من هو الصحابي الراكب المهاجر؟

كتابة:
من هو الصحابي الراكب المهاجر؟


الصحابي المسمّى بالراكب المهاجر

صحّ في السنة النبويّة أنّ الصحابيّ الجليل عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- هو الملقب بالراكب المهاجر؛ إذ صحّ في الحديث عنه أنّه قال: (قالَ لي النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يومَ جِئْتُ: مَرحبًا بالرَّاكِبِ المُهاجِرِ، مَرحبًا بالرَّاكِبِ المُهاجِرِ، مَرحبًا بالرَّاكِبِ المُهاجِرِ، فقلْتُ: واللهِ يا رَسولَ اللهِ، لا أدَعُ نَفَقةً أنفَقْتُها إلَّا أنفَقْتُ مِثلَها في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ).[١][٢]


سبب التسمية

السبب في تسمية عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- بالراكب المهاجر، أنّه ركب البحر يوم فتح مكة المكرمة هارباً، فلمّا هاج بهم البحر، وعلت الأمواج؛ أخذ الناس يدعون الله -تعالى- ويوحدونه؛ فسألهم عكرمة -رضي الله عنه- عمّا يقولونه، فأخبروه بأنّ هذا مكان لا ينفع فيه إلا التوجه إلى الله -تعالى-.[٢]


وعلم حينها أنّه إله محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي يدعو الناس إليه، فطلب منهم أن يرجعوا به إلى مكة المكرمة، فرجعوا، وأقبل عكرمة -رضي الله عنه- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعلن إسلامه.[٢]


وقيل استأمنت له زوجته أم حكيم بنت الحارث بن هشام، عندما هرب جريحاً يوم الفتح؛ فأمّنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أدركته زوجته باليمن، فردّته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلمّا رآه -صلى الله عليه وسلم- اعتنقه، وقال له: (... مَرحبًا بالرَّاكِبِ المُهاجِرِ...).[١][٣]


التعريف بعكرمة بن أبي جهل

هو عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب أبو عثمان المخزومي؛ كان من رؤوس الكفر والغلاة فيه، فأسلم وحسن إسلامه، وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد عُرف بالشجاعة والقوة، ولم يكن له عقب.[٤]


وقد استعمله أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- على عُمان حين ارتدوا عن الإسلام، فقاتلهم حتى انتصر عليهم، ثم خرج إلى الشام مجاهداً حتى استشهد في معركة أجنادين، وقيل استشهد في فتح دمشق، وقيل باليرموك.[٤]


وقد روى بعض الصحابة أنّ قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- لعكرمة -رضي الله عنه- كان بسبب رؤية رآها النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه؛ حيث رأى أنّ عقوداً من النخل متذللة في الجنة؛ فسأل لمن هذا، فقيل له هي لأبي جهل، فشقّ ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- لكفر أبي جهل، فلمّا جاءه عكرمة مسلماً فرح فرحاً شديداً، وتأوّل ما كان في منامه لعكرمة لا لأبيه.[٣]


عكرمة بن أبي جهل وتأثره بذكر أبيه

ذكرت كتب السير والتراجم أنّ عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- لمّا خرج من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، كان كلّما مرّ بمجلس من مجالس الأنصار؛ أشاروا إليه وقالوا إنّ هذا ابن أبي جهل، ثم يسبّوا والده؛ فشكى ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فتفهّم ذلك -صلى الله عليه وسلم-، نهى الصحابة عن سبّ الأموات؛ لأنّ ذلك مدعاة لتأذي الأحياء.[٥]


وقيل إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- طلب من أصحابه قبل دخول عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- مسلماً، أن لا يذكروا أباه بسوء؛ قائلاً لهم -صلى الله عليه وسلم-: (... يَأْتيكم عِكْرمةُ بنُ أبي جَهلٍ مؤمِنًا مُهاجِرًا، فلا تَسُبُّوا أباهُ، فإنَّ سبَّ الميِّتِ يُؤْذي الحيَّ، ولا يَبلُغُ الميِّتَ...)؛[٦] فكان ذلك من كرم أخلاقه -صلى الله عليه وسلم-، حيث راعى مشاعر عكرمة، ولم يكن مسلماً بعد.[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عكرمة بن أبي جهل ، الصفحة أو الرقم:5142، صحيح الإسناد.
  2. ^ أ ب ت ابن الجوزي، صفة الصفوة، صفحة 286، جزء 1. بتصرّف.
  3. ^ أ ب التقي الفاسي، العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين، صفحة 228، جزء 5. بتصرّف.
  4. ^ أ ب أبو القاسم ابن عساكر، تاريخ دمشق، صفحة 51-54، جزء 41. بتصرّف.
  5. الزبيري، مصعب بن عبد الله، نسب قريش، صفحة 311. بتصرّف.
  6. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي حبيبة مولى عبدالله بن الزبير، الصفحة أو الرقم:5138، سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما.
  7. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 9، جزء 39. بتصرّف.
4585 مشاهدة
للأعلى للسفل
×