من هم أنبياء الله
إنّ عدد أنبياء الله عظيمٌ جداً، ومنهم من ذُكر في القرآن الكريم ومنهم من لم يُذكر فيه، وفيما يأتي بيان ذلك:
- الأنبياء والرُّسل الذين تم ذِكرُهُم في القُرآن الكريم: يبلُغ عددُ الأنبياء والرسل الذين ذُكروا في القرآن الكريم خمسةً وعِشرين نبيّ ورسول، وهم: آدم أبو البشر، ونوح، وإدريس، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويوسُف، ولوط، وهود، وصالح، وشُعيب، وموسى، وهارون، وداود، وسُليمان، وأيوب، وذُو الكِفِل، ويُونُس، وإلياس، واليَسع، وزكريّا، ويَحيى، وعيسى، ومُحمّد -عليهم الصلاة والسلام-.[١]
- تعريف النبيّ والرسول: يُعرّف النبيّ: بأنّه من يُوحى إليه بِشرعٍ، ولكنّه لم يُؤمر بتبليغه، وأمّا الرُّسول: فهو الذي أُوحيَ إليه بشرعٍ وأُمِرَ بِتبليغه، فيكون النبيّ غيرُ مأمورٍ بالتَّبليغ، وأمّا الرسول فهو المأمور بالتبليغ،[٢] كما أنَّ النبيّ يُبعث إلى قومٍ مؤمنين؛ ليُبيّن لهم معنىً مُعيّناً، ويكونُ مُتمِّمَاً لشريعة مَنْ قَبله من الأنبياء، كنبيِّ الله عيسى -عليه السلام-، وأمّا الرسول فيُرسل إلى قومٍ غير مؤمنين، ويُوحى إليه بشريعةٍ جديدة،[٣]
- عدد الأنبياء والرّسل: ورد أنَّ عدد الأنبياء مئة ألفٍ وأربعةٌ وعِشرون ألفاً، وثلاثُ مئةٍ وخمسة عشر رسولاً، واستدلّ العلماء بحديثٍ ضعيفٍ في ذلك، وهو عندما سأل أبو ذرٍ -رضي الله عنه- النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عدد الأنبياء، فقال له: (مئةُ ألفٍ وأربعٌ وعشرون ألفًا فقال كمِ المرسلون منهم قال ثلاثمئةٍ وخمسة عشرَ جمًّا غفيرًا)،[٤][٥]
خصائص الأنبياء
إنَّ للأنبياء والرُّسل العديد من الخصائص والصفات، وأهمّها ما يأتي:[٦][٧]
- رِجالٌ من البَشر، اختارهم الله -تعالى- من بين البشر، وفضّلهم بالنّبوة والرِّسالة، وأيّدهم بِالمُعجزات، وأمرهم بتبليغ دعوته للناس؛ لِعبادة الله -تعالى-، وترك عبادة ما سواه، وجاءت الكثير من الأدلّة التي تُبيّن ذلك، كقول الله -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).[٨]
- دعوة جميع الأنبياء واحدة، وهي التوحيد ونَبْذ الشِّرك، و لِكُلِّ واحدٍ منهم شريعةٌ خاصةٌ به، تتناسب مع أحوال قومه، لقوله -تعالى-: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا).[٩]
- الأنبياءِ جميعهم عِبادٌ لله -تعالى-، ويُعَدُّ مقام العُبوديّة من أعلى المقامات، فقال الله -تعالى- عن نبيه مُحمّد -عليه الصلاة والسلام-: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا).[١٠]
- الأنبياءِ جميعهم مِنَ البَشر؛ حيث يأكلون، ويشربون، وينامون، ويمرضون، ولا يملكون صفات الألوهيّة أو الرُبوبيّة، فقد جاء في القُرآن على لسان النبي مُحمّد -عليه الصلاة والسلام-: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)،[١١] ولكنّ الله -تعالى- اصطفاهم بالوحي والرسالة، لقول الله -تعالى-: (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ).[١٢]
- العِصمة فيما يُبلّغونه للناس، فلا يُخطئون فيما يُبلّغونه عن ربِّهم من العقيدة والأحكام، كما أنَّهم لا يورثون، لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ).[١٣]
- تنامُ أعيُنهم ولا تنامُ قُلوبهم، لقول أنس -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: (نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ ولَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وكَذلكَ الأنْبِيَاءُ تَنَامُ أعْيُنُهُمْ ولَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ)،[١٤] ويُخيّرون عند الموت بين الدُنيا والآخرة، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِن نَبِيٍّ يَمْرَضُ إلَّا خُيِّرَ بيْنَ الدُّنْيَا والآخِرَةِ).[١٥]
