من هم أصحاب الأخدود

كتابة:
من هم أصحاب الأخدود

سورة البروج

سورة البروج من سور القرآن الكريم المكيّة، نزلت على الرسول -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة النبوية، وهي من السور القصيرة، وعدد آياتها اثنتان وعشرون آية، وترتيبها في المصحف الشريف السورة الخامسة والثمانون، وقد سميت سورة البروج بهذا الاسم لأن الله تعالى ابتدأ السورة بالقسم بالسماء ذات البروج في قوله تعالى: "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ" [١]، وتتحدث هذه السورة عن حقائق العقيدة الإسلامية، والتصور الإيماني، كما تذكر قصة أصحاب الأخدود، وفي هذا المقال سيتم ذكر قصة أصحاب الأخدود ومعرفة من هم أصحاب الأخدود.

من هم أصحاب الأخدود

أصحاب الأخدود هم كفار قاموا بمحاولة صرف المؤمنين عن دينهم، حيث كانوا ينكّلون فيهم ويُعذبونهم، وعملوا حفرة في الأرض على شكل أخدود، وأشعلوا النيران فيه، ثم وضعوا المؤمنين فيه، لكن المؤمنين صبروا على العذاب، حيث يقول الله تعالى في: "قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ‏" [٢]، وقد لعن الله تعالى الملك وحاشيته الذين هم أصحاب الأخدود بسبب فعلتهم هذه بالمؤمنين الذين تعذبوا بسبب إيمانهم بالله تعالى.[٣]

قصة أصحاب الأخدود

تبدأ قصة أصحاب الأخدود بالغلام الذي أرشده الله تعالى للإيمان والخير والثبات، واستطاع بفضل الله تعالى أن يزيل الملك الظالم المتجبر عن عرشه، خصوصًا أن هذا الملك ادّعى الألوهية، فقد كان للملك المتجبر ساحر، وكان الملك يعتمد على هذا الساحر في تثبيت ملكه وترهيب الناس، وعندما كبر الساحر في العمر، طلب من الملك أن يُحضر له غلامًا كي يعلمه السحر، ليكون خلفًا له في مهمته، لكن الله تعالى كتب الخير للغلام، وجعل في طريق ذهابه للساحر راهب مؤمن، فدعا هذا الراهب الغلام إلى الإيمان بوحدانية الله تعالى، وعلمه طريقة كي يتخلص من الساحر بها، حيث أجرى الله تعالى على يديه كرامات عدة مثل: إبراء الأكمه والأبرص وشفاء المرضى، واتخذ من هذه الكرامات وسيلة لنشر الدعوة، فوصل الخبر إلى الملك، حيث أخبره أحد المرضى الذين شفيوا على يديه عندما دعا له الغلام، فشعر الملك أن هذا الغلام يهدد ملكه، فتتبع أخبار الغلام والراهب حتى وصل إليهما، وقام بقتل الراهب فورًا، وأخذ بتعذيب الغلام وتخويفه وترهيبه كي يعود عن عودته، لكن الله تعالى كان في كل مرة ينجي الغلام من بطش الملك ويزيده إصرارًا على دعوته.

وعندما يئس الملك من صدّ الغلام عن دعوته قرر أن يقتله، لكن الغلام أخبر الملك أنه لن يستطيع قتله أبدًا إلا بطريقة واحدة يُحددها الغلام، والغلام لم يكن يريد الموت، لكنه كان يُريد أن يثبت للناس صدق دعوته وعجز الملك، كما أراد أن يُري الناس قدرة الله تعالى، فطلب الغلام من الملك أن يجمع الناس في صعيدٍ واحد، وأن يجهز خشبة كي يصلب الغلام عليها، ومن ثم يأخذ سهمًا ويريمي بها الغلام، بشرط أن يقول: "بسم الله رب الغلام"، ففعل الملك ما طلبه الغلام، فسقط الغلام ميتًا بعدما أصابه السهم، وبعدها ردد الناس جميعًا: "آمنا برب الغلام"، وبعد أن رأى الملك يرددون هذا جنّ جنونه، فحفر أخدودًا وأشعل فيه النيران، ووضع فيه كل من أصرّ على الإيمان بالله تعالى، فلم يأبه الناس بهذا العذاب وضحوا بأرواحهم في سبيل الله تعالى.

وقد حدثت في ذلك اليوم كرامة من الكرامات، حيث إنّ طفلًا رضيعًا نطق ومنع أمه من التقاعس، وأمرها بأن تذهب للأخدود بكل ثبات لأنها على الحق، وفي هذا إشارة عظيمة على ضرورة الثبات على الحق وعدم التقاعس عن التضحية في سبيل الله مهما كانت الظروف، لأن الله تعالى أرحم بعباده من أنفسهم، وأرحم بالطفل الرضيع من أمه.[٤]

مضامين قصة أصحاب الأخدود

تتضمن قصة أصحاب الأخدود الكثير من العبر والمواعظ، التي تُشكل درسًا إيمانيًا مهما، وقد ذكر الله تعالى قصتهم لأجل أن يفهم الناس هذه العبرة ويأخذوا منها الحكمة والثبات على دعوة الله تعالى، وقد تضمن قصة أصحاب الأخدود ما يأتي: [٥]

  • إشارة إلى أن الله تعالى عندما يُسلط أعداءه على أوليائه فهذا يكون لحكمة عظيمة، تمامًا كما حصل في قصة الملك وأصحاب الأخدود، حين سلط الملك المتجبر عليهم وأحرقهم في النار بسبب إيمانهم بالله تعالى، وذلك لقوله تعالى: "ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ"[٦].
  • بيان أن النار هي أعظم عذابٍ يمكن أن يقع على البشر، لذلك جعلها الله تعالى عذاب الكفار، وحرّم الله تعالى التعذيب بالنار، فلا يعذب بها إلا الله وحده، ولا يجوز بأي حالٍ من الأحوال أن يعذب البشر بعضهم بالنار.
  • بيان أن أكثر الناس بلاءً هم الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وليس غريبًا أن الأنبياء قد تعرضوا للقتل على يد اليهود، وكذلك الأولياء، لهذا فإن البلاء الذي تعرض له أصحاب الأخدود ليس إشارة على انتصار الشر على الخير، بل لأن الله تعالى يُريد أن يبين حكمة عظيمة، وهي أن المؤمنين يصبرون على البلاء ويثبتون على دين الحق مهما تعرضوا للعذاب والتنكيل.
  • بيان حلم الله تعالى بعباده، وكيف أنه يمنحهم فرصة للتوبة والتوحيد على الرغم من أنهم قتلوا أنبياءه وأولياءه وأحرقوا أصحاب الأخدود بالنار، لأن الله تعالى غفور رحيم بعباده.

المراجع

  1. {البروج: آية 1}
  2. {‏البروج‏:‏ آية 4-‏7}
  3. أصحاب الأخدود.. تاريخ يتجدد, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 18-11-2018، بتصرّف.
  4. رؤى في أحاديث القصص 2 - قصة أصحاب الأخدود, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 18-11-2018، بتصرّف.
  5. أصحاب الأخدود, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 18-11-2018، بتصرّف.
  6. {محمد: آية 4}
4332 مشاهدة
للأعلى للسفل
×