مقاصد سورة المعارج

كتابة:
مقاصد سورة المعارج

سورة المعارج

سورة المعارج إحدى سور القرآن الكريم المكية التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة أو نزلت قبل هجرته إلى المدينة المنورة سواء في مكة أو المدينة، تقع سورة المعارج في الحزب ذي الرقم سبعةٍ وخمسين وفي الجزء ذي الرقم تسعةٍ وعشرين، وأمَّا ترتيبها في المصحف الشريف فيحملُ الرقم سبعين، وهي بعد سورة الحاقة في الترتيب، يبلغ عدد آياتها أربعة وأربعين آية، وسمِّيَت سورة المعارج بهذا الاسم لأنها تصفُ عروجَ الملائكة إلى السماء، قال تعالى: {إلى الله ذي المعارج * تعرجُ الملائكةُ والروحُ إليهِ فِي يَومٍ كَان مِقدارهُ خَمسينَ ألفَ سنة}[١]، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول مقاصد سورة المعارج وسبب نزولها وفضلها.[٢]

سبب نزول سورة المعارج

قبل الحديث عن مقاصد سورة المعارج سيُشار إلى سبب نزول السورة أولًا، حيثُ وردَ في قوله تعالى: {سألَ سَائلٌ بعذَابٍ واقِعٍ}[٣]، أنَّ سبب النزول كان في النضر بن الحارث وهو أحد سادات قريش وكبارها، ويعدُّ من أشرس وأعتى المعاندين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويشتَهر عنه بتكذيبه لدعوة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد نزلت سورة المعارج فيه عندما قال: "اللهمَّ إن كان هذا الذي يقول محمَّد هو الحقُّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماءِ أو ائِتنا بعذابٍ أليمٍ"، فدعا على نفسه وعلى قومه بالهلاك والعذاب، فأنزل الله تعالى قوله: {سألَ سَائلٌ بعذَابٍ واقِعٍ}[٣]، وأنزلَ الله عليه ما سألَ في موقعة بدر واستجاب لدعوته وذلك يومَ قُتل صبرًا على يدِ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.[٤]

مقاصد سورة المعارج

تدور مقاصد سورة المعارج في بداية السورة حول عصيان أهل مكة المكرمة واستهزائهم بالعذاب الذي توعَّد الله تعالى به الكافرين والمشركين، إضافةً إلى معاندتهم ومكابرتهم وعلى رأسهم النضر بن الحارث الذي دعا على نفسه وعلى أهله وقومه بالهلاك، قال تعالى في محكم التنزيل: {إنَّهمْ يرَونَهُ بعِيدًا * ونَرَاهُ قرِيبًا}[٥]، ومن مقاصد سورة المعارج أيضًا أنَّها تبيِّنُ مصير المجرمين والكفار والعذاب الذي أعده الله تعالى لهم، وذلك وعيد من الله، قال تعالى: {يبَصَّرُونهُمْ يوَدُّ المُجرِمُ لوْ يفتَدِي مِن عذَابِ يومِئِذٍ ببَنِيهِ * وصَاحبَتِهِ وأَخِيهِ}[٦]، وتصفُ بعد ذلك النار التي أعدَّها لهم الله تعالى، قال تعالى: {كلَّا إِنهَا لظَى * نزَّاعَةً للشَّوَى * تدْعُو منْ أَدبَرَ وتَوَلَّى * وجَمعَ فأَوعَى}[٧]، وهذه النار ستنادي على الكافر ليأتي وينالَ جزاءه يوم القيامة.[٨]

ومن مقاصد سورة المعارج أنَّها توضِّح طبيعة الإنسان وتذكرُ صفاته الطبيعية من جزع عند المصيبة، وعدم شكر الله تعالى على نعمه، إلا من رحمَ الله، وهم المؤمنون الحقيقيون الذين ذكرَ الله صفاتهم بعذ ذلك، قال الله تعالى: {والَّذِينَ في أَموالِهِمْ حقٌّ معلُومٌ * للسَّائِلِ والمَحْرُومِ * والَّذِينَ يصدِّقُونَ بيَوْمِ الدِّينِ * والَّذِينَ همْ منْ عذابِ ربِّهِمْ مشفِقُونَ}[٩]، ثمَّ ختمت مقاصد سورة المعارج الحديث بالإشارة إلى الطمع الموجود عند الكفَّار والمجرمين لدخول الجنةِ رغمَ كفرهم وتكذيبهم للرسل والأنبياء، وفي النهاية تتوعدهم بعذابٍ أليم في ذلك اليوم الموعود، قال تعالى: {يَومَ يَخرُجُونَ منَ الأَجدَاثِ سرَاعًا كأَنَّهُمْ إلَى نصُبٍ يوفِضُونَ * خاشِعَةً أَبصارُهُمْ تَرهَقُهُمْ ذلَّةٌ ذلِكَ اليوْمُ الَّذي كانُوا يوعَدُونَ}[١٠]، والله تعالى أعلم.[٨]