- يُقبرون حيث يموتون، وهم أحياءٌ في قُبورِهم يُصلّون، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَرَرْتُ، علَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي عِنْدَ الكَثِيبِ الأحْمَرِ، وَهو قَائِمٌ يُصَلِّي في قَبْرِهِ)،[١٦] بالإضافة إلى حُرمة الزَّواج بزوجِاتهِم من بعدهم، لقول الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا).[١٧]
الحكمة من بعث الأنبياء
بعث الله -تعالى- الأنبياء للعديد مِنَ الحِكَم، ومنها ما يأتي:[١٨][١٩]
- دعوة الناس إلى التوحيد، والبُعد عن الشِرك، لقول الله -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).[٨]
- بيانُ الطريقُ المُستقيمِ الموصلِ إلى الله -تعالى-، لقول الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).[٢٠]
- توضيحٌ للناس عن أحوالهم يومَ القيامة، وأنّ للمؤمن المغفرة والجنَّة، ولِلكافر النّار.
- إقامّة الحُجّة على البشر، لقول الله -تعالى-: (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)،[٢١] بالإضافة إلى الرَّحمة بِهِم، لقول الله -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).[٢٢]
- تبليغُ الناس ما يُحبُّه الله -تعالى-، وما يُغضبه، وإخراجُ الناس من العُبوديّة لغير الله -تعالى- إلى عبادته وحده، وتوضيحٌ للناس عن الغاية من خلقهم، وهي العِبادة وعمارة الأرض.
- بيانٌ للناس عن الأُمور الغيبيّة التي لا يُمكنُ إدراكُها بِالعقل؛ كمعرفة الله -تعالى-، وأسمائه، وصِفاته، والملائكة، والجنّة، والنار، وغير ذلك من أمور الغيب.
- القُدوة الحَسنة للنِّاس؛ فقد عَصمهم الله -تعالى- من الشُبهات والشَّهوات، واتّصفوا جميعاً بالأخلاق الفاضلة.
المراجع
- ↑ جلال الدين السيوطي (1974)، الإتقان في علوم القرآن، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، صفحة 67-77، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ مركز قطر للتعريف بالإسلام وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، التعريف بالإسلام، قطر، صفحة 134. بتصرّف.
- ↑ حمود بن محمد عبد المنعم بن عبد السلام بن محمد العبد (2001)، الروضة الندية شرح متن الجزرية (الطبعة الأولى)، القاهرة: المكتبة الأزهرية للتراث، صفحة 10، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الزيلعي، في تخريج الكشاف، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 2/391، فيه معان بن رفاعة وعلي بن يزيد والقاسم بن عبد الرحمن ثلاثتهم ضعفاء.
- ↑ لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1273، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 78-81. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 192-194، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة النحل، آية: 36.
- ↑ سورة المائدة، آية: 48.
- ↑ سورة الفرقان، آية: 1.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 188.
- ↑ سورة الحج، آية: 75.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1761، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3750، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4586، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2375، صحيح.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 53.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 78. بتصرّف.
- ↑ ابن تيمية (2000)، النبوات (الطبعة الأولى)، الرياض: أضواء السلف، صفحة 22-24، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الجمعة، آية: 2.
- ↑ سورة النساء، آية: 165.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 107.