محتويات
النظافة ثقافة وسلوك
النظافة سلوكٌ يدلّ على الرقي والتحضّر، وهي من أهم السلوكيات التي يجب أن يُمارسها الأشخاص بشكلٍ بدهي لأنها مرتبطة بالكثير من أساسيات الحياة، ومن المفروض أن تكون جزءًا من ثقافة الإنسان، سواء في نظافته الشخصية أم نظافة البيئة المحيطة به، أم نظافة الأماكن التي يكون فيها، وهي انعكاسٌ لطريقة تعامل الشخص مع نفسه، فالإنسان الذي يُحافظ على النظافة إنسانٌ ملمٌ بأبسط قواعد الحياة، كما أنّ الله تعالى أمر عباده بالنظافة، وجعلها ضرورة لأداء العبادات ومقترنة بها، فالصلاة لا تجوز إلّا إذا كان الإنسان نظيفًا طاهرًا سواء في جسده أم في المكان الذي يُصلي فيه، وهذا يدلّ على أهمية النظافة.
من واجب الأب والأم أن يجعلوا النظافة سلوكًا دائمًا للأبناء، وأن يُعلّموهم كيفية الحفاظ على نظافتهم الشخصية، وحثهم على غسل اليدين قبل تناول الطعام وبعده، وأن يواظبوا على الاستحمام وعدم رمي الأوساخ في البيت أو في المدرسة، وإفهامهم أنّ الله تعالى أمر عباده بالنظافة، وأنّ النبي -عيله الصلاة والسلام- حثّ على الحفاظ على النظافة في كلّ وقت لأنها أمرٌ ثابت في حياة المسلم، فالنظافة عطرٌ يفوح في الأرجاء، وينشر الفرح في كلّ مكان، حتى أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أنظف الناس وأطهرهم، ولم تكن تفوح منه إلّا رائحة المسك، وهذا دليل على أهمية النظافة في الإسلام.
الشعوب النظيفة هي شعوبٌ تحترم نفسها وتاريخها، وتحرص على عكس صورة جميلة للآخرين عنها، لأنّ النظافة نوعٌ من السمو الأخلاقي، وجزءٌ من منظومة العادات والتقاليد الجميلة، فعند زيارة أي بلد في العالم، فإنّ أول ما يلتفت إليه الزائر هو نظافة الشوارع وترتيبها، ونظافة الأماكن الأثرية والسياحية، وطريقة تعامل المواطنين والتزامهم بأساسيات النظافة، خاصة في المطاعم والمحلات التجارية والفنادق فيما إذا كانوا يُحافظون على النظافة أم لا، ويلتزمون بالعادات التي تُظهر حرصهم على التخلّص من الأوساخ باستمرار.
مقدمة عن النظافة البيتية
البيت النظيف مرآة أصحابه، وهو دليلٌ على نظافة أهله وساكنيه، لهذا فإنّ النظافة البيتية من أهم الأشياء التي يجب الحرص عليها، فالبيت هو المكان الذي يقضي به الأشخاص معظم وقتهم، ونظافة البيت تجعل كلّ من فيهم يشعرون بالطاقة الإيجابية، فالروائح العطرة التي تفوح من جنباته والأغراض المرتبة والمواعين النظيفة اللامعة دليلٌ على نشاط أهل البيت وحبهم للحياة الصحية النظيفة، على عكس البيت القذر الذي يُهمل أهله تنظيفه، فهو بيئة خصبة للأوساخ والمايكروبات ومسببات الأمراض، كما أنّ البيت النظيف ترتاح فيه النفس، ويشعر فيه الزوّار بالراحة والسعادة.
