الرسول
يختلط على كثير من الناس معنى النبي أو الرسول، فمن الناس من يشرك الاثنين في نفس الصفة والمعنى والصحيح أنَّهما مختلفان، فالنبيُّ هو من أوحي إليه بشريعة ولم يُؤمر بنشر وتبليغ ما أوحي إليه به إلى الناس، فإذا أمر بتبليغ ما أوحي إليه صار نبيًا ورسولًا في آن معًا كرسول الله محمد وموسى وعيسى ونوح غيرهم، والرسول هو الذي يُوحى إليه بشرع أو بدين ثمَّ يأتيه الأمر بتبليغ وإيصال ونشر هذا الدين أو الشرع بين الناس، والرسول يلتزم بالشرع الموحى إليه ويدعو الناس إلى الالتزام به، وهذا المقال سيتناول الحديث عن أول رسول بعد آدم -عليه السَّلام-.[١]
من هو أول رسول بعد آدم
تنتشر بين الناس معلومة خاطئة عن أول رسول بعد آدم -عليه الصَّلاة والسَّلام- حيث يعتقد أغلب الناس أنَّ أول رسول الله بعد آدم هو إدريس -عليه السَّلام- وهذا القول ليس لديه دليل أو شاهد يستند أصحابه عليه، والصحيح هو أنَّ رسول الله نوحُ -عليه الصَّلاة السَّلام- هو اول رسول يبعثه الله -سبحانه وتعالى- ليبلغ شرع الله لقومه بعد نبيه آدم -عليه السَّلام- وهذا ما أشار عليه كتاب الله تعالى في سورة النساء في قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}[٢].[٣]
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: "كان بينَ نوح وآدم عشرة قرون، كلُّهم على شريعةٍ منَ الحَقِّ فاختلفوا فبعثَ الله النبيين مبشرين ومنذرين"، ويقول قتادة أيضًا في شرح قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}[٤]، كان أول نبي بُعِثَ نوح -عليه السَّلام-، والله أعلم.[٥]
نبذة عن أول رسول بعد آدم
نوح -عليه السَّلام- هو أول رسول يبعثه الله بعد آدم كما صحَّ واتفق أهل العلم، وقد جاء ذكر رسول الله نوح في كثير من السور القرآنية في كتاب الله، كسورة آل عمران والنساء والمائدة وسورة الأنعام وسورة نوح التي اختصَّتْ بسَرْدِ أحداثِ قصَّته، وتقول قصة نبي الله نوح -عليه السَّلام- إنَّ هذا النبي بقي في قومه وعاش بينهم يدعوهم إلى الإيمان مدة ألف سنة إلَّا خمسين عامًا، ثمَّ يأمره الله -سبحانه وتعالى- ببناء سفينة كبيرة ويحذره من أنَّ الأرض ستغرق بأكملها فأخرج معك في السفينة من كلِّ زوج اثنين، ثم يفور الماء من باطن الأرض ويبدأ الطوفان العظيم، قال تعالى: {حتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}[٦]، كما تذكر الآيات القرآنية أنَّ ابن نوح كان من الكافرين الذي رفضوا أن يركبوا مع نوح -عليه السَّلام- في السفينة، قال تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ}[٧]، ثمَّ غاضت الماء ولم يبقَ على الأرض إلَّا المؤمنون مع نوح، والله أعلم.[٨]
المراجع
- ↑ "الفرق بين النبي والرسول"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 16-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 163.
- ↑ "هل إدريس أول الرسل؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 16-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 213.
- ↑ "أول نبي بعد آدم عليه السلام"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية: 40.
- ↑ سورة هود، آية: 41-42-43.
- ↑ "نوح"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 16-05-2019. بتصرّف.