الصحابة
أكرم الله -سبحانه وتعالى- رسوله الكريم -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالمؤمنين من حوله وأكرمهم بالإيمان جميعًا، فقد التفَّ حول رسول الله في عهده نخبة من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، الصحابة الكرام الذي بذلوا أنفسهم وحياتهم وأرواحهم في سبيل انتشار هذا الدين ووصوله للعالمين، والصحابة لقب يُطلق على كلِّ من لقي رسول الله من الناس وآمن به ومات وهو مؤمن به ولو تخلَّل حياته ردَّة عن الإسلام وعودة فهو صحابي بإجماع أهل العلم، وقد كان للصحابة دور كبير في نشر الدين وتوسعة رقعة الدولة بعد وفاة رسول الله، وهذا المقال سيسرد قصة حياة الصحابي الجليل أسامة بن زيد وموقفه من الفتنة الكبرى.[١]
من هو أسامة بن زيد
أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، ولد أسامة -رضي الله عنه- سنة 7 قبل الهجرة، أبوه زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى، يرجع في نسبه إلى بني قضاعة، أمُّهُ أم أيمن حاضنة الرسول -صلّى الله عليه وسلَّم-، لُقِّب زيد بالحب بن الحب، فأبوه زيد بن حارثة -رضي الله عنه- خادم رسول الله -عليه الصَلاة والسَّلام-، لم يعرف الصحابي الجليل أسامة بن زيد غير الإسلام فقد ولد بعد البعثة وعاش مع رسول الله، هاجر مع أبيه إلى المدينة وكان صغيرًا ولم يقبل رسول الله أن يشارك أسامة في غزوة أحد لصغر سنه، كان أسامة أسود البشرة أفطس الأنف، ولكن الإسلام لا يهتم بالظاهر كما يهتم بالمضمون، فلا فرق بين المسلمين إلَّا بالتقوى، فقد روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بَعَثَ بَعْثًا، وأَمَّرَ عليهم أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ النَّاسُ في إمَارَتِهِ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَقالَ: إنْ تَطْعَنُوا في إمَارَتِهِ فقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ في إمَارَةِ أبِيهِ مِن قَبْلُ، وايْمُ اللَّهِ إنْ كانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وإنْ كانَ لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، وإنَّ هذا لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ بَعْدَهُ"[٢].
كان أسامة عظيمًا في طبعه وخلُقُه وصلابة إيمانه وقوة عزيمته، وهو من المسلمين الذين لم يعيشوا فترة الجاهلية، فقد ولد وعاش في الإسلام ومات على الإسلام أيضًا، كان أسامة قائدًا عسكريًا على صغر سنه، فقد جعله رسول الله أميرًا على جيش المسلمين وفي الجيش أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- وبعثه إلى الشام لقتال الروم، وبقي في الشام في خلافة أبي بكر ولم يرجع لحروب الردة فأبو بكر أصر على بعثة جيش عقد لواءه رسول الله، عاش أسامة ما يقارب الستين عامًا، وتوفي سنة 54 للهجرة، وكانت وفاته في أواخر خلافة معاوية بن أبي سفيان، مات في المدينة المنورة، رضي الله عنه وأرضاه.[٣]
موقف أسامة من الفتنة الكبرى
وقف الصحابي الجليل أسامة بن زيد -رضي الله عنه- موقفًا محايدًا من الخلاف الذي حدث بين علي بن أبي طالب ومن والاه من جهة ومعاوية بن أبي سفيان ومن والاه من جهة، وكان أسامة بقلبه يميل إلى كفة علي بن أبي طالب، ولكنه رفض التدخل في الفتنة خوفًا من أن يتلطخ سيفه بدماء أحد من المسلمين، فأرسل رسالة إلى علي بن أبي طالب يقول له فيها: "إنك لو كنت في شدق الأسد، لأحببت أن أدخل معك فيه، ولكن هذه المرة لم أره"، فلزم بيته ولم يتدخل في الفتنة أبدًا، والله تعالى أعلم.[٤]
المراجع
- ↑ "معرفة الصحابة والتابعين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4469، صحيح.
- ↑ "أسامة بن زيد بن حارثة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "أسامة بن زيد"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.