الحفاظ على نظافة البيت من واجب الأم بالدرجة الأولى، وواجب الأب والأبناء الذين يجب أن يُساعدوها في جعل البيت لامعًا تشعّ منه رائحة النظافة، فترتيب الملابس وغسلها بشكلٍ دوري جزءٌ من هذه النظافة، وتنظيف المواعين والأرضيات والمطبخ والحمام جزءٌ هام من النظافة، فنظافة البيت من الأشياء المتكاملة التي لا يمكن أن تتجزأ، والحفاظ على هذه النظافة يكون بتضافر جهود جميع أبناء العائلة، وتعاونهم على التخلص من أي قاذورات بنفس اللحظة، ومنعها من التراكم، فالنظافة من الإيمان، ولا يكتمل إيمان الفرد إلا ّإذا كان ملتزمًا بها.
يُمكن الحفاظ على نظافة البيت باتباع خطوات يومية وأخرى أسبوعية وأخرى شهرية، بحيث يكون التخلص من بيوت العناكب مثلًا أسبوعيًا، والتخلص من الغبار يوميًا، وغسل الستائر والمفارش شهريًا وأحيانًا أكثر بحسب حاجتها إلى الغسيل، وكلّما حرص الإنسان على تنظيف بيته باستمرار كلما كان تنظيفه أسهل وأسرع، أما ترك الأوساخ تتراكم فهو من أكثر الممارسات الخاطئة التي تجعل الروائح الكريهة تفوح، وينتشر الذباب في المكان، لهذا فإنّ تنظيف البيت يجب أن يكون من الأولويات في الحياة اليومية.
مقدمة عن النظافة المدرسية
المدرسة هي البيت الثاني، وهي المكان الذي يقضي به الطلبة والمعلمون وقتًا طويلًا، لهذا فإنّ الحفاظ على نظافة المدرسة من الأمور المُهمّة التي يجب أن يلتزم بها الطلبة جميعًا، وأن يتصرفوا في المدرسة كما لو أنهم في بيتهم، فلا يرمون القاذورات في الغرف الصفية أو الساحات، ولا يرسمون بالأقلام على المقاعد والطاولات والجدران، وأن يُحافظوا على نظافة المرافق الصحية في المدرسة، لهذا من الضروري نشر التوعية بالنظافة عن طريق وسائل التعليم المختلفة، سواء في الكتب أم في المحاضرات العلمية، كما يجب توعية الطلاب بأهمية النظافة وكيف أنّها تحمي من الكثير من السلبيات.
الحفاظ على نباتات المدرسة وحديقتها جزءٌ من الاهتمام بنظافتها، كما أنّ الامتناع عن التخريب أيضًا يُعدّ من النظافة التي يجب على الجميع الالتزام بها، خاصة أنّ البيئة المدرسية النظيفة تجعل من بيئة الدرس بيئة محفزة وهادئة، وتدفع الطلاب إلى النجاح والتطوّر، وتجعلهم يُحبون جوّ المدرسة، بعكس البيئة القذرة التي تنفرهم من المدرسة وتجعلهم يشعرون بمشاعر سلبية وهم فيها، كما أنّ المدرسة النظيفة تعكس صورة إيجابية عن الطلاب والمدرسين والمدير، فيشعر الزائر لها بأنه في مدرسة تضمّ جيلًا واعيًا يعرف كيف يُحافظ على النظافة.
نظافة الطالب في جسمه وملابسه جزءٌ من نظافة المدرسة، فالطالب الذي يستيقظ ليرتدي أجمل الملابس وأنظفها للمدرسة يعكس صورة إيجابية عن نفسه بأنه نظيف ومرتب ويُحب النظافة، وعناية الطالب بشعرة ونظافة أسنانه وكتبه ودفاتره أيضًا جزء من النظافة المدرسية التي لا يجوز التخلّي عنها، فمن يتعلم أن يكون نظيفًا في بيته ومدرسته سيكون نظيفًا في كلّ مكان، وترسيخ خطوات النظافة الأساسية لدى الطلاب بتعزيز مفهوم النظافة في ذهن الطالب، وإعطائه التعليمات اللازمة لحثه على الالتزام بها، والاهتمام بالنظافة ليس أمرًا طارئًا، بل هو أسلوب حياة يومي يجب ألّا يُهمل أبدًا مهما كانت الظروف.
