من أول من فتق لسانه بالعربية

كتابة:
من أول من فتق لسانه بالعربية

نشأة اللغة

قبل أن التطرق إلى هُويّة أوّل من فتق لسانه بالعربيّة يجب القول: كان لا بُدَّ للبشريّة منذ بدء الخليقة من وسيلةٍ للتّواصل، والتّعبير عن مكنونات النّفس الإنسانيّة، فكانت الّلغة، هذه التي عبّر عنها ابنُ جنّي بقوله: {الّلغة أصواتٌ يُعبّر بها كلّ قومٍ عن حاجاتهم}، فاستطاع الإنسان بهذه الّلغة أن يربط في ذهنه بين الأشياء التي يتعامل معها في حياته اليوميّة، وبين مُسمّيات لها تميّزها عن بعضها، وبدايةً، الّلغة مُختلفٌ فيها بين آراء عِدّة، منها أنّها توقيفٌ من الله؛ إذْ أوحى بها إلى آدمَ عليه السّلام ليعلّمها النّاسَ، أو أنّها قامت على التّواطؤ والاصطلاح بين البشر، أوعلى الاصطلاح والتّوقيف معًا، والعربيّة إحدى هذه الّلغات، فمَن حازَ قصبَ السّبْق بنطقها؟.[١]

أوّل من فتق لسانه بالعربيّة

لكلّ شيءٍ أوّل، فلا بُدّ للّغة من أوّلٍ نطق بها، وانتشرت من بعده، وستنتشر عبر مسارٍ تاريخي لا ينتهي إلّا بفناء أهلها، ولِقِدَم العهد ببدايتها نجد آراء عِدّة في هذه المسألة، لم يُجزَم بأنّ أحدها هو الحقيقة الثّابتة المُطْلَقة، لكنّها طُرحت ضمن سياقاتها على أنّها نتائج تقصّي هذه البداية التي هي موضوع البحث، ومنها: [٢]

  • أنّ أوّل من فتق لسانه بالعربيّة هو سيّدنا آدم عليه السّلام، كما جاء في تفسير القُرطبيّ قوله: {واختُلف فى أوَّل من تكلّم بالّلسان العربيّ، فرُويَ عن كعب الأحبار أنّ أوَّل من وضع الكتاب العربيَّ، والسُّريانيّ، والكتب كلّها، وتكلّم بالألسنة كلّها آدم عليه السّلام، وقاله غير كعب الأحبار}.
  • والقول الآخَر: {أول من تكلم بالعربية جبريل عليه السلام ، وهو الذى ألقاها على لسان نوح عليه السلام ، وألقاها نوح على لسان ابنه سام}.
  • وقيل إنّه رُوي عن النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: {أوّل من فتق لسانه بالعربيّة المُبينة إسماعيل وهو ابن عشر سنين}.
  • والأرجح هو القول بأنّ أوّل من فتق لسانه بالعربيّة هو آدم عليه السّلام، وذلك من باب أنّ القرآن الكريم يشهد له بذلك في قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[٣].

بالعودة إلى ما ذُكر من أنّ آدم عليه السّلام هو أوّل من فتق لسانه بالعربيّة، فقد فُسّر الأمرُ على أنّه تخصيصٌ للمسألة؛ بمعنى أنّه أوّل من تكلّم بالعربيّة من أبناء قبيلته، وجبريل عليه السّلام أوّل من نطق بالعربيّة من الملائكة، وألقاها على لسان نوح عليه السّلام. بذلك يخلُص القول إلى أنّ البدايات وأصول الأشياء مُختلفٌ فيها على الدّوام، لكنّه خلافٌ لا يُفسد وجودها، ولا استمراريّتها، والّلغة أشمل من أن يؤثّر على تاريخها هذا الخلاف، فأيًّا كان الذي نطق بها أوّلًا، فإنّها تبقى إرث البشريّة الأهمّ، ومُترجم أسرارها، وسبب انفتاحها على ما لم تكن لتفهمه عن الكون من دونها.

آدم عليه السّلام واللغة

إنّ آدم عليه السّلام كان يعلم أصول الّلغات، وجميع المُسمّيات، والأسماء التي تعلّمها هي لفظٌ عام لا خاص، ودليل على عِلْمه بها قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: {يَجْتَمِعُ المُؤْمِنُونَ يَومَ القِيامَةِ، فيَقولونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنا إلى رَبِّنا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فيَقولونَ: أنْتَ أبو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بيَدِهِ، وأَسْجَدَ لكَ مَلائِكَتَهُ، وعَلَّمَكَ أسْماءَ كُلِّ شيءٍ، فاشْفَعْ لنا عِنْدَ رَبِّكَ حتَّى يُرِيحَنا مِن مَكانِنا هذا}[٤]. ويمكن الاستدلال على أنّ الله تعالى علَّمَ آدمَ الأسماء كلّها على أنّ الّلغات -كما يرى الأصوليّون- توقيفيّة؛ علّمها الله لآدمَ وَحْيًا، وميّزه عن الملائكة بالعِلْم، وأنّها -كما يرى آخرون- اصطلاحيّة؛ بمعنى أنّ ما عَلِمَه آدم عليه السّلام من الأسماء قد يكون بلغةٍ واحدة هي بمنزلة الأُمّ للّغات الأُخرى.[٥]

المراجع

  1. "نشأة اللغة العربية وتطورها وثباتها أمام التحديات"، www.alukah.net. بتصرّف.
  2. "أوّل من فتق لسانه بالعربيّة."، http://www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019.
  3. سورة البقرة، آية: 31.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4476، صحيح.
  5. "اللغة التي كان يتحدثها آدم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.
2546 مشاهدة
للأعلى للسفل
×