مقدمة خطبة النكاح
هذه مقدمة لخطبة النكاح، حيث تشمل افتتاحاً مناسباً، وترحيباً بالحضور، ومقدمة تتضمن آيات قرآنية وأحاديث نبوية والدلالات المستوحاة منها، وتعدّ هذه المقدمة مناسبة لجميع خطب النكاح التي تُلقى في جاهة العروس.
افتتاح مقدمة خطبة النكاح
الحمد لله، ثم الحمد لله، الحمد لله الذي جعل الزواج آيةً من آياته، مصداقاً لقوله -عز وجل- في كتابه العزيز: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١] نحمده -سبحانه- ونستغفره ونستهديه، ونُصلّي ونُسلّم على سيدنا محمد القائل في الحديث الصحيح فيما اشتهر بحديث الثلاثة نفر، يقول: (وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي).[٢]
الترحيب بالحضور
أما بعد، أيها الأخوة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحباً بكم جميعاً، ونحن نجتمع في هذه الأمسية المباركة، لنحيّي فيها سنّة من سنن الإسلام، ألا وهي سنة إشهار النكاح؛ فاللهم اجعل جمعنا هذا مرحوماً، وتفرّقنا من بعده معصوماً، ولا تجعل فينا شقيّاً ولا محروماً.
مقدمة خطبة النكاح
أيها الأخوة الفضلاء، ليس من نافلة القول التّأكيد على أنّ النكاح سنةٌ من سنن النّبيين، وشعارٌ من شعار المتقين، وأهمُّ سبيلٍ للتحصين من نزوات النّفس ووساوس الشياطين، وفضلاً عن كونه آية من آيات الله العظيمة؛ فهو كذلك باب من أبواب الرّزق، واقرأوا معي إن شئتم قول الله -سبحانه- إذ يقول: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).[٣]
والإسلام دين الحياة الفاضلة، حثّ الشباب على الزواج، تحقيقاً لسنّة الله في إعمار الأرض، وتحصيناً للنفس والعِرض، ومنعاً لداعي المعصية في النفس الأمّارة بالسّوء، وتأكيداً لهذا المعنى يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ).[٤]
أيها الأخوة الكرام، لقد راعى الإسلام في دعوته الشباب إلى النّكاح ودعوته المجتمع إلى تسهيل سبُله، راعى في كلّ ذلك أن يكون أمر الزواج منضبطاً بتوجيهات على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية، تهدف إلى توثيق رباط الزوجية بالمودة والرحمة كما أرادها الله -سبحانه-؛ فدعا الشاب المقبل على الزواج إلى حسْنِ الاختيار؛ ففي الحديث المتّفق على صحته عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ).[٥]
وهذا لا يعني أبداً أنّ صاحبة الدّين ليست صاحبة حسبٍ أو جمالٍ أو مالٍ، بل قد تجمعُ المحاسن كلّها، وإنما هي دعوة لجعل الأولوية في الاختيار من صاحبة الدين؛ فهي التي تصون نفسها وعرضها ومال زوجها، وترعى حقّ الله فيه وفي بيتها.
كما حثّ الإسلام الفتاةَ وأهلها على قَبول النّكاح ممّن اشتهر بين الناس بسلامة أخلاقه وصلاح دينه؛ وحذّر من الأثر السيّئ في حال ردّهم من غير قبول، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أتاكُمْ مَنْ ترضونَ خُلُقَهُ ودينَهُ فزوِّجُوهُ، إنْ لا تفعلُوا تكُنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ).[٦]
والله -تعالى- نسأل أنْ يبارك للعريس والعروس في حياتهما، وأن يجمع بينهما -سبحانه- على خير، وأن يرزقهم الذرية الصالحة، اللهم آمين.
المراجع
- ↑ سورة الروم، آية:21
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1401.
- ↑ سورة النور، آية:32
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1400.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:5090.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:346 .