محتويات
أول من قال الشعر
تعددت الروايات حول أول من قال الشعر، وأهمها ما يأتي:
الرواية الأولى: أول من قال الشعر هو سيدنا آدم
يُقال إنّ أول من قال الشعر على وجه الأرض كان سيدنا آدم -عليه السلام-، وقد قال الشعر راثيًا ابنه هابيل عندما قتله أخوه قابيل، فقال:[١]
تغيّرت البلاد ومن عليا
- فوجه الأرض مغبرّ قبيح
تغيّر كلّ ذي طعم ولون
- وقلّ بشاشة الوجه المليح
وجاورنا عدو ليس يفنى
- لعين لا يموت فنستريح
أهابيل إن قتلت فإن قلبي
- عليك اليوم مكتئب قريح
كما يُقال إنّ إبليس رد عليه قائلًا:[١]
تنحَّ عن الجنان وساكنيها
- ففي الفردوس ضاق بك الفسيحُ
وكنتَ بها وأهلك في رخاءٍ
- وهمُّكَ عن أذى الدنيا مريح
فما برحت مكابدتي ومكري
- إلى أن فاتك الثمنُ الرَّبِيْحُ
ولولا رحمةُ الرحمن أمسى
- بكفِّك من جنان الخلد ريحُ
الرواية الثانية: أول من قال الشعر من العرب
قيل إنّ يعرب بن قحطان، وهو من أبناء نوح -عليه السلام-، هو أول من قال الشعر العربي، ولكن لم تصل لنا أشعاره،[٢] وقد وُرد أيضًا أنّ من قديم الشعر العربي قول العنبر بن عمرو بن تميم، وقد رابه ريب أيّ أصابه شك، وهو مجاور في بهراء، فقال:[٣]
قَد رابَني مِن دَلوِيَ اِضطِرابُها
- وَالنَأيُ في بَهراءَ وَاِغتِرابُها
كما يُقال إنّ هناك رجل يُدعى مالك بن زيد مناة بن تميم، وكان يُعرف بأنّه يُورد الإبل ويرعاها، ولكن بعد أن تزوج النوار بنت جل بن عدي بن عبد مناة أوكل هذه المهمة إلى أخيه سعد، فرأته النوار ذات يوم خارج إلى سقاية الإبل، وكان مشتملًا ثوبه أيّ أنّ ثوبه يُغطي سائر جسده دون أن يرفق، فقالت له:[٣]
أَوردها سعد وسعد مشتمل
- ما هكذا تورد يا سعد الإبل
جدير بالذكر أنّ الشعر حظي عند العرب في الجاهلية بمكانة مرموقة وعالية لدرجة أنّ أشعارهم كانت هي أناجيلهم المقدسة، فقد سأل عمر بن الخطاب كعب الأحبار عما إذا كان قد وجد ذكرًا للشعر في الكتب المقدسة، فأجابه كعب أنّهم وجدوا ذكر أناس أناجيلهم في صدورهم لا تعلمهم إلا العرب، ويقصد بالأناجيل هُنا الأشعار، وإنّ الرواية هذه تتفق كثيرًا مع ما قيل من أنّ الشعر ديوان العرب.[٤]
إنّ الشعر يُعد أيضًا سجل العرب الخالد الذي يروي عاداتهم وتقاليدهم ومكارم أخلاقهم، ويحكي عنها ويحملها ويرسخها وينظر لها،[٥] إذ قال أبو تمام:[٦]
ولولا خلالٌ سنّها الشعر ما درى
- بغاة الندى من أين تؤتى المكارمُ
الرواية الثالثة: أول رواية لقصيدة كانت للمهلهل
رُوي عن الأصمعي قوله بأنّ أول رواية لقصيدة من ثلاثين بيتًا كانت للمهلهل، ومن بعده ذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم بن ضمر، أحد رجال بني كنانة، فهؤلاء من رأى الأصمعي أنّهم بدؤوا بسرد أبيات الشعر ونظم القصائد الطويلة.[٧]
الرواية الرابعة: من قديم الشعر ما ورد عن دُويد بن نهد القضاعي
قال ابن قتيبة: "لم يكن لأوائل الشعراء إلّا الأبيات القليلة يقولها الرجل عند حدوث الحاجة. فمن قديم الشعر قول دويد بن نهّد القضاعي:[٨]
اليوم يُبنى لدويد بيته
- لو كان للدهر بلى أبليته
أو كان قرني واحدًا كفيته
- يا رب نهبٍ صالح حويته".
المراجع
- ^ أ ب أبي زيد محمد بن أبي الخطاب، جمهرة أشعار العرب، صفحة 39-40. بتصرّف.
- ↑ عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري، دستور العلماء جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، صفحة 157. بتصرّف.
- ^ أ ب لابي عبد الله محمد بن سلام الجمحي، طبقات الشعراء، صفحة 52-53. بتصرّف.
- ↑ بتول أحمد جندية، تآزر الحضاري والجمالي في وظيفة الشعر العربي القديم ونظامه البنائي، صفحة 146- 147. بتصرّف.
- ↑ مفيد محمد قميحة، عبيد بن الأبرص الأسدي أخباره وأشعاره جزء 72 سلسلة أعلام الأدباء والشعراء، صفحة 16-17. بتصرّف.
- ↑ "ألم يأن أن تروى الظماء الحوائم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 10/10/2022.
- ↑ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الوسائل في مسامرة الأوائل ويليه كتاب الأوائل للطبراني، صفحة 108. بتصرّف.
- ↑ ابن قتيبة، كتاب الشعر والشعراء، صفحة 105. بتصرّف.