من هي مرضعة الرسول

كتابة:
من هي مرضعة الرسول

هل أم الرسول أرضعته؟

إنَّ أمّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت ذا حسب ونسب، وعلى الرغم من ذلك إلّا أنّ أول من أرضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي والدته آمنة بنت وهب، فقد قيل إنّها أرضعت النبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاثة أيام وقيل سبعة وقيل تسعة أيام، ثمّ ذهبت به إلى الرضاع خارج مكة.[١]


من هي أول مرضعة للرسول غير أمّه؟

إن أوّل مرضعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أمّه هي ثويبة مولاةأبي لهب، أرضعته بضعة أيام في مكة بلبن ابنها مسروح، وذلك قبل قدوم مرضعة له من خارج مكة المكرمة، وكانت قد أرضعت قبله عمّه حمزة وبعده أبا سلمة وهو ابن عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأصبحوا بذلك إخوانًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة.[٢]


من هي مرضعة الرسول الثانية بعد ثويبة؟

بعد إرضاع الرسول -عليه الصلاة والسلام- من ثويبة الحبشية داخل مكة المكرمة، التمسوا له بعدها مرضعة من البادية، لما في الأمر من أهمية بالغة آنذاك؛ حيث ذكر الغزالي في فضل ذلك: "وتنشئة الأولاد في البادية ليمرحوا في كنف الطبيعة، وكثير من علماء التربية يودُّ لو تكون الطبيعة هي المهد الأول للطفل"، وعندما أقبلت المراضع من البادية حظيت حليمة السعدية برسول الله عليه الصلاة والسلام، ونالت من بركته ما نالت، فهي ثاني مرضعة للنّبي عليه الصلاة والسلام.[٣]


من هي حليمة السعدية؟

هي حليمة بنت أبي ذؤيب واسمه الحارث بن عبدالله بن شجنة بن جابر بن سعد بن بكر، وزوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن نصر بن سعد، ولها عبد الله بن الحارث الذي رضع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولها أنيسة والشيماء بنتا الحارث، فكانت الشيماء تحمل وترعى النّبي -صلى الله عليه وسلم- مع أمها، وسميت واشتهرت بمرضعة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد أكرمها الله -عزّ وجلّ- بهذا الشرف العظيم، حيث كانت أوّل من رأت علامات ودلالات النبوة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.[٤]


رضاع النبي من حليمة السعدية

لماذا اختارت حليمة النبي صلى الله عليه وسلم؟


حظيّت حليمة السعدية برضاع النبي -عليه الصلاة والسلام- مدة خمس سنوات، فروت حليمة السعدية بداية الرضاع، فذكرت أنّها خرجت مع نسوة من بني سعد بن بكر ليلتمسوا الرُّضعاء بمكة المكرمة، وكان حال السنة في وقتها قليل الماء والخضرة أي أنّها كانت أيام جدبِِ عليهم، وكان معها زوجها وابنها الذي ينم ليالِِ لقلة حليبها وحليب ناقتهم، وعند وصلوهم إلى مكة المكرمة وجدوا الكثير من المرضعات يعرضن عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث كان يتيم الأب وكان إعراضهم بزعمهم أنَّ الكرامة للمرضع تأتي من والد الولد ومحمدٌ يتيم لا أب له.[٥]


وعندما أخذت كل مرضعة بصبي، أبت السيدة حليمة السعدية الرجوع دون رضيع، فسألت زوجها بأنَّ تعود لتأخذ الصبي اليتيم وهو الرسول الكريم وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وما إنْ أخذته إلا وقد أقبل على ثديها وامتلأ باللبن وشرب منها -عليه الصلاة والسلام- حتى ارتوى وشرب ابنها الذي لم ينم منذ ليالِِ فعُدّ أخوه من الرضاعة بعد ذلك، ووصلت بركة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- إلى لبن الناقة، حيث عندما أراد زوجها أنْ يجلب من لبنها وجده قد امتلأ فأخذ منها ما أخذ وشربوا حتى ارتووا هو وزوجته، وكان -عليه الصلاة والسلام- يكبر ويمتلىء بسرعة فقد بلغ السنة بكل صحة وقوة.[٥]


بركات النبي على حليمة السعدية

ما التغيرات التي لمستها حليمة بعد مجيء النبي؟


إنَّ فترة رضاع حليمة السعدية لرسول الله عليه الصلاة والسلام، ما زادت حياتها إلّا بركة ورزقًا وفيرًا، حتى أن دابتها قد أصبحت نشيطة أكثر من دواب صاحباتها وأسرع وأقوى، وقد حلت هذه البركة من أول رضعة رضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث زاد حليبها وأصبحت ترضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وابنها حتى يشبعا، وحتى لبن الناقة أصبح وفيرًا غزيرًا ببركته عليه الصلاة والسلام، وكان غنمها قد امتلأ باللبن، رغم جدب الأرض عندهم وقلة حيلتهم، فما كان غير حليمة تعود بهذه البركة والوفرة في بني سعد، وبقيت هذه البركات طيلة وجود النبي -عليه الصلاة والسلام- عندها.[٦]


حادثة شق الصدر

من تولى شق صدر النبي عليه الصلاة والسلام؟


بدأت إرهاصات النّبوة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو غلام صغير، فهذه حادثة شق الصدر من الأمور التي بَشرت بنبوة محمد منذ صغره، وحدثت له هذه الحادثة وهو في البادية، حيث كان النّبي -عليه الصلاة والسلام- يرعى هو وابن حليمة السعدية إلى أنْ جاءه رجلان يلبسان ثياب بيضاء وقيل نسران، وقد شقا بطنه واستخرجا من قلبه علقتين سوداوين، ثمَّ غسلا قلبه بماء كالثلج، وأخاطوا شقّه وختموه بخاتم النّبوة وحين ذهبا.[٧]


عاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حليمة السعدية وأخبرها بما حصل، ففزعت حليمة وأرادت عندها أنْ تأخذته إلى أمه آمنة فعادت به وأخبرتها بالحادثة، فلم تخف أمه، وأخبرتها أنها لما كانت حاملًا به رأت نورًا أضاءت له قصور الشام، و قال في ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام: "رأَتْ أُمِّي كأنَّهُ خرجَ منها نورٌ ، أضاءَتْ منه قصورُ الشامِ"،[٨][٧] وقد روى أنس بن مالك عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- بشأن الحادثة حيث قال:


"أتاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو يَلْعَبُ مع الغِلْمانِ، فأخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عن قَلْبِهِ، فاسْتَخْرَجَ القَلْبَ، فاسْتَخْرَجَ منه عَلَقَةً، فقالَ: هذا حَظُّ الشَّيْطانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِن ذَهَبٍ بماءِ زَمْزَمَ".[٩]


ومن الجدير بالذكر أنَّه كان عمر النّبي -صلى الله عليه وسلم- سنتين وقيل أربعًا عندما حدثت له هذه الحادثة العظيمة والراجح أنه كان أربعًا، وقد ورد في كتب السير أنّه شقَّ صدر النّبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من مرة، فقيل أنّه شق مرة أخرى وهو ابن عشر سنوات، وقيل عند البعثة وقيل عند الإسراء والمعراج.[١٠]


ولعل الراجح من ذلك أنَّه قد شُقَّ مرتين؛ مرة في البادية وهو ابن سنتين والأخرى عند الإسراء والمعراج، وهذه الحادثة من الأمور التي يجب الإيمان بها والتصديق بحدوثها لا إنكارها، فهذه من بعض الخوارق للعادات التي كان تحصل لرسول الله عليه الصلاة والسلام.[١٠]


هل أسلمت حليمة مرضعة الرسول؟

وردت روايات متعددة عن إسلام مرضعة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- حليمة السعدية، حيث ذكر السيوطي أنّه لم ترضع مرضعة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا وأسلمت،[١١] ويقول أبو عمر: أنَّ حليمة السعدية ردّت رسول الله -عليه الصلاة والسلام- إلى أمه بعد خمس سنوات وأسلمت بعد ذلك، وأتت إليه يوم حنين فقام إليها النّبي -صلى الله عليه وسلم- وبسط لها رداءه لتجلس عليه، و هذا من فضلها عليه فقد أكرمها وأحسن إليها.[١٢]


وقد ذُكر أنّها روّت عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- وروى عنها ابنها عبدالله بن جعفر فهذا دليل آخر على إسلامها، وعند زواجه من خديجة -رضي الله عنها- رجعت إليه وقد ساء حالها وحال قبيلتها فأكرمتها السيدة خديجة بعشرين رأس من الغنم وبكرات آنذاك.[١٢]


رضاع النبي من امرأة بني سعد

كيف صار النبي وحمزة بن عبد المطلب أخوين؟


ذكر أنْ هنالك امرأة من بني سعد قد أرضعته أيضًا وهو عند مرضعته حليمة السعدية، وكانت قد أرضعت معه عمه حمزة، حيث كان حمزة -رضي الله عنه- مسترضعًا عند سعد بن بكر في ذلك الوقت، ولذلك عدَّ حمزة أخًا النّبي -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة من جهة ثويبة ومن جهة امرأة بني سعد كما ذكر في العديد من الروايات.[١٣]


هل أم أيمن مرضعة الرسول؟

الفاضلة الجليلة حاضنة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أم أيمن الحبشية ورثها رسول الله من أبيه بعدما توفي، وقد ولد النّبي -صلى الله عليه وسلم- وكانت أم أيمن حاضرة وحاضنة ومربية له، فحضنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ صغره وحين توفيت أمه في منطقة الأبواء بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وهو ابن ست سنوات، زاد اهتمام وحنان أم أيمن عليه كثرًا، بالإضافة إلى كفالة جده عبد المطلب له.[١٤]


زعمت بعض الروايات أنَّ أم أيمن أرضعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكن لم يتم الوقوف على ذلك، وإنما هي كانت حاضنته فقط، ولم ترضعه والله تعالى هو أعلى وأعلم.[١٥]

المراجع

  1. موسى العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 84-85. بتصرّف.
  2. موسى بن راشد العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 84. بتصرّف.
  3. موسى العازمي، كتاب الؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 86-87. بتصرّف.
  4. أحمد بن جابر، جمل من أنساب الأشراف، صفحة 101-102. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمد الطيب النجار، كتاب القول المبين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 88-89. بتصرّف.
  6. موسى بن راشد العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 89-90. بتصرّف.
  7. ^ أ ب موسى العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 93-94. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:3451، حديث صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:162، حديث صحيح.
  10. ^ أ ب موسى العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 95-98. بتصرّف.
  11. السافريني، كشف اللثام شرح عمدة الأحكام، صفحة 283. بتصرّف.
  12. ^ أ ب ابن سيد الناس، كتاب عيون الأثر، صفحة 45-46. بتصرّف.
  13. ابن القيم، كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 81-82. بتصرّف.
  14. محمد إلياس الفالوذة، كتاب الموسوعة في صحيح السيرة النبوية، صفحة 107. بتصرّف.
  15. السفاريني، كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام، صفحة 283. بتصرّف.
5223 مشاهدة
للأعلى للسفل
×