مقدمة عن الوطن للإذاعة المدرسية

كتابة:
مقدمة عن الوطن للإذاعة المدرسية

مقدمة عن الوطن للإذاعة المدرسية

الوطن، هذا الصرح الشامخ الذي ينحني له الجميع ليقدّموا دماءهم فداءً له، ويُجدّدون له الولاء والطاعة في كلّ صباحٍ ومساء، فالوطن ليس مجرّد أرضٍ وسماء وبحار، وهو ليس محرّد بقعة جغرافية تحدّها حدودٌ معيّنة، بل هو أكبر من كلّ هذا، فالوطن لا يُقدر بثمن، ولا يمكن أن تصفه العبارات والكلمات؛ لأنّ اللغة تبدو قاصرةً جدًا في وصفه، فالوطن هو الأم الحنون والأب الحاني والأخ السند، وهو الحضن الكبير الذي يمنح الدفء والأمان لأبنائه في كلّ وقت، ولهذا فإنّ أي شيءٍ يُقدم لأجل الوطن لا يكون خسارة إنّما مكسب، ومهما وصفته قصائد الشعراء فسيبقى الوطن عصيًّا على كلّ القصائد؛ لأنّه الروح التي تطوف في أرجاء الكون لتمنح الحياة لأبنائها.

الوطن هو الوطن بكلّ ما فيه من حياة، وهو يسكن في حماسة الشباب وحكمة الشيوخ وحنان الأمهات، كما يتربع على عرش المحبة الصافية، فيتدافع الجميع للدفاع عنه والذود عن حماه، ويسعون إلى رفعته بكل ما أوتوا من قوة وعزم، ومهما كانت الروح غالية فإنها ترخص لأجل الوطن، ولله درّ الشاعر حين قال: وطني لو شغلت بالخلد عنه       نازعتني اليه بالخلد نفسي

الوطن يحتاجُ من أبنائه أن يكونوا مثالًا للشعوب الأخرى في العلم والأخلاق والرقي، كما يطلب منهم أن يدعموه ويكونوا في صفه في كلّ وقت، وأن يُدافعوا عنه ضدّ كلّ اعتداء، وأن يكونوا يدًا واحدة لدعم تطوّره، فالوطن لا يصل إلى المراتب العليا إلا بسواعد أبنائه، أما من أراد أن يأخذ من وطنه دون أن يُعطيه فقد ظلم وطنه ونفسه، لهذا فإنّ راية الوطن تظلّ خفاقة عالية بهمة الشعوب، فالجميع يُحبّ وطنه بشكلٍ فطري، حتى الحيوانات التي تُغادر وطنها وتهاجر منه وتعود إليه من جديد مهما طالت المسافة، وتعود وهي محمّلة بالشوق الكبير والمحبة العميقة، لأن الكرامة لا تكون إلا في الوطن، ومهما كانت الغربة جميلة ومغرية، فإنّ نيران الشوق لا ترحم، وصقيع البعد لا يترك القلب وشأنه.

الحديث عن الوطن يطول كثيرًا إذ ليس له نهاية، لأنّ الوطن باقٍ في القلب دومًا، وحب الوطن من الإيمان، والإخلاص في حبه هو أسمى الغايات، وخير مثالٍ على هذا ما قاله الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام- حين هاجر من وطنه مكة إلى المدينة، وكيف وصف مكة بأنها أحب بلاد الله إليه، لكنه لم يتركها إلا مرغمًا ومضطرًا، ولهذا فإنّ حب الوطن ليس خيارًا بل هو قدرٌ وفطرة وحياة دائمة.

4086 مشاهدة
للأعلى للسفل
×