من هن سيدات أهل الجنة

كتابة:
من هن سيدات أهل الجنة

من هن سيدات أهل الجنة

سيّدات أهل الجنة هنّ: مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وآسيا زوجة فرعون، وفاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد ثبت ذلك بنصٍّ صحيحٍ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، حيث قال: (حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ، وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ، وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ، وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ)،[١] وفيما يأتي في المقال ذكرهنّ وبيان أهمّ فضائلهنّ.


مريم ابنة عمران

هي مريم ابنةُ عِمرانَ المُلقّبةُ بمريمِ العذراء -عليها السلام-، خيرُ نساءِ الدّنيا، وهي التي حَمَلت وأنجبت المسيحَ عيسى -عليهِ السلام-، وواجهت في مسيرتها صعوباتٌ ومعجزاتٌ أنزَلَتها مكانةً عاليةً عندَ الله -سبحانهُ وتعالى-، ونذكُرُ من فضائِلها ما يأتي:

  • معيّةُ اللهُ -عز وجل- التي حفّتها مُنذُ ولادتها: وقد وردت قِصةُ ولادةِ سيدتنا مريم -عليها السّلام- في القرآنِ الكريم في سورة آل عمران، إذ قال -تعالى-: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ* فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا)،[٢] إذ ابتَدَأتِ القصةُ بنذرٍ ثمّ قبولٍ من عند الله -عز وجل- فأنبتها نباتاً حسناً.[٣]
  • اصطِفاءُ اللهُ -عز وجل- لمريم -عليها السّلام- لتحملَ بنبيّه عيسى -عليه السلام- بلا أب: قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)،[٤] فاللهُ -عز وجل- أنزلَ براءتها وطهارتها من الزّنا رغم حملها؛ تشريفاً لها وحجّةً على كل من يدّعي غيرّ ذلك.[٥]
  • ورودُ ثناءُ الله -عز وجل- عليها في القرآنِ الكريم: إذ قالَ اللهُ -تعالى- في سورة المائدة: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)،[٦] وهذا وصفٌ عظيمٌ نالتهُ سيدتنا مريم -عليها السّلام- ولا أعلى منه مقاماً سِوا مقامُ النّبوة، وليست هي بنبيّة ولكنّها صدّيقة، وسيأتي بيانُ ذلكَ في المبحثِ الأخيرِ،[٧] كما امتدحَ الله -عز وجل- عِفّتها في موضِعٍ آخر منَ القرآنِ الكريم، حيثُ قال -سبحانه-: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ).[٨][٩]
  • ورودُ التأكيد على مكانتها في الجنّة في السّنّةِ النّبويةِ الشريفة: إذ يروي أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ، وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ، وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ، وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ)،[١] كما أوردَ البخاري في صحيحه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ نِسائِها مَرْيَمُ، وخَيْرُ نِسائِها خَدِيجَةُ).[١٠]


آسية زوجة فرعون

هي آسية بنتُ مزاحم زوجةُ طاغي الطُّغاة فرعون،[١١] كفرتَ بِه لمّا تبينَ لها الحقُ، وعاندته وثبتت على الإيمان بالله -عز وجل- بالرّغمِ من عذابِ فرعونَ لها، وقدْ ضَرَبَ اللهُ -عز وجل- لنا بها مثلاً؛ ليعتبرَ المؤمنونَ بقصّتها وقوةِ إيمانها، إذ قال -تعالى-: (وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)،[١٢][١٣] ونذكُرُ مِن فضائلها ما يأتي:

  • عزوف آسية زوجةُ فرعون عن الدُّنيا وما فيها: إنّ آسية كزوجةٍ لحاكم مِصر، كانت قد تجلّتِ الدنيا تحت أقدامها؛ جاهٌ، وسلطانٌ، وقصورٌ، وخدمٌ، وحشمٌ، وأكل، لكنّها تخلّت عن ذلك كلّهُ لمّا جاءَ الحقُ على لسانِ موسى -عليه السّلام-.[١٤]
  • تفضيلُها أن يكونَ لها بيتٌ في الجنّة على قصورِ فرعون: إذ تضمّنَ دُعاءُ آسية لله -عز وجل- أن يبني لها بيتاً عنده، قال -تعالى-: (إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ)،[١٢] ولعلها قَصَدَت مِن هذا الدّعاءِ طلبَ جِواره -عز وجل-، ولعلها قَصَدَت معنىً من معاني البيتِ من توفيرِ الأمن، والأمانِ، والطّمأنينة.[١٤]
  • أخذُها بالعزيمةِ ضدّ فرعون: إذ اختارت آسية أن تكْفُرَ بفرعونَ وحيدةً شامخةً وهي في ظلّه، وإن كانت لَتَقدِرُ على كتمانِ إيمانها لتدرأَ عن نفسِها العذاب، ولكنّها أبت إلّا أن تَقِفَ في وجهه حتّى وافتها المنيةَ على يديه ظُلماً؛ إذ يُروى أنّ فرعونَ كانَ قد أمرَ الجنودَ بِها، فقيّدَوا أيديها وأقدامها، ومكثَت في الشّمسِ الحارقة حتّى أمرَ بإلقاء صخرةٍ كبيرةٍ عليها، ويُذكَرُ أنّها دَعَتِ الله -عز وجل- أن يبني لها بيتاً عنده في حينها، فتوفّاها قَبل أن تصلَ إليها الصّخرة ببرهة،[١١] وإنّ وَقْفتها هذه جعلت مِنها مِثالاً للإخلاصِ والتّجرّدِ لله -عز وجل- فاستحقت أن يُشرّفها الله -عز وجل- بذكرِها في كتابه الكريم.[١٤]


خديجة بنت خويلد

هي خديجة بنتُ خُويلِد بِن أسد بن عبد العزى بِن قُصي بِن كُلاب -رضي الله عنها-، تُكنّى بأمّ القاسِم وتنتمي لقبيلة قُريش، وهي زوجةُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأولى وأُمّ بناته، وتُعدُّ أولَ امرأةٍ آمنت بدينِ الله -عز وجل- بل وأولُ مَن آمنَ على الإطلاق، إذ هرعَ إليها رسول -صلى الله عليه وسلم- فَوْرَ نزوله من الجبلِ حين جاءهُ الوحي أولَ مرة، فصدّقَتهُ وشدّت من عزيمته ووقفت بجانبه،[١٥] وفضائلِها كثيرة نذكُرُ منها ما يأتي:

  • مُسارعةُ خديجة -رضي الله عنها- للإيمان: إنّ خديجة -رضي الله عنها- سارعت إلى الإيمان وإلى دعمها لزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووقوفها بجانبه في أحلك الأوقات التي تزامنت مع بدايةِ الدّعوة إلى الله -عز وجل-، فكانت بذلكَ من أكملِ نِساءِ الدّنيا على الإطلاق، وقد أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّها من أهل الجنّة فقال: (حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ، وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ، وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ، وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ)،[١] وقال أيضاً: (خَيْرُ نِسائِها مَرْيَمُ، وخَيْرُ نِسائِها خَدِيجَةُ).[١٠][١٦]
  • تفضيلُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لها على سائرِ نسائه: كانت خديجة -رضي الله عنها- إنسانةً رزينةً، ديّنةً، كريمةً، وكانَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُحبّها حُبّاً جمّاً، وكانَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُكثِرُ من ذِكرِها بعد وفاتها، حتّى كنّ زوجاته يَغَرن منها وهي تحتَ التُّراب، ومِن أكثرهنّ غيرةً كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، إذ قالت فيها ذاتَ مرة: (ما غِرْتُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى امْرَأَةٍ مِن نِسَائِهِ، ما غِرْتُ علَى خَدِيجَةَ لِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ إيَّاهَا وَما رَأَيْتُهَا قَطُّ).[١٧][١٦]
  • لم يتزوّج عليها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: لم يتزوّج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على خديجة -رضي الله عليها- في حياتها، وكانَ قد تزوّجها وهو ابن خمسٍ وعشرين، بينما كانت تكبُرُهُ بخمسةَ عشر سنة على الصحيحِ من الآراء.[١٦]
  • بُشِّرَت بالجنّة على لسانِ جبريل -عليه السلام-: إذ أخرج البُخاري في صحيحه ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: (أَتَى جِبْرِيلُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ: هذِه خَدِيجَةُ قدْ أتَتْ معهَا إنَاءٌ فيه إدَامٌ، أوْ طَعَامٌ أوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هي أتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا ومِنِّي وبَشِّرْهَا ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ لا صَخَبَ فِيهِ، ولَا نَصَبَ).[١٨][١٩]
  • دعمها ومواساتها لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: كانت خديجة -رضي الله عنها- ذات مالٍ وتجارة، وكان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُتاجِرُ لها، فلمّا بُعثَ كانت له خير سندٍ من شتّى النواحي، إذ دعمتهُ بمالها، وأخذتهُ عندَ قريبها ورقة بن نوفل ليثبّته ويفسِّرَ لهُ ما رأى، كما واسته نفسياً إذ صدّقته دونَ تردّد، ولم تشكَّ قطّ أنّ ما رآه في الغارِ كانَ حقاً، إذ قالت له وهي تُثبّته: (واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ).[٢٠][١٩]
  • في وفاتها -رضي الله عنها-: تُوفّيت خديجة -رضي الله عنها- عن عُمرٍ يناهزُ الخامسة والستين، ويُقالُ إنّها تُوفيت قبل حادثةِ الإسراءِ والمعراج حين فرضتِ الصّلاة، ويُقالُ أيضاً إنّها تُوفّيت في شهر رمضان ودُفنت في جبلٍ من جبالِ مكّة حيث كانت مدافِنُ أهلها.[١٦]


فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم

هي أصغرُ بناتُ رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- من زوجتهِ الأولى خديجة -رضي الله عنها-، والمُلقّبة بفاطمة الزّهراء، وُلِدتَ قبلَ البِعثة في مكة، وتزوّجت من علي -رضي الله عنه- في السّنة الثّانية للهجرة، وكانت مُقرّبةً جداً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ كانت من أحبِّ النّاسِ إليه،[٢١] ونذكرُ من فضائلها ما يأتي:

  • أحبّها رسول الله -صلى الله عليه وسلم حُبّاً جمّاً: يروي الإمامُ البُخاريُ في صحيحه أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فمَن أغْضَبَها أغْضَبَنِي).[٢٢][٢٣]
  • بشّرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجنّة: ففي حديثِ أنس بن مالك -رضي اللهُ عنه- أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ)،[١] وفي حديثٍ آخر أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: (فاطمةَ سيِّدةُ نساءِ أَهْلِ الجنَّةِ).[٢٤][٢٣]
  • تربّت على يدِ خير الأنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصبرت في حياتها: كانت فاطمة -رضي الله عنها- خلوقةً صبورة، تخشى الله -عز وجل- وتتّقيه، ومُتمسّكةً بحبل الله -عز وجل- في أحلكِ الأيام التي مرّت بها الدّعوةُ الإسلامية،[٢٥] حتّى أنّها -رضي الله عنها- كانت قد خَسِرَت إخوتها جميعهم في حياتها؛ الذكور الصغار، وأخواتها الثلاثة أم كلثوم، ورقية، وزينب -رضي الله عنهم جميعاً-، ثمّ خسِرتَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصَبَرَت واحتسبت، وإنَ الله -عز وجل- ليرفع المؤمنَ بالصبّر درجاتٍ لا يعلمها إلّا هو.[٢٦]
  • رَوَت الحديثَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كانت فاطمة -رضي الله عنها- راويةً للحديث، وقد نَقَلت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جملةً من الأحاديث، وقد روى عنها عددٌ مِن الصّحابةِ الكِبار؛ كان منهم أنس بن مالك، وعائشة أم المؤمنين، وأمّ سَلَمة، وابنها الحسين -رضي الله عنهم جميعا-، كما وردت رواياتها في أهمّ كتب الحديث الستة.[٢٧]
  • هي بالتأكيدِ أمُّ أحفادِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحسنَ والحُسين: إذ لم يكن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عقبٌ من غيرها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحبّهم حباً شديداً، ويلاطِفُهما ويلاعبهما ويدعو لهما، ويروى في كُتبِ الحديثِ أنّ كليهما مِن أهلِ الجنّة، وقد كانَ لهما فيما بعد شأنٌ كبيرٌ حتّى تَخَلّد ذِكرُهما في كُتبِ السّيرةِ والتّاريخِ إلى يومنا هذا.[٢٨]


سيدات أهل الجنة وأكمل النساء

إنّ الكمالَ في حقّ سيداتِ أهلِ الجنّةِ اللّاتي ذُكِرنَ فيما تَقدّم هو بلوغُ درجةِ الصدّيقيّة، فهي أعلى درجةٍ قد تصلها امرأة، إذ لا يعلوها إلّا مقامُ النّبوة، وقد ثبتَ بالاستنادِ إلى النّصوصِ الشرعية والإجماع أنّ النّبوة لا تكونُ للنساءِ مُطلقاً، إذ قال -تعالى- في سورةِ يوسف: (وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ إِلّا رِجالًا نوحي إِلَيهِم)،[٢٩] أي أنّ الوحي بالرّسالة لم يتنزّل إلّا على الرّجال، وهم على حَملِ هذه المشقة لأقدر والله أعلم.[٣٠]