من أساسيات النظافة التي يجب تعليمها للطلاب في المدرسة أن يستخدموا المناديل الورقية أثناء العطس، وأن يغسلوا أيديهم قبل الطعام وبعده، وأن يحرصوا على تجنب تناول الأطعمة المكشوفة لأنها غير نظيفة، وألّا يلمسوا ملابسهم بأيديهم المتسخة، إذ إنّ تعميم هذه التعليمات على الأطلاب وزرعها فيهم تخلق جيلًا محبًّا للنظافة.
مقدمة عن النظافة البيئية
الاهتمام بالنظافة لا يقتصر على الجسد أو البيت أو المدرسة فقط، وإنما يشمل نظافة البيئة التي هي من أهم أولويات النظافة، فالبيئة النظيفة بيئة صحية، تتصف بالاتزان والجمال، على عكس البيئة القذرة التي تُسبب المرض للإنسان والحيوان والنبات، وقد تُسبب انقراض العديد من الكائنات الحية، وحدوث خلل في التوازن البيئي، والحفاظ على نظافة البيئة يكون بالحفاظ على جميع عناصرها دون استثناء، وهي: الحفاظ على نظافة الماء والهواء والتربة، ويكون هذا أيضًا بعدم رمي أي قاذورات فيها، وعدم تلويث الماء بالمياه العادمة أو المواد الكيميائية السائلة السامة التي تُسبّب تغيّرًا في خصائص الماء.
تشمل النظافة البيئية الحفاظ على الهواء نظيفًا من الأبخرة السامة التي تُؤثر بشٍكلٍ كبير على جودة الحياة على كوكب الأرض، كما أنّ الغازات السامة المنتشرة في الهواء تدلّ على أنّ البيئة غير نظيفة، وتتسبب في حدوث كوارث بيئية حقيقية مثل: ثقب الأوزون وظاهرة المطر الحمضي والضباب الدخاني، أما انعدام نظافة التربة يُسبب تسرب الأوساخ إلى المياه الجوفية وتلوثها، وعندما يشربها الإنسان أو الحيوان تُسبب له المرض، لهذا من الملاحظ أنّ إهمال نظافة البيئة أمرٌ في غاية الخطورة، وقد يُسبّب تبعات كبيرة ضارة تحتاج إلى سنوات كثيرة للتخلّص منها.
الحفاظ على النظافة البيئية يستلزم التزام الجميع، لأنّ البيئة عالمٌ كبير وفيه الكثير من العناصر المتشابكة، وأي خلل في هذه العناصر نتيجة الإهمال في النظافة، يؤثر بشكلٍ مباشر على بقية العناصر فيها، والحفاظ على نظافة البيئة يكون بتجنُّب طرح أي مواد ملوثة فيها، سواء في الماء أم التربة أم الهواء، والتوجه إلى الطاقة البديلة المتجددة لأنها مصادر طاقة نظيفة، لا تُسبّب طرح أيّ أوساخ في البيئة، بالإضافة إلى تضافُر الجهود لزيادة المساحة الخضراء، بزراعة الأشجار والنباتات لأنها تعمل كمنظف طبيعي للبيئة، سواء التربة أم الماء أم الهواء.
عندما يكون الإنسان نظيفًا في جسدة وبيته ومدرسته ومكان عمله وبيئته، فهو بذلك يُحقق كل شروط النظافة، وينعم بفوائدها الكثيرة التي تعود على صحته الجسدية والنفسية بالنفع والخير، لهذا فإنّ نظافة البيئة واجبٌ محتمٌ على الجميع، وضرورة من الضرورات التي تعني تحمّل كل شخص المسؤولية تجاه النظافة، وأن يحرص عليها بشدّة، وأن يعي تمامًا أهمية النظافة له من جميع النواحي مع نشر التوعية بشأنها قدر المستطاع، وليس من الغرابة أنّ الشخص المرتّب النظيف يُعدّ أنموذجًا في الجمال والأناقة، وينطبق هذا على الأماكن أيضًا، فالمكان النظيف أجمل الأمكنة مهما كان متواضعًا.
لقراءة المزيد، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: موضوع تعبير عن النظافة.