من هما الأخوان بربروسا

كتابة:
من هما الأخوان بربروسا

الدولة العثمانية

تعدُّ الدولة العثمانية أهمَّ الدول الإسلامية، كما أنّها أعظم إمبراطورية إسلامية على مرِّ العصور بلا منازع، أسسها عثمان بن أرطغرل الأول وسمِّيَت على اسمه في عام 1299م وقد استمرَّت لأكثر من 600 عام تقريبًا حتى نهايتها، فلم يُعلَن عن إلغائها إلا في عام 1923م بعد قيام الجمهورية التركية التي اعتُبرت الوريث الشرعي لها، ويعدُّ القرن السادس عشر والقرن السابع عشر مرحلة العصر الذهبي للدولة العثمانية، حيثُ بلغت الدولة في هذه الفترة أوجَ قوتها وذروة إزدهارها وتوسَّعت حتى استطاعت أن تشملَ مناطق شاسعة من قارات العالم القديم الثلاث في ذلك العصر، وكانت تتألف من 29 ولاية، كما قامت بفرض السيادة الاسمية على العديد من إمارات ودول أوروبا، وهذا المقال سيتحدث عن الأخوان بربروسا.[١]

من هما الأخوان بربروسا

الأخوان بربروسا هما الأخوان عروج بربروسا وخير الدين بربروسا التركيان الشهيران وهما اثنان من أشهر المجاهدين في القوات البحرية للدولة العثمانية، يرجع نسبهما إلى أصول تركية، فقد كان والدهما يعقوب آغا أحد فرسان الدولة العثمانية ومن بقايا مسلمي الأتراك الفاتحين الذين استقرَّوا في جزيرة ميديلي بعد أن فتحوها بقيادة السلطان محمد الفاتح، وأمهما كانت سيدة من مسلمات الأندلس وكان لها أثرًا كبيرًا في تركيز جهاد ولديها ونشاطهما نحو سواحل الأندلس، حيث كانت تعاني تحت ظلم وبطش الأسبان والبرتغاليين، وفيما يأتي سيتم التعرف على من هما الأخوان بربروسا:[٢]

عروج بربروسا

الأكبر بين الأخوين بربروسا هو القبطان عروج بن يعقوب أبي يوسف التركي أمير وقبطان مسلم له عدة ألقاب منها بابا عروج أو عروج ريس، ولدَ عروج في جزيرة ميديلي العثمانية في عام 1474م، وفي شبابه عمل في مجال التجارة بين أغريبوز وسلانيك، وتمَّ أسره من قبل فرسان جزيرة رودس لفترة من الزمن، لكنَّه استطاع الهرب والاتصال بالسلطان قانصوه الغوري أحد أمراءالمملوك لإنشاء إسطول بقيادته وقتال البرتغاليين في البحر المتوسط، لكنَّ هذا الأسطول ما لبثَ أن تعرَّض لهجمة كبيرة أنهته قبل أن يكتمل، تواصل بعدها عروج بربروسا مع الأمير كركود بن بايزيد العثماني الذي ساعده وقدم له سفينة ليتابع مسيرته، وعقد في تلك الفترة اتفاقًا مع السلطان الحفصي محمد المتوكل على بناء ميناء حلق الوادي في تونس مقابل أن يعطيه ثُمن مجموع الغنائم التي يحصل عليها، توفي عروج ريس في عام 1518م.[٣]

خير الدين بربروسا

يعدُّ الأمير خير الدين بربروسا باشا وهو الأخ الأصغر للقبطان عروج أحدَ الثنائي الذي اشتهر باسم الأخوين بربروسا، اسمه الأصلي خضر بن يعقوب أبي يوسف التركي واشتُهر باسم خضر ريس، ولقب ريس كان يطلق على القبطان في البحرية، كما لقِّب لاحقًا بخير الدين بربروسا، كما عُرف هو وأخوه عروج في أوروبا بلقب بربروسا وهو صاحب اللحية الحمراء أو الشقراء، كان قائدًا في القوات البحرية التركية، وواليًا على الجزائر، وقد حمل لقب أخيه بعد وفاته، ولدَ خير الدين بربروسا باشا في عام 1478م في جزيرة ميديلي، وقد كان مولعًا بركوب البحر مثل أخيه عروج منذ صغرهما، وكان يعمل مع أخيه في التجارة بين سلانيك وأغريبوز حيثُ يأتون بالبضائع إلى ميديلي ويبيعوها هناك، يعدُّ واحدًا من أهم وأشهر القادة للأساطيل العثمانية بل أهمهم وأشهرهم على الإطلاق، كان له ولدان يعتبران من أهم مساعديه في الجهاد البحري الذي خاضه وهما حسن الكبير وحسن الصغير، توفي في عام 1546م.[٤]

