محتويات
الفرق والطوائف الإسلامية
بعث الله تعالى نبيّه محمد -عليه الصلاة والسلام- بدين الإسلام وهو الدين الحق الذي فرضه الله على بني آدم إلى يوم يبعثون، وقد اهتمّ الرسول الكريم بتعليم المسلمين أمور دينهم كافّةً وشرحها وتبسيطها وألزمهم باتباع تعاليم هذا الدين كما هو دون زيادةٍ أو نقصان، ولكن وبعد وفاة رسول الله دخلت الفتن بين صفوف المسلمين وبدأت الفرق الإسلامية بالظهور، ومن بين تلك الفرق كانت السنة والجماعة وكذلك الشيعة والإسماعيلية والرافضة والزنادقة والعلوية والدرزية وغيرها الكثير، ولكلّ فرقةٍ من هذه الفرق والطوائف شريعتها المستقلة ومعتقداتها ومبادئها، وقد يتبادر للذهن سؤال من هم الدروز؟ والذي سيجيب عنه هذا المقال مع بيان موقف الإسلام من الطائفة الدرزية.[١]
الفرق بين الطائفة والمذهب
قبل بدء الإجابة عن سؤال من هم الدروز لا بدّ من التمييز بين الطائفة والمذهب، حيث إنّ هنالك فرقًا شاسعًا بين كلّ منهما، فالطائفة هي فرعٌ من الأمّة أو الدين أيّ أنّها تتبع القواعد والمعتقدات الأساسية التي يأتي بها الدين الذي تفرعت منه لكنّها تتميّز بمنهجٍ خاص يختلف عن منهج الفرق الأخرى، وقد حذّر الرسول الكريم من تفرق الأمة الإسلامية إلى هذه الطوائف كما تفرقت من قبل الأمة اليهودية والمسيحية، فقد جاء في نصّ الحديث الشريف أنّ النبي الكريم قال: "افترَقَتِ اليهودُ على إحدى أو اثنَتَينِ وسَبعينَ فِرْقةً، وتفرَّقتِ النَّصارى على إحدى أو اثنَتَينِ وسَبعينَ فِرْقةً، وتَفترِقُ أُمَّتي على ثلاثٍ وسَبعينَ فِرْقةً، كُلُّها في النَّارِ إلَّا واحدةً، وهي الجماعةُ"،[٢]وقد أجمع أهل العلم أنّ الطائفة الناجية هي أهل السنة والجماعة لأنّها الطائفة الوحيدة التي تتبع تعاليم الإسلام دون تحريفٍ أو إضافات.[٣]
أمّا المذاهب فهي الآراء والأفكار المستنبطة مما جاء في القرآن الكريم وسنة رسول الله لتوضّح لعموم المسلمين المسائل الفقهية والأمور التي يقع عليها الخلاف والتي قد تكون غير مفهومةٍ للبعض، وهذه المذاهب رغم الاختلاف البسيط بينها إلّا أنّها كلها تنحدر عن أهل السنة والجماعة، وقد أجمع أهل العلم بأنّ هذه المذاهب قد تختلف فيما بينها في أمورٍ بسيطة إلّا أنّها في جوهرها تتبع أمر الله تعالى وسنّة نبيه، فمؤسسو هذه المذاهب هم من كبار العلماء والفقهاء الإسلاميين وهم أشخاص عرفوا بالعلم والفضل والورع والدين، وهذه المذاهب هي أربعة وهي: "الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية"، وكان اسم كلّ مذهبٍ نسبةً لمؤسسه من علماء المسلمين.[٤]
من هم الدروز
نظرًا لتعدد الطوائف والفرق الإسلامية قد يختلط على البعض معرفة ما إذا كانت هذه الفرق على صوابٍ أم لا، ولمعرفة ذلك لا بدّ من الاستفسار ومعرفة كلّ طائفةٍ ومعتقداتها، ومن هنا ينطلق سؤال من هم الدروز، والذي ستكون الإجابة عنه بالتفصيل فيما يأتي:[٥]