فضل سورة المعارج

بعد المرور على مقاصد سورة المعارج سيتمُّ ذكر فضل سورة المعارج، ومثل الكثير من سور القرآن الكريم لم ترد أحاديث صحيحة في فضل السورة، وإنَّ جميع ما وردَ من أحاديث إمَّا أحاديث باطلة وموضوعة أو ضعيفة جدًّا، كالحديث الذي يروى عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- أنَّه قال: "منْ قرأها أعطاه الله تعالى ثواب الّذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون، والّذين هم على صلاتهم يحافظون"، ولكنَّ رغم ذلك فإنَّ فضل سورة المعارج مثل فضل القرآن الكريم كلِّه، في قراءته أجر عظيم وثواب جزيل من الله تعالى كما أخبرَ بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح، كما أنَّ فضلها في أن يلتزمَ المسلمون بما جاءت به السورة من تعاليم وأحكام وأن يتَّعظوا بما فيها من حكمٍ وعبر أنزلها الله لعباده المسلمين.[١١]

ما هو اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة

لقد تحدَّثت سورة المعارج عن أهوال يوم القيامة والشدائد التي ستحصلُ في ذلك اليوم، وقد وردَ فيها أيضًا أنَّ هناك يوم سيكون مقداره خمسينَ ألف سنة، قال تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلكَافِرينَ لَيسَ لهُ دافِعٌ * منَ اللَّهِ ذي المَعَارِجِ * تعرُجُ الملَائِكَةُ والرُّوحُ إليْهِ في يَومٍ كانَ مقدَارُهُ خمْسِينَ أَلفَ سنَةٍ}[١٢]، وذلك اليوم هو يوم القيامة الذي بدأت الآيات بالحديث عنه، وقد أكَّد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك في حديثٍ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما مِن صاحِبِ ذهَبٍ ولَا فضَّةٍ لا يؤَدِّي منْهَا حقَّهَا إلَّا إذَا كانَ يومُ القيَامَةِ صفِّحَتْ لهُ صفائِحُ منْ نارٍ، فأُحمِيَ عليهَا في نارِ جهنَّمَ، فيكْوَى بهَا جنبُهُ وجبِينُهُ وظهْرُهُ، كلَّما بردَتْ أعيدَتْ لهُ، في يومٍ كانَ مقدَارُهُ خمسِينَ ألفَ سنةٍ، حتَّى يقضَى بينَ العبَادِ فيرَى سبِيلَهُ إمَّا إلَى الجنَّةِ وإمَّا إلى النَّارِ"[١٣]، وقد قال عبد الله بنُ عباس -رضي الله عنهما- في ذلك اليوم: "هذا يومُ القيامة، جعله الله على الكافرين مقدار خمسينَ ألفَ سنة"، والله تعالى أعلم.[١٤]

المراجع

  1. سورة المعارج، آية: 3-4.
  2. "سورة المعارج"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سورة المعارج، آية: 1.
  4. "أسباب النزول"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  5. سورة المعارج ، آية: 6-7.
  6. سورة المعارج ، آية: 11-12.
  7. سورة المعارج ، آية: 15-18.
  8. ^ أ ب "تفسير سورة المعارج للأطفال"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  9. سورة المعارج، آية: 23-27.
  10. سورة المعارج، آية: 43-44.
  11. "سورة المعارج"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  12. سورة المعارج، آية: 1-4.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 987، صحيح.
  14. "الفرق بين مقدار اليوم عند الله عز وجل ومقدار يوم القيامة"، www.slamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
4338 مشاهدة
للأعلى للسفل
×