دور الأخوين بربروسا في التاريخ الإسلامي

لقد كان للأخوين بربروسا دور كبير في التاريخ الإسلامي، فقد عمل خير الدين إلى جانب أخيه عروج في الجهاد البحري في القرن السادس عشر للميلاد في البحر المتوسط على سواحل شمال أفريقيا وجنوب أوروبا، وكانت من أهم الخطوات التي مهدت لهما الطريق لخوض البحار الاتصال بالسلطان العثماني سليم الأول وإرسال هدايا له من أجل تمتين وتوثيق علاقاتهما بالدولة العثمانية آنذاك، وخلال المراحل الأخيرة من سقوط الأندلس توجَّه عروج وخير الدين بربروسا إلى أقصى الغرب من البحر المتوسط من أجل إنقاذ المسلمين في الأندلس، وفعلًا قاموا بعدد من الغزوات البحرية تمكنوا خلالها من إنقاذ آلاف المسلمين الموريسكيين الذي عانوا كثيرًا من اضطهاد الإسبان وبطش حملات محاكم التفتيش، فقد كانوا يحطُّون على سواحل المدن الأندلسية وبسرعة فائقة يبحثون في أقبية الكنائس لإخراج المسلمين السجناء تحت جنح الظلام مع مراعاة أوضاعهم الجسدية السيئة ثمَّ ينطلقون بهم إلى سواحل الجزائر من أجل تقديم العلاج المناسب لهم، وقد كرَّرا هذه العملية حتى بلغ عدد الذين أنقذوهم من قبضة بطش الإسبان وجحيم محاكم التفتيش أكثر من 70 ألف مسلم أندلسي، وقد ذاع سيط الأخوين بربروسا في أوروبا وزرعا الرعب في قلوب الأعداء وجيوش الصليبين الغزاة.[٥]

وبعد الغزوات على الأندلس أسس الأخوان بربروسا دولة ذات شأن في شمال أفريقيا عاصمتها مدينة الجزائر، كما حرَّرا عددًا من المدن على الساحل قريبًا من الجزائر مثل بجاية وتلمسان وقاما بضمها إلى دولتهما الحديثة، وخلال فترة قصيرة لاحقة قاما بضمِّها إلى الدولة العثمانية كإحدى ولاياتها، حيث تولَّى عروج منصب الحاكم ثمَّ خلفه أخاه خير الدين في عام 1518م، وفي عهده أصبحت ولاية عثمانية، فقام برسم شخصية الجزائر الحديثة، وسعى لتوحيدها وبنى فيها مع أخيه عروج أعظم أسطول بحري كان أهم مؤسسة في الجزائر لثلاثة قرون لاحقة، وتقلَّد خير الدين بالإضافة لذلك منصب قيادة جميع الأساطيل البحرية العثمانية في عام 1533م بأمر من السلطان سليمان القانوني، ويعود له الفضل في بسط سيطرة القوات العثمانية على مياه البحر الأبيض المتوسط لمدة لا تقل عن ثلث قرن من الزمن، وخصوصًا بعد الانتصار الساحق الذي حققه في معركة بروزة في عام 1538م التي هزمَ فيها التحالف العسكري الذي ضمَّ سبع دول أوروبية، ويعدُّ انتصاره على الإمبراطور الروماني والملك الإسباني من أهم الانتصارات أيضًا.[٦]

المراجع

  1. "الدولة العثمانية "، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-08. بتصرّف.
  2. "خير الدين بربروسا وأخوه عروج"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
  3. "عروج بربروس"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
  4. "خير الدين بربروس"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
  5. "عمالقة البحرية الإسلامية بربروسا"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
  6. "خير الدين بربروس"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
3180 مشاهدة
للأعلى للسفل
×