مواقف الصحابة في الجرأة على قول الحق

كتابة:
مواقف الصحابة في الجرأة على قول الحق

موقف حمزة بن عبد المطّلب

حمزة بن عبد المطّلب -رضي الله عنه- هو عمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان يُلقّب بأسد الله وأسد رسوله، وقد سُمّي أيضاً بسيد الشهداء؛ فقد كان شجاعاً، مقداماً، جريئاً في قول الحقّ ولا يخاف في الله لومة لائم.[١]

ومن القصص الثابتة في جرأته -رضي الله عنه- في قول الحق ما كان في قصّة إسلامه اللّافتة، فقد جاءت مولاة عبد الله بن جدعان تخبره بأنّ أبا جهلٍ قد آذى ابن أخيك محمد أذىً بالغاً، فقد شتمه وأهانه، فغضب -رضي الله عنه- لذلك غضباً شديداً، وذهب إلى أبي جهل متوشِّحاً قوسه، وقام بضربه به، وقال له: أتسبُّ محمداً وأنا على دينه أقول ما يقول، وقال له: ردّ عليّ ما فعلتُه بك إن استطعت.[١]

موقف عبد الله بن مسعود

لقد كان الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أول من جهر في القرآن الكريم في مكة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان في ذلك الوقت لا يجرؤ أحد على الجهر بالقرآن الكريم سوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[٢]

وقد حذّره أصحابه من ذلك قبل أن يجهر به، وقالوا له: لستَ ابن عشيرة فلا يقوم المشركون بأذيّتك لأجل عشيرتك، ولكنّه أصرّ على ذلك بقوله: سوف يحميني الله -عزّ وجل-، فقام بالذهاب إلى مقام إبراهيم، وبدأ يتلو سورة الرحمن، حتى سمعته قريش وكانوا حينئذٍ في أنديتهم، فجاؤوا إليه وقاموا بضربه على وجهه وهو مستمرٌّ في تلاوته لا يضرّه ما يفعلونه به.[٢]

ثمّ رجع إلى أصحابه وآثار الضرب على وجهه الكريم، فقالوا له: هذا ما كنا نخاف عليك منه، فقال لهم: "ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا، قالوا: لا، حسبك أن قد أسمعتهم ما يكرهون"، فكان مثالاً للشجاعة والجرأة في قول الحقّ -رضي الله عنه وأرضاه-.[٢]

موقف سعد بن أبي وقاص

كانت أمّ سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- مشركة، فلمّا أسلم سعد وعلمت أمّه بذلك حلفت أن لا تأكل، ولا تشرب، ولا يظلّها ظلّ إلا في حال رجوع ابنها سعد عن الإسلام، وكان ذلك بمثابة الضغط عليه حتى تلين نفسه لها ويقوم بالرجوع عن الإسلام، وكانت تقول له: ألم يأمرك دينك بطاعة والديك؟ وها أنا آمرك بهذا ولا تطيعني.[٣]

وبقيت أمّه على هذا الحال حتى أُصيبت بالإغماء من حرمانها لنفسها الطعام والشراب، حتى سقاها ابنها عمارة، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله -عز وجل-: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).[٤][٣]

فقال لها سعد -رضي الله عنه-: "يا أُمَّهْ، تعلمين واللهِ لو كانت لك مِائةُ نَفْسٍ، فخرجتْ نَفْسًا نَفْسًا؛ ما تركتُ ديني هذا؛ فإن شئتِ فَكُلي، وإن شئتِ لا تأكلي، فأَكَلَتْ"، وهذا درسٌ في الثبات على الحقّ، والجرأة على قوله، وعدم التراجع عن دين الإسلام الحقّ وإن وُجد الضغط على المسلم.[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد البري (1983)، كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (الطبعة 1)، الرياض:دار الرفاعي للنشر والطباعة والتوزيع، صفحة 7-9، جزء 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت د. عبد العزيز الحميدي (28-4-2002)، "جرأة في الحق وثبات على الشدائد"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 22-1-2022. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت د. أمين بن عبدالله الشقاوي (15-11-2009)، "سيرة سعد بن أبي وقاص"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 22-1-2022. بتصرّف.
  4. سورة لقمان، آية:15
4080 مشاهدة
للأعلى للسفل
×