الهجرة إلى الحبشة
مع اشتداد العذاب الذي لَقِيَه المسلمون من المشركين في قريش، أمر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، وكان هذا في السنة الخامسة للبعثة، فهاجر أول فوج إلى الحبشة في تلك السنة، وكان مؤلفًا من اثني عشر رجلًا وأربع نساء، وكان أبرز من هاجروا عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله، وقد حاولت قريش اللحاق بهم ولكنَّهم أوغلوا في البحر ولم يعد هنالك سبيل للحاق بهم، فوصلوا إلى الحبشة ولقوا ما لقوا من الكرم والأمن والأمان وحفاوة الاستقبال في تلك البلاد، وملكها النجاشي، وهذا المقال سيتناول الإجابة عن السؤال القائل: من هو النجاشي إضافة إلى الحديث عن إسلام النجاشي. [١]
من هو النجاشي
في الإجابة عن السؤال: من هو النجاشي؟ يمكن القول إنَّ النجاشي هو أصحمة بن أبجر، وهو إمبراطور أو ملك من ملوك الحبشة، وهو نجاشي الحبشة، حكم تلك البلاد في عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقد تولَّى النجاشي حكم الحبشة وهو ابن تسع سنين، وذلك بعد موت عمه، وبعد أن استلم الحكم نشر العدل وانتشرت قصصه الطيبة في كلِّ أركان بلاده، وجدير بالقول إنَّ كلمة النجاشي كلمة عَرَّبها العرب، وهي لقبُ من حكم الحبشة وهي مملكة أكسوم الواقعة شرق أثيوبيا وأرتيريا اليوم، وهذا اللقب يشبه لقب قيصر عن الرومان ولقب كسرى عند الفرس، وتقول الروايات إنَّ النجاشي ملك الحبشة، أسلم في نهاية الامر، بعد أن استقبل وفود المسلمين المهاجرة إلى بلاده، وقد استقبله بصدر رحب وحماهم وحفظهم حتَّى عادوا إلى ديارهم.
وقد تُوفِّي النجاشي في السنة التاسعة للهجرة، وهو الشخص الوحيد الذي صلَّى عليه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- صلاة الغائب بعد موته، وهذا ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "إنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ- قال لأصحابِه: اخرجوا فصلُّوا على أخٍ لكم قد ماتَ، قال: فصلَّى بنا فكبَّر أربعَ تكبيراتٍ، ثمَّ قال: هذا أصحَمَةُ النجاشيُّ، فقال المنافقون: انظروا إلى هذا يُصلِّي على عِلجٍ نصرانيٍّ لم يرَه قطُّ، فأنزل اللهُ تعالَى: "وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ..." [٢] الآياتُ كلُّها" [٣]، وقد توفِّي النجاشي في السنة التاسعة للهجرة، والله تعالى أعلم. [٤]
إسلام النجاشي
بعد الإجابة عن السؤال: من هو النجاشي؟ سيتم الحديث عن مسألة إسلام النجاشي أصحمة نجاشي الحبشة، وفي هذا السياق يمكن القول إنَّه ثبت في الصحيح إنَّ النجاشي أصحمة أسلم وآمن بالله وبرسوله بعد أن كان نصرانيًا، ويستند العلماء في مسألة إسلام النجاشي ملك الحبشة على حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي جاء في صحيح البخاري، إنَّ أبا هريرة قال: "إنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- نَعَى النَّجَاشِيَّ في اليَومِ الذي مَاتَ فِيهِ، وخَرَجَ بهِمْ إلى المُصَلَّى، فَصَفَّ بهِمْ، وكَبَّرَ عليه أرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ" [٥]، ومن هذا الحديث يمكن الاستدلال على إسلام النجاشي، فصلاة رسول الله عليه بعد موته تدل على دخول النجاشي الإسلام، كما يعتبر هذا الحديث الذي ينص على أنَّ رسول الله صلّى على النجاشي بعد موته ودون حضور الميت يعتبر دليلًا على صحة صلاة الغائب في الإسلام، والله ورسوله أعلم. [٦]
المراجع
- ↑ الهجرة إلى الحبشة, ، "www.alukah.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 20-03-2019، بتصرّف
- ↑ {آل عمران: الآية 199}
- ↑ الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: الزيلعي، المصدر: تخريج الكشاف، الجزء أو الصفحة: 1/265، حكم المحدث: فيه الهذلي لينه ابن عدي تلينا يسيرا ولم يضعفه
- ↑ أصحمة النجاشي, ، "www.marefa.org"، اطُّلِع عليه بتاريخ 20-03-2019، بتصرّف
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الجزء أو الصفحة: 1333، حكم المحدث: صحيح
- ↑ إسلام النجاشي ثابت بالأدلة الصحيحة, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 20-03-2019، بتصرّف