مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان

كتابة:
مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان

السلف الصالح

إنّ لفظة السلف في اللغة تُطلق على الشيء المتقدّم، وسلفُ الإنسانِ هم الذين سبقوا الإنسان إلى الموت من آبائه وذوي قرابته، وإذا قيل السلف الصالح فهم إذًا جماعة قد سبقوا الناس الذين يعيشون اليوم وكانوا من الصالحين،[١] وأمّا اصطلاحًا فهم سلفُ أمّة الإسلام من السابقين إلى الإسلام من صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وتابعيهم وتابعي تابعيهم من الأئمّة المشهود لهم بالفضل والإمامة واتّباع سنّة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال -تعالى- في سورة التوبة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}،[٢] وأثنى عليهم -صلّى الله عليه وسلّم- إذ قال: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"،[٣] وفي رواية: "خيرُ النَّاسِ قَرْني ثمَّ الَّذينَ يلونَهم ثمَّ الَّذينَ يلونَهم ثمَّ الَّذينَ يلونَهم"،[٤] فهم إذًا المئات الثلاث أو الأربع الأولى من تاريخ الإسلام، وسيقف المقال هذا مع مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان.[٥]

مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان

لقد كان ثمة مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان تنمّ عن تعظيمهم لهذا الشهر المبارك، ولا سيّما أنّ تعظيم شعائر الله دليل على حسن إيمان المسلم لقوله تعالى في سورة الحج: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}،[٦] ولئلّا يضيع القارئ بين زخم المعلومات التي تتحدّث عن هذه المواقف للسلف الصالح فإنّ هذا المقال سيجعلها منظّمة على هيئة نقاط ليسهل تفريع تلك المواقف:

مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان مع صلاة التراويح

لقد جاء في صحيح مسلم أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"،[٧] وقيام رمضان المقصود في هذا الحديث -حسب أكثر العلماء- هو صلاة التراويح، وقد كانت في بدايتها في حياة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- تُصلّى جماعة، ثمّ خشي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أن تُفرض على المسلمين فيعجزوا عنها فأمرهم أن يصلّوها في بيوتهم، وما زالت الحال على ما هي عليه إلى أن توفّى الله -تعالى- رسوله الكريم صلّى الله عليه وسلّم،[٨] فلمّا كان عهد خلافة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- جمع الناس في صلاة التراويح لصلاة الجماعة وجعل الإمام عليهم أُبيّ بن كعب، فيروي البخاري في صحيحه من حديث عبد الرحمن القاري أنّه قال: "خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ الله عنْه- لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فيُصَلِّي بصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ لَكانَ أمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ معهُ لَيْلَةً أُخْرَى، والنَّاسُ يُصَلُّونَ بصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هذِه، والَّتي يَنَامُونَ عَنْهَا أفْضَلُ مِنَ الَّتي يَقُومُونَ، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وكانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ"؛[٩] ذلك أنّ عمر -رضي الله عنه- لما أمِنَ أنّ هذه الصلاة لن تُفرض أمر بأن تُصلّى جماعة.[١٠]

وقد جاء في الصحيح من حديث السائب بن يزيد أنّه قال: "أمر عمرُ بنُ الخطابِ أُبَيَّ بنَ كعبٍ وتميمًا الدَّاريَّ أن يقوما للناس بإحدى عشرةَ ركعةً، قال : وقد كان القارئُ يقرأُ بالمئِين, حتى كنا نعتمدُ على العِصِيِّ من طولِ القيامِ, وما كنا ننصرفُ إلا في بزوغِ الفجرِ"،[١١] وفي الحديث دلالة على تعظيم السلف الصالح لهذه الشعائر وأنّهم كانوا يقومون الليل في رمضان إلى ما قبل الفجر،[١٢] وفي حديث آخر عن أبي عثمان قال: "أَمَرَ عُمَرُ بِثَلَاثَةِ قُرَّاءٍ يَقْرَءُونَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَ أَسْرَعَهُمْ أَنْ يَقْرَأَ بِثَلَاثِينَ آيَةً، وَأَمَرَ أَوْسَطَهُمْ أَنْ يَقْرَأَ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَرَ أَدْنَاهُمْ أَنْ يَقْرَأَ بِعِشْرِينَ"، قَالَ الثَّوْرِيُّ: "وَكَانَ الْقُرَّاءُ يَجْتَمِعُونَ فِي ثَلَاثٍ فِي رَمَضَانَ".[١٣]

مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان مع قيام الليل

وأمّا قيام الليل فيما بعد التراويح فقد كان للسلف الصالح فيه مذاهب، فكان للصحابة والتابعين وتابعيهم وغيرهم من السلف الصالح العديد من المواقف التاريخيّة في رمضان التي تُخطّ بماء الذّهب لشدّة ما يلقى فيها المؤمن من ورع واضح وتقوى لله -تعالى- في السر قبل العلن، فيروي أبو عثمان النهدي أنّ أبا هريرة وخادمه وامرأته -رضي الله عنهم- كانوا يقسمون الليل ثلاثة أقسام للقيام؛ فكلّما أراد واحد منهم أن ينام أيقظ صاحبه فقام حتى ينقضي الثلث الذي يقوم فيه، وأمّا شدّاد بن أوس -رضي الله عنه- فقد كان إذا أوى إلى فراشه لم يستطع النوم وكان يقول: "اللهم إنّ جهنم لا تدعني أنام"، فكان يقوم فيصلّي، وكان طاوس يقول: "طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين"، وروي عن عبد الله بن أبي بكر -رضي الله عنهما- أنّه قال: "كنا ننصرف في رمضان من القيام فيستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر"، وفي رواية عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه كان يقوم الليل في بيته، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوة ماء وقصد مسجد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فلا يخرج منه حتى يصلي الفجر، وقيام الليل هو ديدن الصالحين ودأبهم منذ فجر الإسلام؛ إذ فيه يناجون ربّهم بعد أن يهجع الناس ويرقدون ولا يبقى إلّا من اصطفاه الله -تعالى- لهذه العبادة العظيمة، فإنّ الإمام الحسن البصري -رضي الله عنه- يقول: "لم أجد شيئًا من العبادة أشدّ من الصلاة في جوف الليل".

وقد كانت ثمّة مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان مع قيام الليل تستحقّ الوقوف عليها؛ إذ كانت أحوالهم مع القيام في الليل تنقسم سبعة أقسام: فالقسم الأول كان يقوم كل الليل، ومنهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء، والقسم الثاني كان يقوم شطر الليل، والقسم الثالث كان يقوم ثلث الليل، والقسم الرابع كان يقوم سدس الليل أو خمسه، والقسم الخامس كانوا يقومون إلى أن يغلبهم النعاس، فينامون، فإذا استيقظوا يعودون فيقومون، والقسم السادس كانوا يصلون أربع ركعات أو ركعتين، والقسم الأخير كانوا يقومون ما بين العشاءين ثمّ يُعسّلون في وقت السَّحَر، وللقيام أسباب تُعين عليه، منها: أسباب ظاهرة وباطنة جمعها الإمام أبو حامد الغزاليّ فقال إنّ الأسباب الظاهرة هي أربعة: عدم الإكثار من الأكل والشرب؛ لئلّا يغلبه النوم، والثاني ألّا يتعب نفسه في النهار بما لا فائدة فيه، والثالث أخذ قيلولة في النهار فهي تعين على نشاط الجسم للقيام، والرابع اجتناب ارتكاب الأوزار في النهار؛ لئلّا يُحرم القيام ليلًا، وأمّا الأسباب الأربعة الباطنة فهي سلامة القلب من الحقد على المسلمين وكذلك اجتناب البدع وترك فضول الدنيا، والثاني هو الخوف من الله تعالى والذي يدفعه ليعلم أنّ الأجل قصير ولا وقت إلّا للعبادة، والثالث هو أن يعرف الذي يريد قيام الليل هذا الفضل العظيم الذي يُقدم عليه، والسبب الأخير وهو السبب الأشرف وهو أن يعلم القائم أنّه لا ينطق بحرف واحد ممّا في نفسه إلّا والخطاب موجه على سبيل الدعاء والنجوى لله تعالى.[١٤]

مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان مع الجود والكرم

لقد انطلق السلف الصالح في الجود والكرم يشدّهم الحديث الذي يرويه ابن عباس -رضي الله عنهما- والذي يقول فيه: "كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وَكانَ أَجْوَدَ ما يَكونُ في شَهْرِ رَمَضَانَ. إنَّ جِبْرِيلَ -عليه السَّلَامُ- كانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ سَنَةٍ في رَمَضَانَ حتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عليه رَسولُ اللهِ -صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ- القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ"؛[١٥] فإذًا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أجود ما يكون في شهر رمضان المبارك، وحسب المؤمن هذا الحديث لكي يفتح العنان ليديه، ويذر كرمه يصل إلى أقصاه في هذا الشهر المبارك، وقد كان أولى الناس بالاقتداء برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هم صحابته الكرام رضوان الله عليهم؛ فقد روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه كان لا يفطر إلّا مع المساكين، وكان إذا جاء إليه مسكين وهو يأكل مع أهله فقام إليه وأعطاه طعامه وبات جائعًا ويصوم في اليوم التالي وهو جائع، وكان حمّاد بن أبي سليمان إذا جاء رمضان فإنّه يفطّر خمسمئة صائم، وإذا جاء العيد أعطى كلّ واحد منهم مئة درهم،[١٦] وجاء سائل إلى الإمام أحمد في يوم رمضان عند الإفطار وكان عند الإمام رغيفين يعدّهما للإفطار، فدفعهما إليه وأمسى جائعًا وأصبح صائمًا، وكان الإمام الحسن البصري يطعم إخوانه تطوّعًا وكان يجلس يروّحهم وهم يأكلون، وأمّا ابن المبارك عبد الله فقد كان يطعم إخوانه في السفر الحلوى وهو صائم،[١٧] وقد ورد في فضل إطعام الصائمين من الأحاديث عن الصحابة كثيرًا، وكلّها تدور حول الأجر العظيم الذي يعدل أجر الصائم، وأنّ الملائكة تصلّي على الصائم الذي يفطر الصائمون عنده، والله أعلم.[١٨]

مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان مع حفظ اللسان والأخلاق الحسنة

لقد كان السلف في رمضان يصومون عن الأذى والسوء وليس فقط عن الطعام والشراب والمفطرات، فقد ورد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: "إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً"، وهذا ليس غريبًا عمّن تربّى في مدرسة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد روي عن أبي ذرّ الغفاريّ -رضي الله عنه- أنّه قال لرجلٍ اسمه طليق: "إِذَا صُمْتَ فَتَحَفَّظْ مَا اسْتَطَعْتَ"، فكان طليق هذا لا يخرج من بيته وهو صائم إلّا للصّلاة، وهذا كلّه نابع عن صدق في العزيمة وصدق في الأخذ عمّن درس على يدي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الذين هم خير البشر بعد أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.[١٩]

مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان مع الاجتهاد في العشر الأواخر

لقد كان ثمة مواقف تاريخية للسلف الصالح في رمضان مع الاجتهاد في العشر الأواخر منطلقين فيها من الأحاديث المرويّة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- التي تحكي اجتهاده في العشر الأواخر من رمضان، فتروي أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم كان "إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ"،[٢٠] وقد قال بعض العلماء إنّ المقصود بشدّ المئزر التّشمير للعبادات واعتزال النساء، وعن أمّ المؤمنين عائشة كذلك أنّه "كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى الله عليه وسلَّمَ- يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، ما لا يَجْتَهِدُ في غيرِهِ"،[٢١] ولعلّ ذلك الاجتهاد في تلك الأيّام راجع لأنّ ليلة القدر قد أخفيت في هذه الأيّام العشر، فكان الصحابة ومن جاء بعدهم يسيرون على نهجه في هذه الأيّام، فقد كان عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- يصلّي في الليل في تلك الأيّام ما شاء الله له، ثمّ يوقظ أهله وهو يتلو: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}،[٢٢] وكانت امرأة أحد الصالحين تقول: "قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد وزاد قليل وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ونحن قد بقينا"، ويثستحبّ للمرء أن يوقظ أهله لقيام الليل للحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "رحمَ اللَّهُ رجلًا قامَ منَ اللَّيلِ فصلَّى، ثمَّ أيقظَ امرأتَهُ فصلَّت فإن أبَت نضحَ في وجهِها الماءَ، ورحمَ الله امرأةً قامَت منَ اللَّيلِ فصلَّت، ثمَّ أيقَظَت زوجَها فصلَّى، فإن أبى نضحَت في وجهِهِ الماءَ"،[٢٣] والله -تعالى- أعلم.[٢٤]

