ الجانِّ ثمَّ أعينِ الإنسِ فلمَّا نزلتِ المعوِّذتانِ أخذَهُما وترَكَ ما سوى ذلِكَ".[١٧]

المراجع

  1. ^ أ ب سورة الفلق، آية: 01.
  2. "سورة الفلق"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
  3. رواه البغوي ، في شرح السنة، عن أبو سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم: 3/181، صحيح.
  4. "سبب نزول المعوذتين"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج "دلالات تربوية على سورة الفلق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
  6. سورة الفلق، آية: 01-02.
  7. سورة الفلق، آية: 03.
  8. سورة الفلق، آية: 04.
  9. سورة الفلق، آية: 05.
  10. "كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
  11. رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن عقبة بن عامر ، الصفحة أو الرقم: 2593، صحيح.
  12. رواه الألباني ، في صحيح الترمذي، عن عقبة بن عامر ، الصفحة أو الرقم: 2903، صحيح.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4439، صحيح.
  14. "التحصن بسورة الفلق هل يكفي في الوقاية من السحر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم: 5017، صحيح.
  16. رواه الألباني ، في صحيح النسائي ، عن عبدالله بن خبيب ، الصفحة أو الرقم: 5443، حسن.
  17. رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه ، عن أبو سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم: 2846 ، صحيح.
3944 مشاهدة
للأعلى للسفل
×