الدروز
هم المنتسبون إلى الطائفة الدرزية التي نشأت في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله أبو علي المنصور بن العزيز بالله الفاطمي، وقد أسس الدروز المذهب الدرزي بناءً على تعاليم الطائفة الإسماعيلية، ثمّ أضافوا عليه وأسسوا بذلك مذهبهم الخاص، ظهر الدروز أول مرّةٍ في مصر في فترة حكم الفاطميين، لكن سرعان ما انتقلوا إلى بلاد الشام واستقروا فيها، وكان أول من أسس مذهب الدروز هو حمزة بن علي الزوزني ومحمد بن إسماعيل الدرزي -المشهور بنشكتين- والذي يعود سبب تسمية الدروز نسبة له.[٥]
معتقدات الدروز
لا بدّ أثناء الإجابة على سؤال من هم الدروز التعرف على عقيدتهم، حيث يظهر على الدروز في الغالب الطابع الإسلامي، إلّا أن عقيدتهم لا تمتّ إلى الإسلام بصلة، بل هي خليطٌ من معتقداتٍ وأفكار وأديان مختلفة، فمن معتقدات الدروز ما يأتي:[٥]
- لعلّ أهم وأبرز معتقداتهم بأنّهم يؤمنون بألوهية الخليفة الحاكم بأمر الله وأنّه بالرغم من موته إلّا أنّه سيرجع.
- ينكر الدروز وجود الأنبياء والرسل جميعًا بل ويطلقون عليهم لقب "الأبالسة"، كما يُهينون الصحابة ويقولون فيهم أمورًا فاحشة.
- يعتقد الدروز بأنّ المسيح هو مؤسس مذهبهم وداعيتهم حمزة الزوزني.
- يحقد الدروز على أهل الأديان الأخرى ويبغضونهم بالأخص المسلمين، فهم يستبيحون دماءهم وأموالهم وأعراضهم.
- يؤمن الدروز بأنّ مذهبهم وعقيدتهم نسخت كلّ ما أتى قبلهم من الديانات، وهم بذلك ينكرون كلّ تعاليم الإسلام وتشريعاته.
- يؤمنون بفكرة تناسخ الأرواح والمقصود بها أنّ الشخص بعد موته تنتقل روحه إلى شخص آخر، ويكون انتقالها بناءً على عمل الإنسان قبل موته، فإمّا أن تنتقل إلى شخص أسعد وبذلك يكون ثوابًا لصاحبها السابق وإمّا أن تنتقل لشخصٍ أشقى فيكون عقابًا.
- ينكر الدروز وجود الجنّة والنار وقضية البعث بعد الموت، كما أنّهم ينكرون القرآن الكريم ويعتقدون أنّه من صنع سلمان الفارسي.
- للدروز مصحفٌ خاصٌ بهم يطلقون عليه اسم "المنفرد بذاته"، كما أنّ الشخص لا يكون درزيًّا إلى إذا كتب أو قرأ الميثاق الخاص.
- ينسبون عقائدهم إلى العصور القديمة كالفراعنة والهنود القدماء، كما أنّ كبار مفكريهم المعاصرين يحجّون إلى الهند بزعم أنّ عقيدتهم نابعةٌ من حكمة الهنود القدماء.
- يعتقد الدروز أنّ يوم القيامة هو عودة الحاكم بأمر الله الذي سينصرهم ويقودهم إلى هدم الكعبة ودحر المسلمين وباقي الأديان، وبهذا تكون السيطرة والهيمنة لهم وحدهم إلى الأبد.
- من أغرب معتقداتهم أنّ الحاكم بأمر الله أرسل إليهم خمسة أنبياء وهم حمزة وإسماعيل ومحمد الكلمة وأبو الخير وبهاء.
- لا يتلقى الدرزيّ تعاليم دينه إلّا بعد بلوغه سن الأربعين وهو سنّ العقل بالنسبة لهم.
