الحب الإفتراضي هو الظاهرة التي تظهر بها مشاعر الحب قبل رؤية بعضهماالبعض وجهًا لوجه، وهي ظاهرة شائعة جدًا على مواقع التعارف عبر شبكة الإنترنت:
جميعنا نرغب بالوقوع في الحب، البعض منا يقع فيه بسهولة وغيرهم لا، ويستمرون بالمحاولة حتى الوصول للجانب الآخر المطلوب. من المحتمل أنكم قد سمعتم عن الحب الافتراضي، ولربما قد كنتم أحد أبطالهم!
شخص لم يقع بالحب بسهولة في الماضي، يدخل الى شبكة الانترنت، وعن طريق الدردشة، وفجأة، احداهن تفوز بقلبه، تخترق روحه، يشعر أنه واقع في الحب، وحتى قبل أن يراها لمرة واحدة. هل هذا ممكن؟ هذه هي ظاهرة "الحب الإفتراضي"! فحتى قبل أن يروا بعضهم البعض وجهًا لوجه، يشعرون بمشاعر العشق والهوى؟ وفي الواقع فان الحب الافتراضي هو ظاهرة شائعة في شبكة الانترنت. ولكن لماذا قد يحدث هذا؟
من أجل فهم لماذا وقعت في الحب بشدة بشخص لم تراه بعد، يجب فهم الآلية النفسية التي يرتكز عليها الوقوع في الحب واختيار الشريك. حتى لو كنا نميل إلى الاعتقاد بأن الوقوع في الحب هو عملية عفوية والتي تحدث من تلقاء نفسها، ولا يمكن تفسير ذلك منطقيًا، ولكن يدعي علماء النفس أن وراء أساس الاختيار هنالك الكثير من المعنى. في معظم الوقت لا يدرك الشريكين هذا المعنى والسبب الكامن وراء هذا الشعور، ولذلك يقولون في كثير من الأوقات أن "الحب أعمى". ولكن حتى إذا لم يكونوا على علم بمنطق الاختيار - فإنه موجود.
من حيث المبدأ، يمكن تقسيم النظريات التي تتعلق باختيار الشريك الى نوعين:
- فكرة الخيال.
- فكرة الإكمال.
وفقًا للنظرية الأولى، يبحث الأشخاص عن الشركاء الذين يشبهونهم، من مفهوم واحد على الأقل. ولكن وفقًا للنهج الثاني، فينجذب الأشخاص الى اولئك الذين لديهم صفات لا يملكونها، وسوية يكملون أنفسهم. على سبيل المثال، يبحث الشخص المتسلط عن شريك اتكالي وخاضع، والمبذر يبحث عن هذا الذي سيوازن ميزانيته. ولكن أثبتت الدراسات التي أجريت على مدى السنوات، أن الإعتقاد بأن "الأضداد ينجذبون لبعضهم البعض" غير صحيح عمومًا، والأزواج السعيدين يشبهون بعضهم البعض أكثر من الأزواج التعيسين. اذا يتضح أن التشابه ايضا يجذبنا.
غالبًا ما تبدأ تجربة الأشخاص الذي يتعرفون على بعضهم في شبكة الانترنت ويقعون في الحب في نهاية المطاف بالضبط من الخيال. وكثيرًا ما يتحدثون عن ذلك بحماس: "هو يفكر مثلي تمامًا، يهتم بالأمور التي تثير انتباهي، يقول بالضبط ما كنت أود قوله، يضحك على نفس الأشياء ويغضب من نفس الجوانب. نحن حقًا مثل أرواح التوائم. عندما يبدأ بالحديث - أشعر كأننا تعرفنا على بعضنا منذ سنوات. أنا أعرف ما يسعى اليه وما يقصد بقوله في نهاية الأمر. هذا الشعور غريب ومثير، كما لو كنا دائمًا على علاقة، وهو يتحدث بالفعل عن ما يشغله ذهني".
