محتويات
لبيد بن ربيعة
من هو لبيد بن أبي ربيعة؟
هو أبو عقيل لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية العامريّ،[١] نشأ في أسرةٍ ذات حسب ونسب، فأبوه هو ربيعة بن مالك أو -كما كان يسمّى- ربيعة الممترين، وهذا لإحسانه إلى الفقراء، وعمّه أبو البراء العامريّ فارس من فرسان مضر المشهورين وكان ملقّبًًا بملاعب الأسنّة،[١] وأمّه هي تامرة بنت زنباع من قبيلة عبس المشهورة.[١]
قال الشّعر في صباه وكان شاعرًا فحلًا من فحول الشعراء الجاهليين حتّى قال قصيدةً عُدّت من المعلّقات، وكان -كما هو حال العربيّ- محبًّا لقومه كثيرًا، فقال في مدحهم شعرًا وذاد بلسانه عنهم، أدرك الإسلام وأسلم، لكنّه لم يجعل مع الشعراء الإسلاميين، لأنّه هجر الشعر بعد دخوله الإسلام ولم يقل إلا ما ندر، وقيل أنّه لم يقل إلّا بيتًا واحدًا هو:[١]
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي
- حتّى لبست من الإسلام سربالا[٢]
حياة لبيد بن ربيعة قبل الإسلام
كيف كانت بداية الشعر عند لبيد بن ربيعة؟
بدأت حياة لبيدَ بن ربيعة يتيمَ الأب؛ فكفله أعمامه مدّة من الزّمن حتّى كبر قليلًا واشتدّ عوده؛ فانكبّ على الحياة ولذائذها ينادم الحكّام ويتمتّع في السّرف،[٣] وكان -منذ الصّغر- منساب القلم سيّاله، ويُروى في قصّة بدئه لقول الشّعر أنّ أميرَ عبس الرّبيعََ بن زيادٍ أتى الملك النّعمانَ بن المنذر وقال في بني عامر ما لا ترضاه بنو عامر، فلمّا أتوا إلى الملك رأو منهُ إعراضًا عنهم وازورارًا، فساءهم ما رأوا من الملك في بلاطه، خصوصًا أنّ ملاعب الأسنّة الفارس المعروف كان فيهم.[٤]
وكان بينهم لبيد بن ربيعة، وكان غلامًا حدث السّنّ، فلمّا رأى حالهم تلك طلبَ منهم أن يهجو الرّبيع بن زيادٍ فيُسيء سمعته بين النّاس، فيكون ذلك سببًا يحجزه عن الملك النّعمان، فاستصغروا أن يقول لبيد في العامر شيئًا ذا بال، ولكنّه ألحّ عليهم؛ فقبلوا شريطة أن ينجح في اختبار وضعوه له، فسألوه أن يشتُم نبتةً في طريقهم اسمها الثَربة: وهي نبتةٌ دقيقة رقيقة قصيرة قليلة الأوراق، فقال: "هذه التربة التي لا تذكى نارًا، ولا تؤهل دارًا، ولا تسر جارًا، عودها ضئيل، وخيرها قليل، وفرعها كليل. أقبح البقول مرعى، وأقصرها فرعًا، وأشدها قلعًا" فلمّا رأو منه هذه البراعة أذنوا له ليهجو الرّبيع، وكذلك فعل في قصيدته: "مهلًا أبيتّ اللعن".[٤]
فلمّا علم الملك بالقصيدة، أنف أن يُجالسه الرّبيع بن زياد فطرده من حضرته ومنعه من الدخول عليه، وكان هذا سببًا في أن يدنو بنو عامرٍ من الملك.[٤]
حياة لبيد بن ربيعة بعد الإسلام
كيف حوّل الإسلام شخصيّة لبيد بن ربيعة؟
لمَا ظهر الإسلام على قريش، وهاجر النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة، وتمكّنت الدّولة هناك، أقبلت الوفود تتوالى إلى النّبيّ تبايعه على الإسلام، ومن الوفود التي جاءت وفدٌ من بني ربيعة، وكان فيه لبيد؛ فأسلم وحُسن إسلامه وكان من حُفّاظ كتاب الله، وكان جليّا أنّه أنهى حياة الشّعر بانتهاء الجاهليّة فيه، فقيل أنّه لم يقل سوى بيت بعد إسلامه؛ ولأجل هذا عُدّ شاعرًا من شعراء الجاهليّة لا الإسلام.[٥]
انتقل لبيد ابن ربيعة إلى الكوفة بعد أن صارت مصرًا من أمصار المسلمين في خلافة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- وبقي مقيمًا فيها حتّى وفاته في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة إحدى وأربعين للهجرة، وقد كان مُعمّرًا حيث عاش خمسًا وأربعين سنة بعد المئة.[٥]