- يُقسم المجتمع الدرزي من الناحية الدينية إلى قسمين رئيسين وهما:
- الروحانيون: وهم الفئة المتدينة التي بيدها أسرار الدين الدرزي ويُقسمون بدورهم إلى رؤساء وعقلاء وأجاويد.
- الجثمانيون: وهم عامة الشعب الدرزي وهم من ليس له علاقةٌ بالدين بل تشغلهم الأمور الدنيوية فحسب، فهم لا يعلمون من معتقدات الدروز إلّا رؤوس الأقلام ويُقسمون أيضًا إلى أمراء وجُهّال.
عادات وتقاليد الدروز
حتى تكتمل الإجابة عن سؤال من هم الدروز يجب ذكر بعض عاداتهم وتقاليدهم، حيث يختصّ الدروز بمجموعةٍ من العادات والتقاليد تكاد تكون بمثابة شرائع يقتدون بها، ومن أهمها ما يأتي:[٥]
- يمنع عند الدروز الزواج بأحدٍ من خارج ملّتهم أو طائفتهم.
- يمنع في المجتمع الدرزي تعدد الزوجات أو إرجاع المطلّقة.
- الإناث الدرزيات محروماتٌ من الميراث.
- لا يعتقدون بحرمة الأخ أو الأخت من الرضاعة.
- يمنع خروج أحدٍ من الدين الرزي كما لا يقبل الدروز أحدًا في دينهم لم يكن درزيًّا في الأصل.
توزع الدروز في العالم
يتوزع الدروز جغرافيّا بشكلٍ رئيسيّ في لبنان وسوريا وفلسطين، فهم في لبنان يمتلكون سلطةً وقوّةً في مجتمعهم تحت زعامة رائدهم المعاصر وليد جنبلاط، وفي سوريا يتمركزون في جنوب سوريا في منطقة جبل العرب، أمّا في فلسطين فنسبةٌ كبيرةٌ منهم تحمل الجنسية الإسرائيلية ويتجندون في صفوف جيشهم، أمّا في الغرب فإنّ للدروز جاليةً في البرازيل واستراليا ولكن بنسبة تقلّ كثيرًا عن تواجدهم في بلاد الشام، وحتى في سوريا ولبنان وفلسطين يُعتبر الدروز من الأقليّات في مجتمعهم ولعلّ هذا هو السبب الأكبر وراء تخفّي الدروز وظهورهم بطابعٍ إسلاميّ لحماية أنفسهم في مجتمعاتهم.[٥]
موقف الإسلام من الدروز
يتبيّن مما جاء في الإجابة عن سؤال من هم الدروز أنّهم لا يؤمنون لا بالأنبياء ولا الرسل ولا الكتاب ولا تعاليم الإسلام ولا فرائضه، كما أنّهم ينكرون حقيقة اليوم الآخر ويعبدون الحاكم بأمر الله ويألهونه، فهم بالنسبة للمسلمين كفّارٌ، وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن أمر الحكم على الدروز فقال: "هؤلاء الدرزية والنصيرية كفار باتفاق المسلمين، لا يحل أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم، بل ولا يُقَرون بالجزية، فإنهم مرتدون عن دين الإسلام ليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى، لا يقرون بوجوب الصلوات الخمس ولا وجوب صوم رمضان ووجوب الحج، ولا تحريم ما حرم الله ورسوله من الميتة والخمر وغيرهما وإن أظهروا الشهادتين مع هذه العقائد، فهم كفار باتفاق المسلمين"، والله تعالى أعلم.[٦]
المراجع
- ↑ "طوائف إسلامية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 09-08-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج سنن أبي داود ، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 7/5 ، صحيح .
- ↑ "ما الفرق بين الملة والطائفة والفرقة والنِّحلة والشريعة؟"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-08-2019. بتصرّف.
- ↑ "تعريف بمذاهب أهل السنة الفقهية الأربعة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج "الدروز"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-08-2019. بتصرّف.
- ↑ "آراء العلماء في الدروز "، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-08-2019. بتصرّف.