تدعي النهج النفسية التقليدية أننا نبحث عن الشريك الذي يشبهنا، لأننا في الواقع نبحث فيهم عن آبائنا، أخوتنا أو أنفسنا. في الواقع، نحن نحاول ودون وعي، القيام بإعادة إنشاء ظروف طفولتنا - لأن لدينا حاجة عميقة إلى "إجراء التصحيحات" وتضميد جراح الطفولة القديمة. لجميعنا هنالك جروح الطفولة، وللبعض منا جروح عميقة أكثر في النفس. رغبتنا اللاشعورية هي أنه يومًا ما سيأتي شخص، ومن خلال الوقوع بالحب والاتحاد معه سنصل أخيرًا الى "الهدوء والطمأنينة"، وسنشعر مرة أخرى بالاستقرار والحياة الكاملة.
بداية العلاقة الزوجية تبدو مثل "شهر العسل" طويل الأمد، والكثير من الناس يتحدثون عنها بوصفها بصفات ايجابية، اذ يبدو الجانب الآخر جذاب بأعيننا، ذكي، مضحك، وآسر للقلوب. وليست هناك أية اختلافات في وجهات النظر أو مشاكل. كل شيء يجري بشكل رائع ومدهش. ويبدو الأمر وكأنه مثل السحر. عندما تتم هذه العملية في الفضاء الافتراضي فإن قوتها ستكون أكبر بكثير.
ليس فقط التشابه ما يجذبنا في الحب الإفتراضي، وإنما أيضًا الخيال! فخلافًا للقاء الوجه لوجه، المكالمة الهاتفية والدردشة على السكايب مثلا، والتي تعتمد على النص في أغلب الاحيان، تفتقر إلى أي بعد بصري وسمعي. وعندما لا نملك المعلومات الكافية، دماغنا يكمل الصورة من خلال الخيال، الذي يحقق رغباتنا وأمنياتنا السرية، ولذلك فإنك تخلق بخيالك الجسم الذي تحبه، والذي ليس له صوت فتتخيل وتقرأ الأشياء بلهجتك، وبالوتيرة والترنيم الذي اعتدت عليه - وهذا كله يعزز فقط المزيد والمزيد من الشعور بأن الطرف الآخر "يتحدث بما في ذهنك"... اذا في العلاقات الافتراضية، يعمل الخيال ساعات اضافية. وبدلًا من رؤية الحقيقة فإننا كثيرًا ما نبني استنتاجاتنا وما نعتقد أننا نرغب في أن يكون، وليس من قبيل المصادفة!
معنى الحياة لدى أغلب الاشخاص يدور حول ايجاد الشريك الذي سوف يحبنا ويقبلنا فقط كما نحن من دون نقد، بدون المطالبة بتنازلات وتعديلات، بدون شروط، والعلاقات التي تستند إلى النص تمنح هذا الشعور بقوة. وان يتم ايجاد السيدة التي على استعداد أن تقبلك، كما أنت تمامًا: بدون الاهتمام بالمظهر، والرائحة، والملابس، والسيارة، والشقة وحسابك المصرفي. فقد يكون صعبا ونادرا! اذا فهذا التفاهم هو قد يكون مجرد اتصال روحي مع روح أخرى تصغي اليك، تتعرف عليك شيئًا فشيئًا، وتحب ما تقرأ. وفي بعض الاحيان قد يكون اللقاء وجها لوجه ايجابيا وكما كان يتوقع، ولكن في اغلب الحالات يأتي اللقاء الذي يحطم الخيال، وهذا أمر محزن وصعب لكلا الجانبين.
إذًا ماذا ستكون النهاية بالنسبة لك؟ لا توجد وسيلة للتخمين والمعرفة. نحن نريد أن نتمنى لك نجاح العلاقة، ولكن حتى لو لم تنجح، فاعلم انك قد فزت بالتجربة التي جعلتك تفهم الامور بعمق، وتعلمك عن نفسك أمور لم تكن تعرفها مسبقا، ولربما أهمها أنك تستطيع الوقوع بالحب بسهولة، وهذا ما يمكنحدوثه مرة أخرى. وان لم يكن اليوم... فلربما غدًا، ومع تجربة أكثر نجاحاً.