حال السلف مع القرآن في رمضان

بعد الوقوف مع مواقف للسلف الصالح في رمضان في عدد من العبادات فإنّ المقال يقف ختامًا مع مواقف للسلف في رمضان مع تلاوة القرآن ممّا يُصطلح أن يُطلق عليه حال السلف مع القرآن في رمضان، فلقد ذهب السلف الصالح -رضوان الله عليهم- إلى الإكثار من قراءة القرآن في رمضان اقتداءً بسيّد السلف والخلف وسيّد ولد آدم على الإطلاق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي كان يعارضه جبريل بالقرآن في كلّ عام مرّة وهي في رمضان، فسار الصحابة ومن تبعهم من التابعين وتابعيهم على هذا النهج، ومن ذلك ما كان يفعله الإمام مالك إمام دار الهجرة في رمضان؛ فقد كان يُغلق كتبه ويمتنع عن الفتيا ويُقبل على قراءة القرآن من المصحف، وكذلك كان الإمام الشافعي إذا جاء رمضان فإنّه يختم القرآن في كلّ يوم مرّتين؛ أي: ستّين مرّة في رمضان، وكان الإمام أحمد بن حنبل يختم القرآن في رمضان ختمتين في الأسبوع، وفي غير رمضان كان يختمه مرّة كلّ أسبوع،[٢٥] وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كلّ ليلتين، وأمّا قتادة السدوسي فقد كان يختم القرآن في رمضان في كل ثلاث ليالٍ، فإذا جاءت العشر الأواخر ختمه مرّة في كلّ ليلة، وفيما دون رمضان كان يختمه في كل أسبوع مرة، وأمّا الأمام البخاري فقد كان يختم القرآن في نهار رمضان كلّ يوم ختمة، ويقوم في الليل بعد التراويح بختمة كل ثلاث ليال، وغير ذلك الكثير ممّا لا يتّسع المقام لذكره هنا.[٢٦]

المراجع

  1. "تعريف و معنى السلف في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-04-2020. بتصرّف.
  2. سورة التوبة، آية: 100.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2652، حديث صحيح.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 7228، حديثٌ أخرجه ابن حبّان في صحيحه.
  5. عبد الله بن عبد الحميد الأثري، الوجيز في عقيدة السلف الصالح (أهل السنة والجماعة) (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 27.
  6. سورة الحج، آية: 32.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 759، حديث صحيح.
  8. سالم جمال الهنداوي، تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام (الطبعة الأولى)، مصر: دار الإمام الشافعي، صفحة 62. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، الصفحة أو الرقم: 2010، حديث صحيح.
  10. سالم جمال الهنداوي، تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام (الطبعة الأولى)، مصر: دار الإمام الشافعي، صفحة 63. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في صلاة التراويح، عن السائب بن يزيد، الصفحة أو الرقم: 53، حديث إسناده صحيح جدًّا.
  12. ابن الأثير، الشافي في شرح مسند الشافعي (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة الرشد، صفحة 266، جزء الثاني. بتصرّف.
  13. عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني، المصنف (الطبعة الثانية)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 261، جزء الرابع.
  14. مجموعة من المؤلفين، أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1، صفحة 481، جزء 67. بتصرّف.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2308، حديث صحيح.
  16. مجموعة من المؤلفين، أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1، صفحة 482، جزء 67. بتصرّف.
  17. سالم جمال الهنداوي، تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام (الطبعة الأولى)، مصر: دار الإمام الشافعي، صفحة 46. بتصرّف.
  18. عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني، المصنف (الطبعة الثانية)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 311، جزء الرابع. بتصرّف.
  19. أبو بكر البيهقي، شعب الإيمان (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، صفحة 248، جزء الخامس. بتصرّف.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2024، حديث صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1175، حديث صحيح.
  22. سورة طه، آية: 132.
  23. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1609، حديثٌ حسنٌ صحيح.
  24. سالم جمال الهنداوي، تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام (الطبعة الأولى)، مصر: دار الإمام الشافعي، صفحة 67.
  25. عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، موقع إسلام ويب: دروس صوتية مفرغة، صفحة 6، جزء 34. بتصرّف.
  26. مجموعة من المؤلفين، أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1، صفحة 480، جزء 67. بتصرّف.
4964 مشاهدة
للأعلى للسفل
×