من أي عمر يحاسب الإنسان

من أي عمر يحاسب الإنسان؟

يُحاسب الإنسان عند وصوله سنّ التكليف، وبالنّسبة للذّكر يكون بلوغه بالإنبات، أو الإنزال، وبالنّسبة للأنثى يحصل البلوغ بالحيض، وإن لم تظهر إحدى هذه العلامات فقد اعتمد أهل العلم تحديد سنّ البلوغ للإنسان بوصوله لسنّ الخامسة عشر من عمره.^[١]

فالإنسان قبل وصوله هذا السنّ أو ظهور إحدى العلامات عليه لا يكون مُكلّفا، ولا يُحكم على أعماله بالكراهة أو التحريم؛ ذلك أنّ الإنسان بغير ذلك لا يكون بالغاً، والبلوغ يُطلق على العمر الذي يصله الإنسان فتكون جميع تصرّفاته محسوبةً من أقوال وأفعال، وفي هذه المرحلة يُحكم على العقل بالنّضج والإدراك.^[٢]

ويُقصد بالإنبات؛ ظهور الشعر الخشن حول الفرج، وهي علامة مشتركة بين الذكر والأنثى، ويُعدّ الإنبات، والاحتلام، ووصول سنّ الخامسة عشر من العمر؛ علامات يشترك فيها الذكور والإناث والتي تدل على البلوغ، فأيّ إحداها ظهر أولاً كان علامةً على وصول الذكر أو الأنثى سنّ البلوغ،^[٣]

وتختّص الإناث بعلامات لا تتوافر في الذكر؛ وهي الحيض، والحبل.^[٤]

الدليل الشرعي على عدم محاسبة الإنسان قبل البلوغ؟

روت أمّ المؤمنين عائشة -رضيَ الله عنها- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (رُفِعَ القلَمُ عن ثَلاثٍ، عنِ النَّائمِ حتَّى يستَيقظَ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يَكْبرَ، وعنِ المَجنونِ حتَّى يعقلَ أو يُفيقَ)،^[٥][٦] والمُراد أنّ القلم لا يكتب ما ارتكبه الإنسان قبل وصوله سنّ البلوغ من المعاصي والذنوب.^[٧]

هل يؤجر الإنسان على الأعمال الصالحة قبل بلوغه؟

إنّ الله لا يأمر الإنسان قبل وصوله سنّ البلوغ بما يأمر عباده من المأمورات، ولا ينهاه عمّا نهى عباده من المنهيات، وبناءً على ذلك فلا يُطلق حكماً على أعمال الإنسان بالصّحة أو البطلان قبل وصوله هذا السنّ.^[٢]

أمّا ما ورد من أمر الصبي حين وصوله السابعة من عمره بالصّلاة؛ فذلك من باب التدرّب والتعوّد على أدائها والقيام بها، ثمّ إن من فضل الله -تبارك وتعالى- على الإنسان أن جعل قيام الإنسان بالطاعات والقربات قبل البلوغ من الأمور التي ينال بها الثواب والأجر من الله -سبحانه وتعالى- عليها.^[٢]

وقد أجمع العلماء على أنّ المسلم إن قام بأداء فريضة الحج فإنّها تصحّ منه وتُحسب في حقّه تطوّعا ولوليّه الأجر على ذلك، بدليل ما ثبت عن ابن عباس -رضيَ الله عنهما- قال: (رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، أَلِهذا حَجٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ)،^[٨][٩]

ولا تسقط فريضة الحجّ عنه بهذه الحالة، ويجب عليه القيام بها حين وصوله سنّ البلوغ؛ لأنّه قام بفعل ما لم يجب عليه كونه غير مكلّف، ولا يكفي ذلك عن الواجب بعد بلوغه؛ لما ثبت عن عبد الله ابن عباس -رضيَ الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إذا حجَّ الصَّبيُّ فهي له حجَّةٌ حتَّى يعقلَ، فإذا عقلَ فعليه حجَّةٌ أخرَى، وإذا حجَّ الأعرابيُّ فهي له حجَّةٌ، فإذا هاجرَ فعَلَيهِ حجَّةٌ أُخرَى).^[١٠][٩]

المراجع

1. ↑ عبد الكريم الخضير ، شرح بلوغ المرام، صفحة 28، جزء 84. بتصرّف.
2. ^ ^{أ ب ت} محمد صدقي آل بورنو (2003)، موسوعة القواعد الفقهية (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة، صفحة 1104، جزء 8. بتصرّف.
3. ↑ أحمد العمري (2004)، الورقات فيما يختلف فيه الرجال والنساء (الطبعة 35)، المدينة المنورة :الجامعة الإسلامية، صفحة 168. بتصرّف.
4. ↑ أحمد العمري (2004)، الورقات فيما يختلف فيه الرجال والنساء (الطبعة 35)، المدينة المنورة :الجامعة الإسلامية، صفحة 171. بتصرّف.
5. ↑ رواه الألباني ، في صحيح النسائي ، عن أم المؤمنين عائشة ، الصفحة أو الرقم:3432 ، صحيح .
6. ↑ حسن أبو الأشبال الزهيري ، شرح صحيح مسلم، صفحة 3، جزء 102. بتصرّف.
7. ↑ ابن خزيمة ، صحيح ابن خزيمة، بيروت :المكتب الإسلامي، صفحة 349، جزء 4. بتصرّف.
8. ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عباس ، الصفحة أو الرقم:1336، صحيح .
9. ^ ^{أ ب} مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت :دارالسلاسل ، صفحة 28، جزء 17. بتصرّف.
10. ↑ رواه الألباني ، في صحيح ابن خزيمة ، عن عبد الله بن عباس ، الصفحة أو الرقم:3050، إسناده صحيح .