ومن مواقفه مع عمر بن الخطّاب -رضي الله عنهما- أنّ عمر أمر واليه على الكوفة مرّةً أن يسأل لبيد عمّا كتب من الشّعر، فقال لبيد: "قد أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران".[٦]
إنجازات لبيد بن ربيعة
ما هو أعظم إنجاز أنجزه لبيد بن ربيعة؟
من أعظم ما أنجز لبيد بن ربيعةمعلقة في تسعة وثمانين بيتًا، وهي من عيون الشّعر الجاهليّ بل العربيّ بشكل عامّ، وقد امتازت بقوّة ألفاظها وحسن عبارتها مع متانة في الأسلوب، يصوّر فيها الشّاعر حياة العربيّ البدويّ وأخلاقه ويذكر فيها شوائب النّفوس من مجون وهوى.[٥]
وقد بدأ بها -على عادة الجاهليين- يصف آثار الدّيار والمحبوبة، ثمّ أتبع ذلك بوصف الرّاحلة ورحلتها، ثمّ مرّ يصف حياته وحسن بلاءاته وأخلاقه وقومَه على سبيل الفخر.[٥]
وله ديوانٌ شعريّ مطبوع، مكوّن من ستّ وعشرين قصيدة، وقد تنوّعت المواضيع الشّعريّة التي كتبها بين فخر وحماسة وغزل ووصف ورثاء وغيرها.[٧]
اقتباسات من شعر لبيد بن ربيعة
- قال في معلّقته:
عفت الديارُ محلّها فمُقامها
- بمنّى تأبّد غولُها فرجامها
والعينُ ساكنةٌ على أطلائها
- عوذاً تأجَّلُ بالفضاءِ بِهامها
فوقفتُ أسألها، وكيف سؤالنا
- صُماً خوالدَ ما يبينُ كلامها
واحبُ المجامل بالجزيل وصرمُهُ
- باقٍ إذا ضلعتُ وزاغَ قوامُها[٨]
- وقال في الفخر:
فعمّي ابنُ الحَيَا وأبو شُريحٍ
- وعمي خالدٌ حَزمٌ وجودُ
وجدي فارسُ الرّعشاءِ منهم
- رئيسٌ لا أسَرُّ ولا سنيدُ
وشارَفَ في قُرى الأريافِ خالي
- وأُعطي فوق ما يُعطى الوفودُ
وجدتُ أبي ربيعًا لليتامى
- وللأضيافِ إذ حُبَّ الفَئيدُ[٩]
- وقال في رثاء أخيه أربد من أمّه:
ما إِن تُعَرّي المَنونُ مِن أَحَدِ
- لا والِدٍ مُشفِقٍ وَلا وَلَدِ
أَخشى عَلى أَربَدَ الحُتوفَ وَلا
- أَرهَبُ نَوءَ السِماكِ وَالأَسَدِ
فَجَّعَني الرَعدُ وَالصَواعِقُ بِال
- فارِسِ يَومَ الكَريهَةِ النَجُدِ
الحارِبِ الجابِرِ الحَريبَ إِذا
- جاءَ نَكيباً وَإِن يَعُد يَعُدِ
يَعفو عَلى الجَهدِ وَالسُؤالِ كَما
- أُنزِلَ صَوبُ الرَبيعِ ذي الرَصَدِ
لَم يُبلِغِ العَينَ كُلَّ نَهمَتِها
- لَيلَةَ تُمسي الجِيادُ كَالقِدَدِ
كُلُّ بَني حُرَّةٍ مَصيرُهُمُ
- قُلٌّ وَإِن أَكثَرَت مِنَ العَدَدِ[مرجع]
- وقال في الحكمة وتذكّر الموت:
أَرى الناسَ لا يَدرونَ ما قَدرُ أَمرِهِم
بَلى كُلُّ ذي لُبٍّ إِلى اللَهِ واسِلُ
أَلا كُلُّ شَيءٍ ما خَلا اللَهَ باطِلُ
وَكُلُّ نَعيمٍ لا مَحالَةَ زائِلُ
وَكُلُّ أُناسٍ سَوفَ تَدخُلُ بَينَهُم
دُوَيهِيَةٌ تَصفَرُّ مِنها الأَنامِلُ
وَكُلُّ اِمرِئٍ يَوماً سَيَعلَمُ سَعيَهُ
إِذا كُشِّفَت عِندَ الإِلَهِ المَحاصِلُ[١٠]
المراجع
- ^ أ ب ت ث لبيد بن ربيعة، ديوان لبيد بن ربيعة العامري، صفحة 5-6. بتصرّف.
- ↑ "الحمد لله إذ لم يأتني أجلي"، الدّيوان.
- ↑ لبيد بن ربيعة، ديوان لبيد بن ربيعة العامري، صفحة 5. بتصرّف.
- ^ أ ب ت أحمد حسن الزّيّات (2019)، تاريخ الأدب العربي (الطبعة 1)، مصر:دار التقوى، صفحة 92، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث أحمد الزّيّات (2019)، تاريخ الأدب العربي (الطبعة 1)، مصر:دار التقوى، صفحة 93، جزء 1.
- ↑ لبيد بن ربيعة، ديوان لبيد بن ربيعة العامري، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ لبيد بن ربيعة، ديوان لبيد بن ربيعة العامري، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ "عفت الديار"، الديوان.
- ↑ "حمدت الله والله الحميد"، الديوان.
- ↑ "ألا تسألان المرء ماذا يحاول"، الديوان.