ويُذكَرُ أنّ البعضَ قد اعتبروا سيّدتنا مريم -عليها السّلام- نبيّة، مُحتجّينَ بتكليمها للوحي، ولكنّ الإجماعَ على خلافه، كما أنّ تفسيرَ الكمالِ للمرأة لا ينبغي أن يرادِفَ تفسير الكمالِ للرجلِ، فالمرأةُ كمالها بكمالِ أخلاقِها وسموّها بالفضائلِ، والحشمةِ، والتّقوى،[٣١] والكمالُ بصفةٍ عامّةٍ صفةٌ مطلقةٌ لله -عز وجل-، وإنّما يكونُ للإنسان إذا اتّصف بتمامِ المطلوبِ منه، وأكملُ البشرِ همُ الأنبياء، ثمّ يليهم الأولياء، والأولياءُ هم الصدّيقونَ، والشّهداء، والصّالحونَ من عِباد الله، ومنهم سيّداتُ أهلِ الجنّة.[٢٨]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3878، صحيح.
  2. سورة آل عمران، آية: 35-37.
  3. عمر الأشقر (1998م)، الجنة والنار (الطبعة السابعة)، الأردن، دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 211. بتصرّف.
  4. سورة آل عمران، آية: 42.
  5. عبد العزيز الراجحي، شرح تفسير ابن كثير، صفحة 1، جزء 69. بتصرّف.
  6. سورة المائدة، آية: 75.
  7. عمر سليمان الأشقر (1989م)، الرسل والرسالات (الطبعة الرابعة)، الكويت، دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 89. بتصرّف.
  8. سورة التحريم، آية: 12.
  9. مجموعة من المؤلفين (2002م)، نداء إلى العفيفات (وأن يستعففن خير لهن) (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الوطن للنشر، صفحة 9، جزء 1. بتصرّف.
  10. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 3815، صحيح.
  11. ^ أ ب حمزة قاسم (1990م)، منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، دمشق، مكتبة دار البيان، صفحة 200، جزء 4. بتصرّف.
  12. ^ أ ب سورة التحريم، آية: 11.
  13. عمر سليمان الأشقر (1998م)، الجنة والنار (الطبعة السابعة)، الأردن، دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 212. بتصرّف.
  14. ^ أ ب ت أحمد غلوش (2002م)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت، مؤسسة الرسالة، صفحة 314-315. بتصرّف.
  15. سعيد حوى (1995م)، الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (الطبعة الثالثة)، مصر، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 1264، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب ت ث سعيد حوى (1995م)، الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (الطبعة الثالثة)، مصر، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 1264، جزء 3. بتصرّف.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2435 ، صحيح.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3820، صحيح.
  19. ^ أ ب عمر سليمان الأشقر (1998م)، الجنة والنار (الطبعة السابعة)، الأردن، دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 211. بتصرّف.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3، صحيح.
  21. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 610، جزء 10. بتصرّف.
  22. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسور بن مخرمة، الصفحة أو الرقم: 3714، صحيح.
  23. ^ أ ب القسطلاني (1323م)، شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (الطبعة السابعة)، مصر، المطبعة الكبرى الأميرية، صفحة 141، جزء 6. بتصرّف.
  24. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 3781، صحيح.
  25. عمر سليمان الأشقر (1998م)، الجنة والنار (الطبعة السابعة)، الأردن، دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 212. بتصرّف.
  26. ناصر بن علي الشيخ (2000م)، عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (الطبعة الثالثة)، الرياض، مكتبة الرشد، صفحة 492، جزء 1. بتصرّف.
  27. د عمر سليمان الأشقر (1998م)، الجنة والنار (الطبعة السابعة)، الأردن، دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 210. بتصرّف.
  28. ^ أ ب محمد آدم الإتيوبي، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية،، دار آل بروم للنشر والتوزيع، صفحة 199، جزء 28. بتصرّف.
  29. سورة يوسف، آية: 109.
  30. الملا على القاري (2002م)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 3658، جزء 9. بتصرّف.
  31. محمد آدم الإتيوبي، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: دار آل بروم للنشر والتوزيع، صفحة 200، جزء 28. بتصرّف.
4972 مشاهدة
للأعلى للسفل
×